رسائل دعم من الرئيس اليوناني للسيسي    إصابة ضباط وجنود إسرائيليين في كمين محكم نفذته المقاومة داخل رفح الفلسطينية    الزمالك يعلن فسخ التعاقد مع المدرب البرتغالي بيسيرو بالتراضي    مدرب برشلونة يفتح النار على التحكيم بعد الخروج الأوروبي    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    مديرية العمل بالإسماعيلية تعقد ندوة فى المنطقة الصناعية عن مخاطر الإدمان    النيابة تعاين مدرسة المعلم المتهم بالاعتداء على 3 طالبات في الإسكندرية    ضبط المتهمين في واقعة تعذيب وسحل شاب بالدقهلية    إطلاق قافلة مائية مجانية لخدمة أهالي قرية أبو الشقوق بالشرقية    طلعت مصطفى تحقق 160 مليار جنيه مبيعات خلال 126 يومًا    «تموين القاهرة»: سحب 30 عينة عشوائية من المواد البترولية لتحليلها    جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي 2025 الترم الثاني بمحافظة القاهرة    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة عدد من طلبات الإحاطة    كيف يتم انتخاب البابا الجديد؟    مصرع تاجري مخدرات في حملة أمنية بقنا    ب6 سيارات إطفاء.. السيطرة على حريق مصنع بلاستيك بالقناطر الخيرية    قبل «دم على نهد».. مسلسلات ل«هند صبري» مستوحاه من روايات    «الصحة» تستقدم خبيراً مصرياً عالمياً في زراعة الأعضاء    المستشار الألماني الجديد يبدأ أول جولة خارجية بزيارة فرنسا    البابا تواضروس: الأم تريزا ومجدي يعقوب شخصيات بنت جسور المحبة بالفعل وليس الكلام    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    وزير العمل يُعلن بدء التقديم في مِنح مجانية للتدريب على 28 مِهنة بشهادات دولية    «طالبوا ببيعه».. جماهير برشلونة تنتقد أداء نجم الفريق أمام إنتر في دوري أبطال أوروبا    تقارير: بايرن ميونخ يرغب في التعاقد مع باتريك شيك    انخفاض أسعار «البامية والبطاطس والبطيخ» بأسواق المنيا اليوم الأربعاء 7 مايو    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    صعود جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة اليوم    وزير التعليم العالي يستقبل وزير خارجية جمهورية القمر المتحدة.. تفاصيل    عمال مصر .. أيادٍ كريمة وإرادة لا تعرف المستحيل    قرار هام من المحكمة بشأن المنتجة سارة خليفة وآخرين في قضية تصنيع المخدرات    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    ضبط 49.2 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزير الري: توظيف أحدث التكنولوجيات للتعامل مع تحديات المياه    رغم مرور 22 عاما على عرضه، فيلم "سهر الليالي" يرفع شعار "كامل العدد" بالسينما اليوم    غداً.. صناع فيلم «نجوم الساحل» ضيوف منى الشاذلي    روجينا تهنئ رنا رئيس بزفافها: "أحلى عروسة وأحلى أم عروسة"    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يفتح باب التقديم لمشاريع "ملتقى القاهرة السينمائي"    مخرج «لام شمسية» يكشف السبب وراء اختلاف أسماء الحلقة 14 وتأخر عرض الأخيرة    وائل غنيم يعتذر لتركي آل الشيخ ويعلن توبته: «ظلمت نفسي وسأعيد الحقوق لأصحابها»    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    شقيقي عاجز عن دفع مصاريف مدارس أولاده فهل يجوز دفعها من زكاة مالي؟.. عالم أزهري يجيب    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    جامعة بنها: توقيع الكشف الطبي على 80 حالة بمدرسة المكفوفين    صندوق مكافحة وعلاج الإدمان يعلن عن وظائف شاغرة    أحمد سليمان: هناك محاولات ودية لحسم ملف زيزو.. وقد نراه يلعب خارج مصر    الأسباب والأعراض    حظك اليوم.. مواليد هذه الأبراج «شباب دائم» لا تظهر عليهم الشيخوخة هل أنت من بينهم؟    