عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم ببداية تعاملات الاثنين 27 أكتوبر 2025    استقرار نسبي في أسعار الأسمنت اليوم الإثنين 27أكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    وزارة الخارجية تستقبل وفدا من رؤساء المجالس التنفيذية لبرامج الأمم المتحدة (صور)    ذكرى إلغاء اتفاقية 1899، لحظة استرداد السيادة المصرية على وادي النيل    الاتحاد السكندري يسعى لعبور وادي دجلة للابتعاد عن صراع المراكز الأخيرة    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    رضا عبد العال: خوان بيزيرا " الحسنة الوحيدة" في تجربة جون إدوارد مع الزمالك.. ومجلس الإدارة "ملوش دور"    النيابة العامة تباشر التحقيق مع متهمين استغلا مشاجرة بالمنيا للتحريض الطائفي    حالة الطقس اليوم الإثنين.. أجواء خريفية على كافة الأنحاء    مصرع شاب بطلقات نارية على يد شقيقه فى قنا    بالأسماء.. 27 مصابًا في حادث تصادم أتوبيس مع سيارة نقل بطريق «الزعفرانة - رأس غارب»    اليوم.. نظر محاكمة 4 متهمين بقضية خلية حدائق القبة    اتحاد المبدعين العرب: المتحف الكبير يجسد عبقرية المصري القديم وريادة مصر الحديثة    فريدة سيف النصر تعلن تفاصيل عزاء شقيقها اليوم    بطولة محمد سلام.. التفاصيل الكاملة لمسلسل «كارثة طبيعية» قبل عرضه الأربعاء    يعرض قريبا، كل ما تريد معرفته عن مسلسل سنجل ماذر فاذر    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 27اكتوبر 2025 فى المنيا    وجبات عشاء خفيفة لا تسبب زيادة في الوزن    ترامب: أغادر ماليزيا بعد توقيع اتفاقيات تجارية وصفقات للمعادن النادرة    التنظيم والإدارة ينتهي من عقد الامتحانات الإلكترونية للمتقدمين لوظيفة مدير عام بمصلحة الضرائب    شعبة السيارات: الوكلاء يدفعون ثمن المبالغة في الأسعار.. والانخفاضات وصلت إلى 350 ألف جنيه    بسبب خناقه مخدرات.. تحقيق عاجل مع سيدة قتلت نجلها ببولاق الدكرور    مستند رسمي.. عضو اتحاد الكرة السابق ينشر خطاب إيقاف دونجا في السوبر (صورة)    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    قوات الدعم السريع السودانية تعلن سيطرتها الكاملة على مدينة الفاشر    عاد إليها بعد إصابتها بالسرطان.. الفنان ياسر فرج يروي تفاصيل ابتعاده 5 سنوات لرعاية زوجته الراحلة    مباريات اليوم الإثنين بمجموعتي الصعيد بدوري القسم الثاني «ب»    دبابة إسرائيلية تطلق النار على قوات اليونيفيل جنوب لبنان    فنزويلا: اعتقال مرتزقة مرتبطين بالاستخبارات الأمريكية فى ترينيداد وتوباغو    بسملة علوان ابنة القليوبية تحصد المركز الثاني ببطولة الجمهورية للكاراتيه    «الموسيقى العربية» يسدل الستار على دورته ال 33    مصرع شخص سقط من الطابق الرابع بمنطقة التجمع    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 27 أكتوبر    "ديلي تلجراف": لندن تبحث إقامة شراكة نووية مع ألمانيا تحسبًا لتراجع الدعم الأمني الأمريكي    «الداخلية» تضبط «دجال» بتهمة النصب على المواطنين في الإسكندرية    وصفة «الميني دوناتس» المثالية لأطفالك في المدرسة    عبد الحفيظ: لا أميل لضم لاعب من الزمالك أو بيراميدز إلا إذا..!    