في 30 أغسطس من كل عام، تحتفل الأممالمتحدة باليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، وبالطبع تترك الحروب والأزمات بصماتها، وكان من بين ضحاياها مئات الآلاف من المفقودين أو المختفين، فضلا عن القتلى والجرحى والخسائر المادية، حيث تشكل هذه المناسبة فرصة لتسليط الضوء على هذه المأساة الإنسانية وعلى جهود كافة الأطراف المعنية لمكافحة هذه الظاهرة، ورفع الوعي العام بها، والدعوة إلى زيادة التبرعات للعمل في مجالات تعزيز حقوق الإنسان. ولم تسلم سوريا من الإختفاء القسرى فهناك آلاف السوريين، مجهولين لايعلم أحد عنهم شيئًا، وتبقي صيحات المنظمات حقوقية والمدنية السورية، تطالب بضرورة العمل على إنهاء مأساة عشرات الآلاف من المختفين قسريا في بلادهم وتقديم جميع سبل الدعم الممكنة للآلية الدولية المحايدة والمستقلة للمساعدة في التحقيق ومقاضاة المسؤولين عن أكثر الجرائم خطورة، والمرتكبة في سوريا منذ مارس سنة 2011، وفق القانون الدولي. وتحت عنوان "أين هم؟" أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا الاختفاء.. "الإختفاء القسرى" فى 2011 بدأت الولا يات المتحدة فى تنظيم إختفالات باليوم العالمى للإختفاء القسرى، بعد أن تبنت الجمعية العامة اتفاقية دولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2010، وطلبت من الأمين العام ومفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان أن يواصلا جهودهما المكثفة لمساعدة الدول على أن تصبح أطرافا في الاتفاقية بهدف تحقيق الانضمام العالمي إليها. الولاياتالمتحدة إختفاء غامض لبعض العناصر فى العديد من الأسر، هذا هو المعنى الحقيقي للاختفاء القسرى، إذ يختفي الناس بكل معنى الكلمة من حياة ذويهم وأحبتهم ومجتمعاتهم فجأة ودون سابق إنذار عندما يختطفهم أشخاص من الشارع أو المنزل، ثم ينكرون وجودهم في عهدتهم أو يرفضون الكشف عن أماكن تواجدهم.. وفي كثير من الأحيان لا يفصح منفذو هذا العمل عن هويتهم، أو السلطة التي يأتمرون بأوامرها، ولا الأسباب التي دفعتهم إلى هذا العمل، وهكذا يبدأ الفصل الأول من مأساة الاختفاء القسري،، وتستذكر الأممالمتحدة في هذا اليوم العالمي، مئات الآلاف من الضحايا الذين اختفوا وما زالوا يختفون كل يوم في مناطق مختلفة من العالم جراء هذه الجريمة التي تمتهن كرامة الإنسان، وتنتهك أبسط حقوقه المتعارف عليها دوليا. عدم محاكمتهم ولايخضع ضحايا الاختفاء القسري عادة إلى محاكمات، حتى عندما تتولى عملية الإخفاء أجهزة رسمية، وإن خضعوا إليها فهي محاكمات شكلية تحكم عليهم بسجن لا يشبه السجون، فلا اتصال لهم بالعالم الخارجي، ولا دليل على وجودهم أصلا بالنسبة إلى هذا العالم.. وقد يحكم عليهم بموت مباشر، مع موت أي معلومات عنهم، لكنهم يبقون هكذا معلقين بالنسبة إلى الأهل، الذين يترقبون في حيرة، طيلة سنوات أحيانا، وصول أخبار عن ذويهم قد لا تأتي أبدا، لتبقى عواطف الأهل متأرجحة بين الأمل واليأس، ويدرك الضحايا جيدا أن أسرهم لا تعرف شيئا عما حل بهم، وأن فرص حضور من يمد لهم يد المساعدة ضئيلة أو ربما معدومة. المعطيات المتوفرة للمؤسسات الدولية حول ضحايا الاختفاء القسري تشير إلى تفاقم هذه الجريمة حول العالم.. أما الضحايا فهم من الجنسين، ومن كل الشرائح العمرية، كبارا وأطفالا، ومن مختلف الطبقات الاجتماعية. وتقول الأممالمتحدة إن الاختفاء القسري لا يسلب ضحاياه حريتهم فحسب، بل يزج بهم في أقبية احتجاز سرية، وغالبا ما يعيشون في خوف دائم من الفتك بحياتهم، وحتى إذا أُطلق سراحهم في نهاية المطاف، فلن تفارقهم الآلام البدنية والنفسية طيلة ما تبقى من عمرهم. الخاطف مجهولا ومن الواضح أن العامل المشترك بين ضحايا الاختفاء القسري هو بقاء الخاطف مجهولا في كثير من الأحيان، وبقاء المخطوف مجهول المصير، بينما تنقلب حياة أهله وذويه رأسا على عقب.. وقد يبقى الوضع على هذا الحال طويلا وربما إلى الأبد، وكثيرا ما تزداد محنة أسر الضحايا جراء العواقب المادية للاختفاء القسري، ذلك أن الشخص المختفي غالبا ما يكون هو العائل الرئيسي للأسرة، وقد يكون هو الفرد الوحيد في العائلة الذي يستطيع زراعة الأرض أو إدارة المشروع التجاري للأسرة، وهكذا يتفاقم الاضطراب العائلي باقترانه بالحرمان المادي الذي تشتد حدته نتيجة التكاليف الإضافية التي تتحملها الأسرة إذا قررت البحث عن عائلها المختفي. كما إن للاختفاء القسري آثاره القاسية على النساء والأطفال، فالزوجات والأمهات والأطفال هم الذين يتحملون في معظم الأحيان عواقب الاختفاء القسري، وهم الأشخاص الأكثر تضررا منه، ناهيك عما يمكن أن يتعرضوا له من أضرار ومعاناة إذا ما اختفوا هم أنفسهم.