كندة علوش: تكشف «رد فعلها في حال تعرضها لموقف خيانة في الواقع»    قانون الإيجار القديم أمام البرلمان.. الحكم الدستوري لا يحرر العلاقة بل ينظمها بعد عقود من الظلم    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    مصيرهم مش بإيديهم| موقف منتخب مصر للشباب من التأهل لربع نهائي أمم أفريقيا    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    بيدري منتقدا الحكم بعد توديع الأبطال: ليست المرة الأولى!    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    ترامب: لا يمكن لإيران أن تمتلك أسلحة نووية ولن يبقى أمامنا خيار إذا سارت في طريق آخر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جومبا لا هيري: الكتابة رد فعل غريزي لفعل القراءة
نشر في أخبار الأدب يوم 11 - 04 - 2015

اللوحات للفنان الهندى: Anikartick وصلت الرواية الأخيرة لجومبا - للقائمة القصيرة لجائزة البوكر. تدور أحداثها حول أخوين هنديين يعيشان بالهند بعد استقلالها. "سباش" و"أودين" لم ينفصلا أبدا أثناء طفولتهما، ولكنهما يختاران طريقين مختلفين تماما عند وصولهما إلي العشرينات. أصبح أودين، الأخ الأصغر والأكثر مغامرة، عضوًا في حركة الناكسال الثورية بكلكتا، بينما غادر سباش، الأخ الحذر المتحفظ، الهند ليتابع الدراسات العليا في رود آيلاند بالولايات المتحدة. أدت مشاركة أودين في ثورة الناكسال إلي مقتله فتحطمت عائلته وهجر زوجته الشابة جوري التي كانت حاملًا بطفل. تكشف الرواية طرق تحول حيوات من تركهم أودين خلفه: سباش، جوري، وبيلا، الابنة التي لن يعرفها أبدا. هذا حديث مع جومبا حول الرواية، والقراءة والكتابة التي تمارسها حتي انتهائها من الكتاب، خاصة تجربتها في إيطاليا.
تدور أحداث الرواية بين كلكتا ورود آيلاند، حيث نشأتِ. كانت كلكتا خلفية للعديد من أعمالك الأدبية في الماضي، كما كانت رود آيلاند. أيهما أقرب لوصف طفولتك؟
- في هذه المرة عندما أفكر في رود آيلاند أجدها مثيرة للاهتمام، لأني أشعر بأني لم أكتب عنها بوضوح سابقا. دارت أحداث بعض كتبي وبعض القصص في ولاية ماساتشوستس، المكان الذي أعرفه أيضا وعشت به، لكني أبدا لم أشر إلي رود آيلاند بشكل خاص حتي كتبت روايتي الأخيرة. لا أعرف لماذا. ربما شعرت بأنه من غير الملائم ذكر المكان الذي نشأت به، شعور ما، لا أعرف، شعور غريب حيال الأمر بطريقة ما. امدتني ماساتشوستس بدرع مريح لفترة. أحداث رواية "السمي" تدور خارج بوسطن بولاية ماساتشوستس. تخيلت أن بعض أحداث قصص كتابي الأول "مترجم الأوجاع" تدور في رود آيلاند، ولكني لم أشر إلي ذلك، ربما تكون الأحداث في ولاية كونيتيكت، ربما تكون ماساتشوستس، أو ربما تكون في رود آيلاند نفسها. ولكن هذه الرواية هي الأولي التي أردت حقا أن تدور أحداثها في رود آيلاند. قرأت جزءًا من مجموعة مختارات أدبية منذ عدة سنوات بعنوان "State by State" قام بتحريرها شون ويسلي ومات ويلاند. أعتقد أنه كان وقت بدأت كتابة "الأرض المنخفضة". كتابة هذا النص ومواجهة حقيقة نشأتي برود آيلاند لأول مرة بحياتي ساعدني. ذلك المكان الذي لم أعرفه أبدا، وتلك التجربة التي لم تكتمل. فكرت في أنني أود أن تكون أحداثها في رود آيلاند، ووضع عنوانها هكذا. وفعلتها، وأعتقد أنها حررتني بطريقة ما لأفكر فيها ولأكتب عنها وأتذكرها بالكامل.