أمين عام حزب الله يتحدث عن إمكانية اندلاع حرب جديدة مع إسرائيل    التوقيت الشتوي،.. نظام يساعد الأطباء على تحسين جودة الخدمة الطبية وتوازن الحياة العملية    لاتسيو يقهر يوفنتوس.. وتعادل مثير بين فيورنتينا وبولونيا في الدوري الإيطالي    الداخلية تضبط شخصين استغلا مشاجرة بين عائلتين بالمنيا لإثارة الفتنة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    «عائلات تحت القبة».. مقاعد برلمانية ب«الوراثة»    عمرو أديب: موقع مصر كان وبالا عليها على مدى التاريخ.. اليونان عندها عمودين وبتجذب 35 مليون سائح    أكاديمية الفنون تُكرّم اسم الفنان السيد بدير بإعادة عرض «عائلة سعيدة جدًا»    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025    أنظمة الدفاع الروسية تتصدى لهجمات بطائرات مسيرة استهدفت موسكو    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    سعر الدولار اليوم الاثنين 27102025 بمحافظة الشرقية    "البلتاجي "على كرسي متحرك بمعتقل بدر 3 ..سر عداء السفاح السيسى لأيقونة يناير وفارس " رابعة"؟    بهدف قاتل ومباغت.. التأمين الإثيوبي يفرض التعادل على بيراميدز بالدور التمهيدي من دوري الأبطال    نمط حياة صحي يقلل خطر سرطان الغدة الدرقية    الزبادي اليوناني.. سر العافية في وجبة يومية    حماية المستهلك: ضبطنا مؤخرا أكثر من 3200 قضية متنوعة بمجال الغش التجاري    شيخ الأزهر: لا سلام في الشرق الأوسط دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس    الجمع بين المرتب والمعاش.. التعليم تكشف ضوابط استمرار المعلمين بعد التقاعد    من هو صاحب الذهب المشتراه من مصروف البيت ملك الزوجة ام الزوج؟.. أمين الفتوى يجيب    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مختار جمعة: التعاون بين الأوقاف المصرية والسودانية ناتج عن القناعات المشتركة لمواجهة الجمود والتطرف
نشر في أهل مصر يوم 12 - 09 - 2021

محمد مختار جمعة وزير الأوقاف الدورة التدريبية الثانية المشتركة لأئمة وواعظات مصر والسودان اليوم الأحد 12 / 9/ 2021م بأكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات وإعداد المدربين، بحضور عدد من قيادات الوزارة وعدد من السادة الصحفيين والإعلاميين، وبمراعاة الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية اللازمة والتباعد الاجتماعي.
وزير الأوقاف يرحب بواعظات السودان
وفي بداية اللقاء رحب محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بالأئمة والواعظات من دولة السودان الشقيقة في بلدهم الثاني مصر وبزملائهم من أئمة وواعظات جمهورية مصر العربية مؤكدًا أن هذه الدورة تأتي استكمالا لسلسلة من الدورات بين الوزارتين الشقيقتين ، مشيدًا بالتعاون المثمر بين وزارتي الشئون الدينية والأوقاف بالبلدين في مختلف المجالات.
وأشار إلى أن هذه الدورات لها أهداف عديدة منها التعرف عن قرب على تجربة جديدة من خلال المعايشة بين أئمة وواعظات مصر والسودان ، وقديما قالوا ربما تعلم الإنسان من زملائه ما لم يتعلمه من أساتذته، وربما يتعلم من طلابه مالم يتعلم من أساتذته، شريطة ألا يكون هناك كبر أو حياء من التعلم فالعلم يضيع بين شيئين الكبر والحياء، أما الكبر فعندما يظن الإنسان أنه عالم وليس بحاجة للتعلم وقد تجاوز كل مراحله وعليه أن يتوقف وأنه ليس هناك من هو أعلم منه ليتعلم منه، وقالوا: الناس ثلاثة معلم ومتعلم وهما في الأجر سواء والثالث الذي لا يعلم ولا يتعلم فلا خير فيه ، وأما الجانب الآخر وهو الحياء بأن يستحي أن يسأل وقد قالت السيدة عائشة (رضي الله عنها): نِعمَ النِّساءُ نساءُ الأنصارِ لم يمنعهنَّ الحياءُ أن يتفقَّهنَ في الدِّينِ، وقد قال العلماء العلم من المحبرة إلى المقبرة، والعلم من المهد إلى اللحد فيجب أن نطلب العلم على أيدي العلماء، فضلاً عن بركة مجالس العلم وما فيها من السكينة والبركة وقالوا إن الناس يكتبون أفضل ما يعلمون، ويحفظون أفضل ما يكتبون، ويقولون أفضل ما يحفظون، ولذلك أخذنا مبادرة التدريب العلمي المنهجي التراكمي المستمر على كل المستويات للأئمة والواعظات، كما قمنا بعمل برامج علمية متخصصة للقيادات أيضًا.
