تحوّل تاريخي: فصائل فلسطينية تسلم سلاحها الثقيل في جنوب لبنان

أعلنت اللجنة المكلفة بالحوار اللبناني-الفلسطيني عن إنجاز خطوة محورية نحو نزع السلاح داخل مخيمات اللاجئين، حيث جرى تسليم دفعات من الأسلحة الثقيلة التابعة لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية. هذا التطور البارز، الذي تم جنوب نهر الليطاني، شمل مخيمات الرشيدية، والبص، والبرج الشمالي، ووضعت الأسلحة بالكامل تحت عهدة القوات المسلحة اللبنانية.
يأتي هذا الإعلان في إطار خطة متفق عليها بين الجانبين، بهدف استكمال عملية تسليم السلاح في جميع المخيمات المتبقية. وأكدت اللجنة في بيان لها أن هذه الخطوة تعد محطة أساسية تؤكد على الجدية التامة في هذا المسار، وأن عملية تسليم السلاح "لم يعد من الممكن التراجع عنها"، باعتبارها خيارًا استراتيجيًا وثابتًا.
وتؤكد هذه العملية على الانتقال إلى مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية، قائمة على الشراكة والتعاون من أجل الحفاظ على الاستقرار الوطني واحترام السيادة اللبنانية. وقد أشار المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إلى أن هذه الدفعة هي الثانية التي يتم تسليمها للجيش اللبناني.
تحليل إخباري
تمثل عملية تسليم الأسلحة الثقيلة من قبل فصائل فلسطينية في مخيمات اللاجئين لحظة فارقة في المشهد الأمني والسياسي. هذا التطور ليس مجرد إجراء روتيني، بل هو مؤشر على تحول عميق في العلاقة بين الطرفين، وربما بداية لنهاية مرحلة طويلة من التوتر والغموض حول ملف السلاح الفلسطيني خارج إطار الدولة.
تكتسب هذه الخطوة أهمية خاصة كونها تتم في منطقة حساسة، جنوب الليطاني، التي شهدت تاريخيًا أحداثًا أمنية وعسكرية معقدة. تسليم السلاح الثقيل يبعث برسالة واضحة حول الالتزام الجاد من قبل الفصائل الفلسطينية بإزالة التسلح غير الشرعي، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تعزيز الثقة بين الجانبين وفتح آفاق جديدة للتعاون.
كما أن هذا الإنجاز يعكس إرادة سياسية قوية من قبل الطرفين لحل القضايا العالقة سلميًا، بعيدًا عن المواجهات التي كانت سمة الماضي. إن تأكيد البيان على أن هذه الخطوة هي "خيار استراتيجي ثابت" يعني أن المسار الحالي ليس مجرد تكتيك مؤقت، بل هو قرار مصيري يسعى إلى إعادة دمج المخيمات ضمن النسيج الأمني والسياسي للبلاد. في النهاية، يمكن أن يمهد هذا التحرك الطريق أمام نموذج جديد للعلاقات الثنائية، يقوم على أساس احترام السيادة المتبادلة وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار للجميع.