المناظر الطبيعية ذ ساحل الولاية بشكل خاصذ كان ضروريا ل سباش. هل بدأتِ في البحث في رود آيلاند وفكرتِ فيها من نفس منظور سباش؟
- في الحقيقة لقد فعلت. بدأت في الذهاب إلي المعسكر حيث من المفترض أن يدرس، وحيث درس بالفعل. كنت أذهب إلي هناك وأتظاهر بأني هو. أسير بطول الشاطيء القصير. وأنظر إلي ما يري. كانت زيارتي لرود آيلاند جزءًا من محاولتي لمعرفة أي شخصية هو، والتفكير في كيف تبدو حياته اليومية. علي سبيل المثال، جذبت نظري الكنيسة بالقرب من الشاطيء وفكرت في أنها ستكون في نطاق رؤيته.
انخرط أودين في حركة الناكسال بكلكتا في نهاية الستينات. كم من الوقت استغرقت في رسم صورة لتلك الفترة، سواء بالقراءة عنها أو بالتحدث مع الناس الذين عاصروها؟ هل بدأتِ في كتابة هذه الأجزاء من الرواية مبكرا، ثم غرقتِ في التفاصيل، أم شعرتِ بأن عليك أن تفهمي تلك الحقبة التاريخية قبل شروعك في الكتابة عنها؟
- لا، أردت أن أفهم تلك الفترة بشكل كامل واستيعابها قبل بدئي في الكتابة. وشعرت بأني لن أستطيع، وخيب هذا آمالي لفترة زمنية طويلة. استعرت كتابين من المكتبة من والدي. أعتقد أنهما بقيا بحوزتي لمدة سبع سنوات. قرأتهما بشكل دوري، وسجلت ملاحظاتي، ثم ابتعدت عنهما لفترة. ثم أعدت قراءتهما، وقمت بتسجيل الملاحظات من جديد، ثم ابتعدت عنهما مرة أخري. وشعرت بأن هذا سيستغرق سنوات، ولطالما كنت قلقة. فكرت، هل حقا فهمتهما؟ هل هكذا تسير الأمور؟ ثم فكرت في أن حل هذا اللغز وثلاثة أرباع الطريق إلي تلك الرواية هو كلكتا، فذهبت إلي هناك. في البداية تحدثت مع الناس طوال الوقت وسألت أصدقاء والدي بأمريكا ممن لم يجيئوا إلي الولايات المتحدة في تلك الفترة ويتذكرون تلك السنوات، أخبرني كيف كان الأمر، كيف كانت تلك السنوات، وماذا حدث. لكن عندما سافرت إلي كلكتا وتحدثت مع الناس هناك بشكل مفصل أكثر لأعرف المزيد عن الحركة ولماذا قامت، وكيف؟ بدا لي أني وجدت حلا للغز بالفعل. فجأة شعرت بأن كل الملاحظات التي سجلتها أصبحت ذات مغزي. وكان هذا المفتاح الأخير الذي جعلني أشعر بشكل مفاجيء بقدرتي علي كتابة الرواية بدون الحاجة إلي كل هذا البحث وهذه الكتب. وأدركت أن الشخصيات قوية بشكل كاف وأن بواعثها صارت أقوي بالنسبة لي ومرضية وسمحت لي بالتعمق معهم، وعرفت أن هذا جزء من ماهيتهم وعالمهم. وكانت هذه آخر مرحلة. المرحلة الأولي تضمنت العديد من الأبحاث، ولكنها بقيت غامضة، رويدا رويدا أصبح التاريخ واضحًا أمامي، وكلما وضحت الأمور، شعرت بعدم حاجتي لها.