اقرأ أيضا وزير الأوقاف يشارك في الجلسة الافتتاحية للقمة العالمية لمواجهة الإرهاب
كما أشار إلى أن الوزارة حرصت على أن يكون هناك نخبة من العلماء كل في مجاله ليحاضروا في هذه الدورة المشتركة من أساتذة الدعوة، والفقه، والطب، والإعلام، والاجتماع، وغير ذلك من العلوم الحياتية ليستطيع العالم أن يأخذ بأيدي الناس، فعالم الدين يحيا حياة طبيعية بين الناس كواحد منهم.
اقرأ أيضا 450 جنيها لجميع العاملين بالأوقاف تصرف مع بداية العام الدراسي
وأكد أنه على الإمام أن يكون على درجة عالية من الثقافة والعلم حتى يكون ممن قال الله تعالى فيهم: "يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ"، وممن قال الله تعالى فيهم: " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ"، وحتى يصبح من أهل الذكر الذين قال الله تعالى فيهم: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"، فيجب أن يجتهد العالم في طلب العلم فالعلم لا يأتي بالرفاهية يقول الشاعر:
أأبيتُ سهران الدجى وتبيتُه
نومًا وتبغي بعد ذاك لحاقي؟!
وقال الشافعي رحمه الله:
أَخي لَن تَنالَ العِلمَ إِلّا بِسِتَّةٍ
سَأُنبيكَ عَن تَفصيلِها بِبَيانِ
ذَكاءٌ وَحِرصٌ وَاِجتِهادٌ وَبُلغَةٌ
وَصُحبَةُ أُستاذٍ وَطولُ زَمانِ
فعليك بمجالسة أهل العلم وأهل التقوى فقد أوصى الله تعالى نبيه فقال: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا"، مشيرًا إلى ضرورة إخلاص النية لله (عز وجل) في الدعوة إلى سبيله.
وفي الختام استعرض معاليه عددًا من إصدارات وزارة الأوقاف التي يتم تدريسها خلال الدورة التدريبية الثانية المشتركة لأئمة وواعظات مصر والسودان ومنها كتاب: (الكليات الست)، هي الدين، والوطن، والنفس، والمال، والعقل، والعرض، فالوطن لا يقل أهمية عن الكليات الخمس ، لما للوطن من أهمية بالغة لتحقيق مقاصد الشريعة ، فالدين لابد له من وطن آمن مستقر يحمله ويحميه.
ومنها كتاب (العقل والنص)، مبينًا أن الدين يسرٌ وفيه سعة ، وهذا واضح بين العلماء ، مبيناً أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم ، حيث يقول الله تعالى: "قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ".
ثم تكلم معاليه عن كتاب (الجاهلية والصحوة) ؛ مؤكدًا أن معركتنا مع الإرهاب والتطرف الفكري لم تنته بعد ، حيث صار استخدام الجماعات المتطرفة أحد أهم أدوات حروب الجيل الرابع ، ولا سيما المسلحة منها التي تتخذ من استحلال الدماء والأموال منهجًا أيديولوجيًّا وواقعيًّا تتقوت منه أو عليه.
وفي سبيل تحقيق أهدافها وأهداف من يدعمها ويمولها عمدت الجماعات المتطرفة إلى المغالطة وليّ أعناق النصوص تارةً ، واجتزائها من سياقها تارةً، وتحريف الكلم عن مواضعه تارةً أخرى.
ولعبت جماعات التطرف الديني على عواطف الشباب من خلال مصطلحات زائفة ، ظاهرها فيه شحذ الهمم وباطنها من قبله الفساد والإفساد والضلال والبهتان ، ومن الألفاظ التي حمَّلها المتطرفون ما لا تحتمل "الجاهلية" و"الصحوة".
أما لفظ الجاهلية فقد حاولت الجماعات المتطرفة إطلاقه على بعض مجتمعاتنا المؤمنة المعاصرة ظلمًا وزورًا، وهو أمر مردود عليه شكلًا ومضمونًا، أما من حيث الشكل أو من حيث اللغة، فالجاهلية التي أُطْلقت على الفترة التي سبقت ظهور الإسلام ليست من الجهل ضد العلم ، ولم يقل أحد إنها من الجهل نقيض الإيمان أو الإسلام ؛ إنما هي من الجهل نقيض الحلم.
