يستعرض البنك المركزي المصري، غدًا الأحد، السياسات النقدية في ظل التطورات العالمية، وذلك خلال فعاليات المؤتمر الاقتصادي الذي تعقده الحكومة بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ لوضع إستراتيجية شاملة لدعم الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبل، ويستمر المؤتمر لمدة 3 أيام. ومن المقرر أن يستعرض محافظ البنك المركزي حسن عبد الله خلال الجلسة الثالثة من فعاليات اليوم الأول للمؤتمر غدًا، ملامح وأبعاد أزمة التضخم العالمية الراهنة وتداعيات الأزمة الروسية -الأوكرانية على تفاقم التضخم في العالم إلى جانب السياسات والتدابير التي اتخذها صانعو السياسات النقدية حول العالم لكبح جماح التضخم وانعكاس أسعار الفائدة على الأوضاع في الأسواق الناشئة بجانب الجهود التى اتخذتها الدولة المصرية للحد من آثار وتداعيات ارتفاع الأسعار. وتستهدف الجلسة الوقوف على الأبعاد المختلفة لمشكلة التضخم العالمية وانعكاساتها على دول العالم والتعرف على أبرز الجهود والسياسات المبذولة من قبل صانعي السياسات النقدية في العالم لكبح جماح التضخم، والحد من ارتفاع الأسعار، واستشراف الرؤى والحلول العملية على صعيد السياسات الاقتصادية للتعامل مع التحديات التي فرضتها الأزمات الاقتصادية بما يعزز من مصداقية سياسة استهداف التضخم. ورصدت ورقة بحثية سيتم تقديمها خلال المؤتمر، الإجراءات التي تم اتخاذها خلال الفترة الماضية والتي ساهمت في تخفيض معدلات التضخم حيث أعلن البنك المركزي– لأول مرة في تاريخه– في مايو 2017 عن مستهدفات مرنة للتضخم العام، لينتقل الاقتصاد المصري تدريجيًا إلى مستوى منخفض ومستقر للتضخم على المدى المتوسط. وقام البنك المركزي بالإعلان عن رقم مستهدف للتضخم 13% ( + أو – 3) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2018 استتبعه معدل مستهدف يبلغ 9 % ( + أو – 3 ) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2020 ثم معدل مستهدف 7 % (+ أو – 2% ) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022، مع استمرار البنك المركزي في استهداف معدلات التضخم للوصول الى معدل منخفض ومستدام على المدى المتوسط. ونتيجة لتلك السياسات الإصلاحية التي تبنتها الدولة وانخفض معدل الضخم تدريجيًا حتى بلغ 5 %عام 2020 قبل أن يعاود الإرتفاع مرة أخرى ليواجه موجة تضخمية أخرى نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية. وأوضحت الورقة البحثية انه في أعقاب تداعيات تلك الأزمة، وتسارعت معدلات التضخم في مصر بشكل كبير؛ بسبب تعطل امدادات الغذاء والطاقة من روسيا وأوكرانيا خاصة وأن مصر تعد أكبر مستوردي القمح في العالم، حيث ارتفع معدل التضخم (الحضر) على أساس سنوي من 8.8% في فبراير 2022 إلى 15% في سبتمبر ا2022 وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء. وأشارت إلى أن صدمات العرض الناتجة عن الأزمة الروسية الأوكرانية وما استتبعها من تداعيات على سعر الصرف أدت إلى ارتفاع احتمالية تخطي معدل التضخم للمعدل المستهدف له في الربع الرابع من عام 2022، كما كان للأثار الثانوية لتلك الصدمات تداعيات على أسعار السلع والخدمات بشكل عام، حيث أدت إلى ارتفاع أسعار المحلية لكل من الطاقة والسلع الاستهلاكية والخدمات والسلع الغذائية بشكل واسع النطاق. ونوهت بأن المعدل السنوي للتضخم الأساسي المعد من قبل البنك المركزي، قد سجل معدلات أعلى من معدلات التضخم العام منذ يونيو 2022 مما يشير إلى انتقال الضغوط التضخمية العالمية إلى معظم السلع المحلية. وأشارت الورقة البحثية إلى أن البنك المركزي المصري يقوم باستخدام كافة أدواته للحد من الضغوط التضخمية، مثل رفع أسعار العائد الأساسية للبنك 300 نقطة أساس بشكل تراكمي منذ مارس 2022 ليسجل سعر العائد الأساسي للإيداع وسعر العائد الأساسي للإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي 11.25% و12.25% و11.75%. ورفع البنك المركزي المصري نسبة الاحتياطي الإلزامي ( الذي تلتزم البنوك بالاحتفاظ به لدى البنك المركزي ) من 14% الى 18%، مع تأكيد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي استمرارها عن كثب في متابعة كافة التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية وأنها لن تتردد في استخدام كافة أدواتها النقدية لتحقيق أهداف استقرار الأسعار. وتطرقت الورقة البحثية إلى الإجراءات التي اتخذتها الدول الكبرى لكبح جماح التضخم لديها، حيث أعلن مجلس الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي في 21 سبتمبر 2022 رفع سعر الفائدة مرة الخامسة خلال العام الجاري، حيث رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة، وذلك بعدما رفعها بمقدار 75 نقطة في يونيو الماضي ومن بعده يوليو، وكان ذلك هو أول رفع لسعر الفائدة في الولاياتالمتحدةالأمريكية بهذا المقدار منذ عام 1994. وأعلن البنك المركزي الأوروبي في 8 سبتمبر 2022 عن إجراء أكبر رفع في أسعار الفائدة في تاريخه لمكافحة التضخم القياسي، حيث رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس تصل إلى 1.25 نقطة، كما أعلن البنك المركزي الأوروبي في يونيو الماضي إنهاء دعمه النقدي للاقتصاد بعد سنوات من شراء السندات، وسط وعود بمزيد من الزيادات في أسعار الفائدة، مع إعطاء الأولوية لمكافحة التضخم. ورفع بنك إنجلترا في 22 سبتمبر الماضي سعر الفائدة الرئيسية بمقدار 50 نقطة أساس لتصل إلى 2.25% وسط سلسلة من الارتفاعات في أسعار الفائدة لم تشهدها بريطانيا منذ 30 عاما حيث تعتبر زيادة أسعار الفائدة الأخيرة، السابعة على التوالي منذ ديسمبر الماضي. وعلى صعيد الأسواق الناشئة، في شهر مايو 2022 رفعت البنوك المركزية في 11 سوقًا من الأسواق الناشئة الرئيسية معدلات الفائدة، واستمرت معظم البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة حتى أغسطس 2022 ، وكان الاستثناء الرئيسي من ذلك هو البنك المركزي التركي ، الذي خفض سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس رغم بلوغ معدل التضخم في تركيا 80%، كما قام بنك الشعب الصيني أيضا بتخفيف العديد من معايير الإقراض لدعم سوق العقارات. وأكدت غالبية البنوك المركزية في الأسواق الناشئة استمرارها في تشديد السياسة النقدية لكبح جماح التضخم.