في "الأرض المنخفضة" تختلف كتابتك تماما عن الماضي. الجمل أقصر في بعض الأحيان ومشذبة، تستخدمين شظايا الجملة أكثر، علي سبيل المثال، أكثر مما فعلت من قبل، حتي إن السرد أكثر عمقا. هل فعلتِ ذلك بشكل واع؟
- قليلا. أردت أن أكتب بطريقة مختلفة في ذلك الكتاب. لم أرد أن يكون ثقيلًا، لأني شعرت بمدي ثقله وكثافة مادته، أوضاع الشخصيات، وظروفهم، كل هذا كان ثقيلا للغاية. ما أردته هو قول ما أحتاجه بطريقة مقتصدة قدر الإمكان. أردت أن أحقق شيئًا من الخفة. لذلك حاولت حذف الكثير أكثر مما أفعل في الطبيعي. كانت المسودات الأولية مربكة وبها من الثقل ما يكفي وغير مرضية، لوجود الكثير من المعلومات، والكثير من التاريخ، والكثير من العاطفة، وشعرت بعبء وقررت حذفه.
واحد من التصنيفات مكتبة الكونجرس لرواية "الأرض المنخفضة" بعد أخذ الأخوين وحركة الناكسال في الاعتبار كان الضخمة باحثا عن كلبه المفقود، وجد الفيلا مهجورة، يعيش بها قطط الزباد وتغطي النباتات المتسلقة جدرانها.
رمم كروكشانك الفيلا من جديد وحولها إلي النادي الريفي. أصبح أول مدير له. في بداية الثلاثينات، مد خط الترام حتي الجنوب من أجل الإنجليز. كان هذا لتسهيل رحلتهم إلي نادي توللي الذي يقصدونه هروبا من فوضي المدينة، وليكونوا في أملاكهم.
في المدرسة الثانوية درسا الأخوان علم البصريات، الأعداد الذرية للعناصر، خصائص الضوء والصوت. درسا اكتشاف هرتز للموجات الكهرومغناطيسية، وتجارب ماركوني مع الإرسال اللاسلكي. أوضح جاديش شاندرا بوس، العالم البنغالي، في تجربة بقاعة مدينة كلكتا، أن الموجات الكهرومغناطيسية قد تشعل البارود، وقد تجعل الجرس يرن من علي بعد.
كل ليلة، علي جانبي طاولة المذاكرة المعدن، يجلسا أمام كتبهما، دفاترهما، أقلامهما الرصاص والممحاة، وفي نفس الوقت معهما لعبة الشطرنج.
يسهران لوقت متأخر ليعملا علي المعادلات والقوانين الرياضية. كان الليل هادئا لدرجة تمكنهما من سماع عواء أبناء آوي بنادي توللي. في بعض الأحيان يظلان ساهرين حتي تبدأ الغربان في العراك في انسجام، في إشارة إلي بداية يوم آخر.
لم يكن أودين يخاف من معارضة معلميه حول الهيدروليات أو الصفائح التكتونية. كان يلوح بيديه ليفسر ما يقوله، ليؤكد آراءه. تبادل حركة يديه يشير إلي أن الجزيئات والجسيمات في قبضة يديه. أحيانا كان يتم طرده من الفصل الدراسي. قيل إنه متأخر عن زملائه في حين إنه في الحقيقة كان متقدما عنهم.
في نهاية المرحلة الثانوية، عين والدهما مدرسا خصوصيا ليعدهما للعبور من اختبارات الجامعة. عملت أمهما ساعات إضافية لتغطي النفقات. كان رجلا جادا، له جفون مشلولة مفتوحة دوما ومشبك علي نظارته. يأتي كل ليلة للمنزل ليراجع ازدواجية موجة-جسيم، قوانين الانكسار والانعكاس. جعلهما يحفظنا عن ظهر قلب قاعدة فيرما: أقصر الأوقات لتعيين مسار الضوء بين نقطتين.