وأما من حيث المضمون ، فمن يقول - مثلًا - عن مصر الأزهر ، مصر المساجد والمآذن ، مصر القرآن ، مصر العلم والعلماء ، مصر التي يدرس بأزهرها الشريف نحو مليوني طالب وطالبة ، ويستضيف عشرات الآلاف من الطلاب الوافدين من مختلف دول العالم لدراسة صحيح الدين ، بلد يطوف علماؤه وأئمته مختلف دول العالم لنشر صحيح الدين ، بلد يحتضن القرآن الكريم وأهله ويكرم حفظته ، إنه مجتمع جاهلي ، فلا يمكن أن يقول ذلك إلا حاقد ، أو حاسد ، أو جاحد ، أو مأجور أو مُسْتغل من أعداء الدين والوطن .
وكذلك الحال مع سائر دولنا العربية والإسلامية التي حاول المتطرفون أن يتخذوا من وصفها بالجاهلية وسيلة لإفشالها أو إسقاطها أو هدمها أو تمزيقها .
وأما لفظ (الصحوة) فقد برز كمصطلح تنظيري لجماعة الإخوان الإرهابية ومن سار في ركابها من الجماعات المتطرفة .
والصحوة في منظورهم هي صحوتهم هم ، لكن ضد من ؟ ضد أوطانهم !! قصد إضعافها وتمزيقها وتفكيك بِناها الوطنية ، لأن هذه الجماعات لا يمكن أن يكون لها وجود ولا أن تحقق أغراضها وأغراض من يمولها ويستخدمها في ظل دولة قوية صلبة متماسكة، فهي لا تقوم إلا على أنقاض الدول ، ومصلحة الجماعة عندهم فوق مصلحة الدولة ، ومصلحة التنظيم فوق مصلحة الأمة ، وفوق الدنيا وما فيها ، سلاحهم الكذب ، وبث الشائعات ، والزور والبهتان ، وغايتهم الهدم والتخريب، فهم لا يحسنون سوى الهدم ، أما البناء والعمران فهيهات هيهات ، فضلا عن أنهم لا يؤمنون بوطن ولا بدولة وطنية .
ناهيك عن دعواتهم المتكررة إلى العنف ، واستحلال الدماء ، واستباحة الأموال والأعراض ، ودعوتهم إلى هدم الأوطان ، يخادعون العامة بمعسول القول ورقيق الكلام ، مردوا على نفاق المجتمع ، واعتبروا ذلك تقية واجبة ولازمًا من لوازم المرحلة ، مما يستوجب منا مزيدًا من الفطنة والحذر ، حيث يقول الحق سبحانه : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ الله عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}، ويقول نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : "لاَ يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ".
الصحوة الحقيقية هي صحوة الأوطان والأمم ، عندما نعمرها بالبناء والتعمير ، ونرى أمتنا في مصاف الدول المتقدمة في مختلف المجالات والعلوم والفنون .
فمقياس الصحوة الحقيقي هو في مدى تقدم الدول علميًّا واقتصادًّيا ، وامتلاكها أدوات العصر ، وإسهامها في إنجازاته . فلن يحترم الناس ديننا ما لم نتفوق في أمور دنيانا، فإن تفوقنا في أمور دنيانا احترم الناس ديننا ودنيانا .
الصحوة الحقيقية أيضًا هي صحوة الضمير ، والقيم والأخلاق، عندما نُعمر الدنيا بالتسامح ، والتراحم، والتكافل، والصدق ، والأمانة ، والوفاء ، ومكارم الأخلاق ، وترجمة أخلاق الإسلام وقيمه وتعاليمه السمحة إلى واقع ملموس في دنيا الناس ، في سلوكنا وسائر شئون حياتنا ، فالأمم التي لا تبنى على القيم والأخلاق تحمل عوامل سقوطها في أصل بنائها وأساس قيامها .
الصحوة الحقيقية هي قوة انتماء الإنسان لوطنه ، وحرصه على أمنه واستقراره، فالوطن عِرض وشرف، وهو أحد الكليات الست التي حرص الشرع الحنيف على إحاطتها بسياجات متعددة من الحفظ والرعاية.
كما أن العمل على تقوية شوكة الدولة الوطنية مطلب شرعي ووطني ، فكل ما يؤدي إلى ذلك هو من صحيح معتقدنا، وكل ما يؤدي إلى الهدم والتخريب وتقويض بنيان الدول أو تعطيل مسيرتها ، أو تدمير بِناها التحتية ، أو ترويع الآمنين بها، لا علاقة له بالأديان، ولا بالقيم، ولا بالوطنية ، ولا بالإنسانية.
كما أكد أن الدين الحقيقي النقي لا يحيا في الهواء الطلق ، إذ لا بد له من دولة قوية تحمله وتحميه ، ذلك أن المشردين لا يقيمون دينًا ولا دولة .
