أطلقت وزارة الأوقاف سلسلة تثقيفية للإسهام في بناء وعي ديني مستنير، بدأتها اليوم بمقال للدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، بعنوان "الجاهلية والصحوة"، قال فيه إن من أهم المفاهيم التي يجب أن تصحح مفهوم الجاهلية ومفهوم الصحوة ، حيث اتخذت الجماعات المتطرفة من المغالطات وتزييف الوعي وتحميل بعض الألفاظ والمصطلحات دلالات أيديولوجية خاصة بها مع الإلحاح المستمر على ذلك ، حتى اكتسب بعضها مع الوقت عند العامة تلك المعاني التي أرادت الجماعات المتطرفة تحميلها إياها . وأضاف جمعة: "أما مصطلح الجاهلية فقد حاولت الجماعات المتطرفة إطلاقه على بعض مجتمعاتنا المؤمنة المعاصرة ظلمًا وزورًا ، سواء من جهة الشكل أم من جهة المضمون ؛ أما من حيث الشكل أو من حيث اللغة ، فالجاهلية التي أُطْلقت على الفترة التي سبقت ظهور الإسلام ، فهي ليست من الجهل ضد العلم ، ولم يقل أحد إنها من الجهل نقيض الإيمان؛ إنما هي من الجهل نقيض الحلم لا العلم ". وتابع جمعة: "ولما قال نبينا (صلى الله عليه وسلم) لسيدنا أبي ذر (رضي الله عنه) : "إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ ، إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ ، جَعَلَهُمُ الله تَحْتَ أَيْدِيكُمْ ، فمَن كانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدَيْهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ عليه"()، كان ذلك عندما عيَّر سيدنا أبو ذر (رضي الله عنه) سيدنا بلالًا بقوله : يا ابن السوداء ، وكان مقصد سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقوله : "إنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ" أي: إنك امْرُؤٌ فيك بقايا عصبية جاهلية ، وشيء من تسرعها في الاعتداء على الآخرين والنيل من الآخر دون حق. وأما من حيث المضمون ، فمن يقول – مثلًا - عن مصر الأزهر ، مصر المساجد والمآذن ، مصر القرآن ، مصر العلم والعلماء ، مصر التي يدرس بأزهرها الشريف نحو مليوني طالب وطالبة ، ويستضيف عشرات الآلاف من الطلاب الوافدين من مختلف دول العالم لدراسة صحيح الدين ، بلد يطوف علماؤه وأئمته مختلف دول العالم لتعليم ، بلد يحتضن القرآن الكريم وأهله ، ويكرم حفظته إنه مجتمع جاهلي ، فلا يمكن أن يقول ذلك إلا حاقد أو حاسدًا أو جاحد ، أو مأجور أو مستغل .
واختتم وزير الأوقاف: "أما عن مصطلح الصحوة لدى الجماعات المتطرفة والمتشددة فيحصرونه في أمرين ؛ الأول : الشكل والمظهر مهما كان المضمون والجوهر ، والآخر: عدد أعضاء هذه التنظيمات ، ونحن نرى أن الصحوة الحقيقية هي أن نملك أمرنا وكلمتنا ، وننتج غذاءنا ودواءنا وكساءنا وسلاحنا ، ونرفع مستوى بلدنا ومواطنينا علميًّا وثقافيًّا ومهنيًّا واقتصاديًّا ومعيشيًّا ، أن نملك جيشًا قويًّا وشرطة قويّة واقتصادًا قويًّا ، فجيش قوي واقتصاد قوي يعني بلدًا ذا مكانة ومواطنًا ذا كرامة"، مؤكدين أنه لن يحترم الناس ديننا ما لم نتفوق في أمور دنيانا ، فإن تفوقنا في أمور دنيانا احترم الناس ديننا ودنيانا .