بعد دراسة أساسيات الدوائر الكهربائية، بدأ أودين اكتشاف النظام الكهربائي بمنزلهم بنفسه. حصل علي مجموعة من الأدوات، وبدأ في تصليح الكابلات العطلانة ومفاتيح الكهرباء وربط الأسلاك، وإزالة الصدأ الذي أصاب المروحة. أصاب أمه بالهلع حتي إنها كانت تغطي إصبعها باستمرار بقماش الساري لأنها كانت مذعورة من لمس مفتاح الكهرباء بأصبعها المجرد.
عندما احترق فيوز، ارتدي أودين خفا مطاطيا غير ناقل للكهرباء. فحص الدائرة الكهربائية وفك الفيوز، بينما سباش ممسكا المصباح اليدوي له. في أحد الأيام، جاء إلي المنزل معه سلك وقرر تركيب جرس لباب المنزل من أجل الزوار. ركب المحول في صندوق الفيوز والزر الأسود الخاص بالجرس في الباب الرئيسي. طرق بالمطرقة في الجدار محدثا حفرة ليدخل الأسلاك من خلالها. بمجرد تركيب الجرس، قال أودين:
لابد من استخدامه لممارسة شفرة مورس.
حين وجد كتابًا عن التلغراف بالمكتبة، كتب أودين نسختين من النقط والخطوط الفاصلة تطابق الحروف الأبجدية، واحدة لكل منهما ليحفظاها.
رنين الخط الفاصل أطول من رنين النقطة بثلاثة أضعاف. وكل من النقطة والخط الفاصل يتبعه فترة سكون. كما أن هناك ثلاث نقط بين الحروف، وسبع نقاط بين الكلمات. عرفا أنفسهما بالحروف الأولي من أسمائهما. فالحرف s الخاص بسباش الذي استقبله ماركوني عبر المحيط الأطلنطي، كان ثلاث نقاط سريعة. أما U الخاص بأودين فكان نقطتين وخط فاصل.
تبادلا الأدوار. وقف أحدهما بجانب الباب خارج المنزل، والآخر بداخله. يضغط من بالخارج الجرس للآخر الذي يحاول فك الشفرة. نجحا بشكل كاف في إرسال رسائل مشفرة لم يفهمها والداهما. اقترح أحدهما "سينما" لكن رد الآخر "لا، محطة الترام، سجائر".
ألفا سيناريوهات. تظاهرا بأنهما جنديان أو جاسوسان في مأزق. يحاولان التواصل خفية في ممر جبلي بالصين أو غابة روسية أو حقل قصب السكر بكوبا.
"مستعد"
"بوضوح"
"إحداثيات؟"
"مجهولة"
"الناجون"
"إثنان"
"الخسائر"
بالضغط علي الجرس، كانا يخبران بعضهما أنهما جائعان، وأنهما يجب أن يلعبا كرة القدم، وأن هناك فتاة جميلة تمر بجانب المنزل. كان الجرس أرجوحتهما الخاصة، الطريقة التي يقذف بها لاعبان الكرة بينهما بينما يتقدمان معا ليحرزا هدفًا. وإذا رأي أحدهما معلمهما قادمًا، يضغطان SOS. ثلاث نقاط، ثلاثة خطوط فاصلة، ثلاث نقاط.
دخل إثنان من أفضل الجامعات بالمدينة. التحق أودين بجامعة برزندنسي ليدرس الفيزياء. أما سباش فالتحق بجامعة جي يو لدراسة الهندسة الكيميائية. كانا الشابين الوحيدين من الحي، والطالبين الوحيدين من مدرستهما العليا غير المميزة، لقد أنجزا بشكل جيد.
من أجل الاحتفال، ذهب والدهما إلي المتجر واشتري كاجو وماء الورد لطهو أرز البيلاف، ونصف كيلو من أفخر أنواع الجمبري. بدأ عمله وهو في التاسعة عشر من عمره ليساعد عائلته. وكان عدم إلتحاقه بالجامعة أسفه الوحيد. عمل بمنصب كهنوتي بسكة حديد الهند، وعندما شاع نجاح ولديه في الحي، قال إنه لم يعد قادرا علي المشي خارج المنزل بدون أن يوقفه أحدهم ليهنئه.
