من حين إلى آخر يطل اسم إبراهيم العسيرى، مهندس تنظيم القاعدة في اليمن، في الصحافة العالمية عقب كل حوادث تحطم الطائرات أو تفجيرها عن بعد، وكان آخرها حادث سقوط طائرة مصر للطيران فى البحر المتوسط. "العسيري" المطلوب دوليا، هو صاحب استخدام تكتيك القنبلة المجهرية التي يمكن زراعتها في جسد أحد ركاب الطائرة، دون أن تتعرف عليها أجهزة الكشف والمسح بالمطارات. وكان لنجاحات العسيري التقنية باعتماد القنابل المجهرية التي لا تتطلب سوى عشرات الجرامات التي يُمكن وضعها في الأحذية، وحتى في الجسم البشري، دوره الحاسم في اعتماد الولاياتالمتحدة والاحتلال الإسرائيلي، ما يعرف بتقنية الماسحات للأجسام البشرية، التي أثارت الكثير من الجدل منذ اعتمادها في 2010، قبل أن تسحبها في 2013، لقلة فاعليتها من جهة، وللرفض الكبير والجدل الذي أثارته في مختلف أنحاء العالم. وطرح اسم إبراهيم العسيري بقوة خلال تفجير الطائرة الروسية فى سيناء باعتباره العقل المدبر لعملية التفجير، ووفقا للسيناريوهات المطروحة بقوة فإن االطائرة تم استهدفها عن طريق «قنبلة مجهرية» تم ذرعها في جسد أحد ركاب الطائرة، أو تسريب حقيبة تحوي مادة متفجرة إلى داخل الطائرة وإخفائها عبر استخدام مادة «السيليكون» التي تُستعمل في الجراحات التجميلية، ولا يمكن اكتشافها. ويشكل إبراهيم العسيري، كبير صانعي المتفجرات التي يصعب اكتشافها في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، كابوسًا لأجهزة الأمن الدولية، بعدما كشفت معلومات استخباراتية أنه ينقل مهاراته إلى جهاديين في سوريا، وأثار ذلك ذعر الأجهزة الأمنية البريطانية، نظرًا لوجود أكثر من 500 بريطاني في سوريا. ويعتقد مسؤولون في المخابرات الأمريكية (سي أي آيه) أن العسيري، كبير صانعي العبوات في القاعدة في اليمن، يسعى إلى تطوير قنبلة يصعب على أجهزة أمن المطارات كشفها، من خلال زرع متفجرات داخل الجسد البشري. قنابل غير معدنية وقالت صحيفة صنداي تايمز البريطانية إن إبراهيم العسيري درب جهاديين أوروبيين في سوريا على تنفيذ هجمات انتحارية بعد عودتهم لدولهم. ويعتقد مسؤولون في الاستخبارات أن العسيري يقف وراء القنابل غير المعدنية التي صممت للإفلات من الإجراءات الأمنية. وتقول الصحيفة إن خطة العسيري لتطوير قنابل يصعب اكتشافها دقت ناقوس الخطر الدولي في المطارات، من المتوقع أن تتسبب في ازعاج السيّاح البريطانيين والمسافرين إلى الولاياتالمتحدة من اوروبا. وتستعرض تايمز نماذج المتفجرات التي يعتقد أن العسيري كان وراء تصنيعها في السابق، ومنها جهاز بلاستيكي معبأ بمادة كيميائية متفجرة، يمكن إخفاؤه في الملابس الداخلية وقد تم استخدامه على رحلة من أمستردام إلى ديترويت في ليلة عيد الميلاد عام 2009، لكن القنبلة لم تنفجر بشكل كامل وأصابت مفجرها فقط. وتقول الصحيفة إن هناك مخاوف من 500 جهادي بريطاني، يمثلون أغلبية المقاتلين الاجانب في سوريا، دربوا على شن عمليات إرهابية في بريطانيا. الأول على اللائحة ولد إبراهيم حسن العسيري، الملقب ب"أبو صالح"، في أبريل 1982، في الرياض، وله أربعة أشقاء وثلاث شقيقات. وفي 2007، انضم وشقيقه الأصغر سنًا، عبدالله، إلى تنظيم القاعدة في اليمن، وبرز فيه خبيرًا في صناعة المتفجرات، بعد اندماج جناحي القاعدة اليمني والسعودي، ليشكّلا تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. قليلة هي المعلومات عن بدايات حياته، لكنه سجن في السعودية بعد محاولته دخول العراق للانضمام إلى المسلحين الإسلاميين هناك. ونقلت تقارير صحفية، وردت في منشور لتنظيم القاعدة في سبتمبر 2009، عن العسيري قوله: "وضعوني في السجن، ومن طريقة استجوابي، أدركت مدى تأييد السعوديين للصليبيين وكراهيتهم للمسلمين الحقيقيين"، على حد قوله. في عام 2007، كانت أسرته تعيش في مكةالمكرمة، حين اعتبر وأخوه الأصغر عبد الله في عداد المفقودين، وقال والدهما حسن لصحيفة "سعودي جازيت" الناطقة بالانجليزية إنهما غادرا بينما كانت العائلة تنوي الانتقال إلى الرياض، "ثم