لم يقتصر الاحتفال بعيد شم النسيم على مصر فقط على كونه عيدًا فرعونيا، ولكن هناك شعوب أخرى تحتفل به ولكن بصور ومسميات مختلفة، وفيما يلي نبذه عن عيد شم النسيم تاريخيًا واجتماعيًا في كل شعوب العالم. أولا: تاريخه وطقوسه في المجتمع المصري يرجع الاحتفال بعيد شم النسيم إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام أي في عام (2700 ق.م) منذ أواخر الأسرة الثالثة الفرعونية، وظل الاحتفال به إلى الآن، وهنالك مؤرخون يرجعون الإحتفال به إلى عصر ما قبل الأسرات، اعتقادًا منهم أن هذا العيد كان معروفًا في مدينة هليوبوليس "أون". وتعود تسمية العيد بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية "شمو" وهي كلمة مصرية عند القدماء المصريين تعني (إلى بعث الحياة)، حيث كانوا يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان، وبدأ الخليقة للعالم بأكمله. ولكن على مر العصور تعرض الاسم للتحريف، وأضيفت إليه كلمت "النسيم" لارتباط هذا اليوم باعتدال الجو وطيب الرياح. وكان المصريون يحتفلون في هذا اليوم بإقامة حفل كبير يعرف بالانقلاب الربيعي، ويعني تساوي الليل والنهار وقت حلول الشمس في برج الحمل، فكانوا ييجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم قبل الغروب ليشهدوا غروب الشمس حيث يظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب مقتربًا تدريجيًا من قمة الهرم، حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم. ومن أهم مظاهر الاحتفال بهذا اليوم الخروج، والتنزه في الحدائق، والمتزهات، والاستمتاع بجمال الطبيعة. ومن أشهر المأكولات التي يتناولها المصريون في ذلك اليوم (البيض، والفسيخ "السمك المملح"، والخس، والبصل، والملانة "الحمص الأخضر"). حيث إن هذه الأطعمة كانت تمثل عند القدماء المصريين الخلق والخصوبة والحياة. ثانيًا: شم النسيم وتاريخه وطقوسه عند الشعوب الأخرى أخذ اليهود عن المصريين احتفالهم بهذا العيد، حيث كان وقت خروجهم من مصر – في عهد "موسى" – في نفس يوم الاحتفال بشم النسيم. وقد استغل اليهود ذلك الاحتفال حتى لا يشعر أحد بهروبهم لما كان معهم من ذهب وثروة سلبوها من المصريين؛ لانشغالهم بالاحتفال بعيدهم، ويصف ذلك "سِفْر الخروج" من "العهد القديم" بأنهم: "طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابًا، وأعطى الرَّب نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم. فسلبوا المصريين". اتخذ اليهود ذلك اليوم عيدًا لهم، وجعلوه رأسًا للسنة العبرية، وأطلقوا عليه اسم "عيد الفِصْح" – وهو كلمة عبرية تعني: الخروج أو العبور – تيمُّنًا بنجاتهم، واحتفالًا ببداية حياتهم الجديدة. وعندما دخلت المسيحية مصر جاء "عيد القيامة" موافقًا لاحتفال المصريين بعيدهم، فكان احتفال المسحيين "بعيد القيامة" – في يوم الأحد، ويليه مباشرة عيد "شم النسيم" يوم الإثنين، وذلك في شهر "برمودة" من كل عام. وسبب ارتباط عيد شم النسيم بعيد القيامة هو أن عيد شم النسيم كان يقع أحيانا في فترة الصوم الكبير ومددتة 55 يوما كانت تسبق عيد القيامة ولما كان تناول السمك ممنوع على المسيحين خلال الصوم الكبير وأكل السمك كان من مظاهر الاحتفال بشم النسيم فقد تقرر نقل الاحتفال به إلى ما بعد عيد القيامة مباشرة. ومازال هذا التقليد متبعا حتى يومنا هذا. واستمر الاحتفال بهذا العيد في مصر بعد دخول الإسلام تقليدًا متوارثًا تتناقله الأجيال عبر الأزمان والعصور، يحمل ذات المراسم والطقوس، وذات العادات والتقاليد التي لم يطرأ عليها أدنى تغيير منذ عصر الفراعنة وحتى الآن.