الدين والدولة لا يتناقضان أبدًا ، الدين والدولة يتعاضدان في سبيل سعادة البشرية ، فحيث تكون مصالح البلاد والعباد والأوطان المعتبرة فثمة شرع الله .
الدين والدولة يرسخان معا أسس المواطنة المتكافئة في الحقوق والواجبات ، وأن نعمل معًا لخير بلادنا وخير الناس أجمعين ، أن نحب الخير لغيرنا كما نحبه لأنفسنا ، الأديان رحمة ، الأديان سماحة ، الأديان إنسانية ، الأديان عطاء.
الدين والدولة يتطلبان منا جميعًا التكافل المجتمعي ، وأن لا يكون بيننا جائع ولا محروم ولا عارٍ ولا مشرد ولا محتاج ولا مكروب إلا سعينا في قضاء حاجته وتفريج كربه.
الدين والدولة يدفعان إلى العمل والإنتاج ، والتميز والإتقان ، ويطاردان البطالة والكسل ، والإرهاب والإهمال ، والفساد والإفساد ، والتدمير والتخريب ، وإثارة القلاقل والفتن ، والعَمالة والخيانة.
وإن من يتوهمون صراعًا - لا يجب أن يكون - بين الدين والدولة ويرونه صراعًا محتمًا إما أنهم لا يفهمون الأديان فهمًا صحيحًا ، أو لا يعون مفهوم الدولة وعيًا تامًا ، أو لا يعون طبيعة العلاقة بينهما ، فالخلل لا علاقة له بالدين الصحيح ولا بالدولة الرشيدة ، إنما ينشأ الخلل من سوء الفهم لطبيعة الدين أو لطبيعة الدولة أو لطبيعة العلاقة بينهما .
غير أننا نؤكد على ضرورة احترام دستور الدولة وقوانينها، وإعلاء دولة القانون ، وألا تنشأ في الدول سلطات موازية لسلطة الدولة أيا كان مصدر هذه السلطات ، فهو لواء واحد تنضوي تحته وفي ظله كل الألوية الأخرى ، وهو لواء الدولة الوطنية ، أما أن تحمل كل مؤسسة أو جماعة أو جهة لواء موازيًا للواء الدولة فهذا خطر داهم لا يستقيم معه أمر الدين ولا أمر الدولة.
مؤكدًا أن كل التنظيمات المتطرفة ولا سيما المتدثرة منها بغطاء الدين هي خطر داهم على الدين والدولة ، وأن الصحوة الحقيقية تتطلب منا التفرقة بوضوح بين الثابت والمتغير، والنظر بعين الاعتبار في مستجدات العصر ومتطلباته، ومراعاة ما يقتضيه فقه الواقع ، وفقه الأولويات ، وفقه المتاح ، في ضوء الحفاظ على ثوابت الشرع الحنيف .
وفي ختام اللقاء تناول معاليه كتاب من (أسرار البيان القرآني) مؤكدًا أن القرآن الكريم كتاب الله المعجز الخالد الذى تحدى الله (عز وجل) به الثقلين ، وهو في أعلى مراتب البلاغة والفصاحة والبيان ، فلا تجد لفظة تؤدي المعنى المراد أفضل من الواردة في النص القرآني، فكل كلمة في القرآن الكريم قد وقعت موقعها ، وما قُدم أو أُخر ، أو ذُكر أو حُذف كان لغاية في البلاغة والفصاحة والبيان ، ومن هذا قول الله تعالى في سورة مريم (عليها السلام) عن سيدنا زكريا ( عليه السلام): "قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً" ، وفي سورة آل عمران : "قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا" ، ففي هذا النص القرآني الكريم عبر في سورة مريم ب(ثَلَاثَ لَيَالٍ) ، وفي سورة آل عمران ب(ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ)، ذلك أن في أيام العرب وحسابهم الليل يسبق النهار ، فالليالي سابقة على الأيام ، وهنا في سورة مريم (عليها السلام) نزلت في مكة ، وسورة آل عمران نزلت لاحقًا في المدينة ، فعبر في سورة مريم بالليالي السابقة في الزمن مع السورة السابقة في النزول ، وعبر في سورة آل عمران اللاحقة في النزول بالأيام وهي لاحقة في الزمن ، فجعل سبحانه السابق للسابق ، واللاحق للاحق ، فكل لفظة وقعت موقعها طبقًا لسياقها ، وهذا من عظمة بلاغة القرآن الكريم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.