اتصل بي عبدالله ليقول إنه خارج البلاد، من دون أن يحدد في أي بلد هو، ومنذ ذلك الحين انقطعت أخبارهما، حتى رأينا صورهما في لائحة المطلوبين في السعودية". وكان اسم إبراهيم الأول على لائحة 83 مطلوبًا، بينما اسم عبدالله كان الأربعين على اللائحة نفسها. وقد نجا إبراهيم العسيري من الموت أكثر من مرة في اليمن، فكلما ظن الأمريكيون أنه مات، كان يظهر من جديد. ويعتقد مسؤولون أمريكيون أنه درب جيلًا من أنصاره، وهم جاهزون للحلول مكانه. محاولات متكررة وأبو صالح مسؤول عن عمليات انتحارية متعددة. ففي أغسطس 2009، حاول انتحاري اغتيال نائب رئيس وزير الداخلية السعودي، محمد بن نايف مساعد، بقنبلة مصنوعة من مادة PETN المتفجرة، ليتضح في ما بعد أن الانتحاري هو عبدالله، وأن العسيري قام بتجهيز شقيقه بنفسه. وكان عبدالله سرب لأجهزة الأمن السعودية خبر نيته تسليم نفسه للسلطات، شريطة أن يتم ذلك لوزير الداخلية شخصيًا. فنقل على متن طائرة خاصة إلى جدة، ليلتقي به نائب وزير الداخلية في مكاتب الوزارة هناك. وبعد عملية التفجير، أبرزت الصور أن جسد عبدالله قد انشطر نصفين بسبب عزم القنبلة المخبأة في ملابسه الداخلية. وفي ديسمبر 2009، حاول النيجيري عمر فاروق عبدالمطلب تفجير طائرة متجهة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية بقنبلة مخبأة في ملابسه الداخلية، إلًا أنها لم تنفجر، ما ساعد مكتب التحقيقات الفيدرالي في التعرّف على بصمة العسيري الموجودة على القنبلة. وفي أكتوبر2010، عُثر على طردين كل منهما يضم عبوات حبر للطابعات، محشوة بالمادة المتفجرة نفسها، على متن طائرتين في طريقهما من اليمن إلى شيكاغو. ويقول كريستوف نودان، العالم المتخصص في الجريمة والخبير في الأمن الجوي، أن العبوتين عبرتا كل أجهزة المراقبة ولم يتم اكتشافهما إلا بعدما اخترقت أجهزة الاستخبارات السعودية، عبر أحد المخبرين، تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وحصلت على رقم الرحلة، ورقم الطرد، فضبطت واحدة في مطار دبي والثانية في مطار لندن. وفي أبريل 2012، اكتشفت الاستخبارات الأمريكية نسخة من قنبلة الملابس الداخلية من دون معادن خلال عملية تفتيش مباغتة. قنبلة الجسد قالت ديلى تليجراف البريطانية إن أجهزة الأمن في مطارات بريطانياوالولاياتالمتحدة ودول أخرى عززت من جهودها وسط مخاوف من قيام تنظيم القاعدة باستخدام جهاديين بريطانيين وغربيين يقاتلون في سورياوالعراق كانتحاريين. وقالت متحدثة باسم وزارة النقل البريطانية في مؤتمر صحفي: "لقد اتخذنا قرارًا بتشديد بعض الإجراءات الأمنية الخاصة بالملاحة الجوية ومن المفترض ألا يعاني أغلب المسافرين من انزعاج ملحوظ". وحث مسؤولون أمريكيون شركاءَهم على التركيز على الهواتف الذكية والأحذية في الرحلات الجوية المباشرة إلى الولاياتالمتحدة من أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. وتخشى الجهات الأمنية من أن يكون العسيري نجح في تطوير نوع جديد من الأحذية، مستعيدة محاولة البريطاني ريتشارد ريد الملقب ب"مفجر الحذاء" في العام 2001 تفجير مواد معبأة في حذائه على متن رحلة خطوط جوية أمريكية من باريس إلى ميامي. لم تنفجر القنبلة، وحكم على ريد بالسجن مدى الحياة في وقت لاحق. وأشارت تلجراف إلى وجود مخاوف من أن يحاول العسيري تطوير قنبلة الجسد، حيث يتم زرع المتفجرات جراحيًا للمتطوعين المتعصبين. وتأتي التحذيرات من قبل خبراء في الولاياتالمتحدة انتقدوا المملكة المتحدة لفشلها في التصدي للشباب المسلم المتوجه إلى سورياوالعراق للانضمام إلى الجماعات المتطرفة. لا مفر منها قال السير مالكوم ريفكايند، رئيس اللجنة البرلمانية المشرفة على عمل وكالات الاستخبارات البريطانية، أن الاجراءات الأمنية التي تم فرضها في المطارات "لا مفر منها، فالجهاديون يطورون تقنيات شيطانية لابتكار أجهزة أكثر تطورًا من أي وقت مضى للتهرب من الإجراءات الأمنية الحالية". ونقلت صنداي تيلجراف عن ريفكايند تنبيهه من مخاطر التراخي في مواجهة فشل الإرهابيين في شن أي هجوم ناجح يوقع إصابات جماعية كبيرة في المملكة المتحدة، منذ تفجيرات السابع من يوليو في لندن، في العام 2005. وقال: "ليس لدي أي شك أن هذه الخطوات الجديدة ليست بيروقراطية، ولا هي رد فعل مبالغ فيه. للأسف، فهي إجراءات لا مفر منها". أضاف: "من الحماقة الاعتقاد بأن التهديد صغير أو أننا تخطيناه، ففي الواقع كنّا محظوظين لكن للأسف هذا لم يكن بسبب أن الارهابيين لم يحاولوا إلحاق الأذى بنا منذ العام 2005". وأوضح البرلماني البريطاني: "كما أعلن أندرو باركر، رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية أم آي 5، فإن كل عام كانت هناك مؤامرات خطيرة، وفي حال عدم كشفها واحباطها كانت ستوقع العديد من المواطنين البريطانيين". في غاية التعقيد في الأول من مايو2011، مع اقتراب الذكرى الأولى لمقتل أسامة بن لادن، وصل تقرير استخباري مشترك من القيادة الشمالية في الجيوش الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالية والأمن القومي يثير مخاوف من مخطط إرهابي للقاعدة، تنفذه على محاور عدة، منها استهداف الطائرات الغربية. وقال مسؤولون أمريكيون إنهم كشفوا مخططًا مؤخرا لزرع قنبلة على متن طائرة أمريكية، مماثلة للقنبلة التي ارتداها عمر فاروق عبدالمطلب تحت ثيابه في العام 2009. تم تخطيط الاعتداء في اليمن، لكن تم كشفه سريعًا، إذ لم يكن الانتحاري المختار لتنفيذه إلا مخبرًا سعوديًا. أما القنبلة فيقول المسؤولون الأمريكيون إنها كانت في غاية التعقيد، وإن الشحنة الناسفة فيها قادرة على تدمير الطائرة بالكامل، وكان يمكن تفجيرها بطريقتين. ولم تحتو هذه القنبلة على أي معادن، وما كانت أجهزة الاستشعار ستكشفها في المطارات، وكانت تحمل بصمات ابراهيم العسيري الظاهرة. تجميد ممتلكات وفي إطار محاولاتها المستمرة للحد من أعداد البريطانيين المتزايدة، الذين ينضمون إلى صفوف المجموعات الإرهابية المسلحة في سوريا، جمدت السلطات البريطانية ممتلكات مواطنين بريطانيين يعتقد أنهم انضموا لصفوف المجموعات الإرهابية في سوريا. وكشفت هيئة الإذاعة البريطانية أن وزارة المالية البريطانية فرضت عقوبات على ثلاثة بريطانيين، بينهم اثنان من كارديف التي ذاع صيتها اخيرًا إثر اعتقال عدد من الشبان البريطانيين فيها الذين انضموا إلى صفوف المجموعات الإرهابية المسلحة في سوريا أو يعتزمون التوجه إليها. وشملت قائمة الأشخاص الذين تم تجميد ممتلكاتهم ناصر مثنى ورياض خان اللذين يبلغان من العمر 20 عامًا من مدينة كارديف، كما شملت القائمة أيضًا شخصًا ثالثًا من مدينة أبردين يدعى روح الأمين. لا عودة وبعد تزايد التحذيرات الدولية من مخاطر الإرهابيين الأجانب الذين يقاتلون في صفوف المجموعات المسلحة في سوريا، وعودة هؤلاء إلى بلدهم الأم، بدأت دول عدة وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا والولاياتالمتحدة باتخاذ إجراءات أمنية لمنعهم من العودة والحد من تدفقهم إلى سوريا. ونفذت الشرطة البريطانية 65 عملية اعتقال لمقاتلين بريطانيين توجهوا إلى سوريا على مدى الأشهر ال18 الماضية بما في ذلك 40 عملية اعتقال في الأشهر الثلاثة الأولى فقط من هذا العام. وكشف مصدر أمني أمريكي لCNN أن الأجهزة التي تتولى التحقيق في قضية الطرود المفخخة التي جرى رصدها في الكثير من المطارات الدولية، خلال محاولة إدخالها جوا إلى الولاياتالمتحدة، من صنع إبراهيم حسن العسيري. وقال المصدر إن العسيري، موجود على الأرجح في اليمن، في حين ذكر ناطق باسم الخطوط الجوية القطرية أن الطرد المفخخ الذي ظهر في دبي، كان قد وصل إليها جوًا بعدما جرى نقله على متن طائرتي ركاب، وذلك بعد ساعات من تأكيد الإمارات أن الطرد نُقل من اليمن على متن الطيران القطري. ويميل محققون أمريكيون للاعتقاد بأن مُخطط عملية تفجير طائرة أمريكية أثناء هبوطها في مطار "ديترويت" ليلة أعياد الميلاد، هو العقل المدبر للطرود الناسفة المرسلة من اليمن، والتي رصدتها دبيوبريطانيا قبيل الوصول لوجهتها وهي دور عبادة يهودية في إلينوي.