أخبرهم ألا يقوموا بتهنئته هو. فالفضل يعود لولديه اللذين عملا بشكل جدي، وميزا نفسيهما. وما وصلا إليه، حققاه بنفسيهما. سألهما ماذا يريدان كهدية، اقترح سباش أن يجلب لهما شطرنج رخامي بدلا من الشطرنج الخشبي الرث. لكن أودين كان يريد راديو قصير الموجات. كان يريد معرفة أخبار عن العالم أكثر مما يقدمه لهما راديو والديهما القديم المغطي بخزانة خشبية، أو ما كانت تقدمه جريدة بنغالي اليومية الملفوفة كغصن شجرة رفيع لإلقائها من فوق جدار فناء المنزل في الصباح.
قاما بجمع أجزاء الراديو بأنفسهما، بحثا في متجر كلكتا الجديد ودكاكين الخردة، ووجدا أجزاء من فائض الجيش الهندي. اتبعا مجموعة من التعليمات المعقدة، ومخطط الدائرة الكهربائية المهترئ. وضعا القطع علي السرير: هيكل راديو معدني، المكثفات، المقاومات المختلفة، والسماعات. لحما الأسلاك، وعملا سويا لإتمام المهمة. عندما أتماها في النهاية وأغلقا هيكل الراديو، أصبح يشبه حقيبة سفر صغيرة، بمقبض مربع. مصنوع من المعدن، ولونه أسود.
كان الإرسال دوما أفضل في الشتاء عن الصيف. وبشكل عام أفضل أثناء الليل. كان هذا عندما تتوقف الفتونات الشمسية عن تفتيت الجزيئات في الغلاف الأيوني. عندما تنضم الجزيئات الإيجابية والسلبية معا بسرعة.
كانا يتبادلان الأدوار بجانب النافذة، والراديو بأيديهم في أوضاع مختلفة، يضبطان الهوائي ويتلاعبان بأزرار تلقي الموجات. يديران إبرة الردايو ببطء قدر استطاعتهما. لقد نشئا مطلعين علي نطاقات/خطوط التردد.
بحثا عن الإذاعات الأجنبية. نشرة أخبار من راديو موسكو، صوت أمريكا، راديو بكين، إذاعة بي بي سي. سمعا معلومات عشوائية آتية من علي بعد مئات الأميال، برزت من تداخلات متشابكة مهتاجة كأمواج محيط، ومرتعشة مثل رياح. حالة الطقس في وسط أوروبا، أغاني فولكورية من أثينا وخطاب لجمال عبد الناصر. تقارير من دول تمكنت من تخمين لغتها: فنلندي، تركي، كوري، برتغالي. كان هذا في عام 1964، معركة خليج تونكن سمحت لأمريكا بالتدخل العسكري في فيتنام، وهناك انقلاب عسكري في البرازيل.
في كلكتا، تم إطلاق فيلم "الزوجة الوحيدة" في السينما. حدوث موجة جديدة من الشغب بين المسلمين والهندوس وقتل أكثر من مائة شخص بعد سرقة أثر مقدس من أحد المساجد في سرينجار. هناك انقسام بين الشيوعيين الهنود حول الصراع علي الحدود مع الصين الذي حدث منذ عامين. المجموعة المنشقة التي تعاطفت مع الصين، تطلق علي نفسها الآن الحزب الشيوعي الهندي أو الماركسيين.
حزب الكونجرس الوطني الهندي لا يزال قيد الحكومة المركزية بدلهي. بعد رحيل "نهرو" أثر إصابته بأزمة قلبية في هذا الربيع، دخلت ابنته "انديرا" مجلس الوزراء. وفي خلال عامين ستصبح رئيسة الوزراء.
التثليث. المثلث الرئيسي بالرواية بالطبع هو العلاقة بين سباش وأودين، أو بالأحري ذكري أودين، وزوجته جوري. ولكن هناك علاقات مختلفة في الرواية، مثل التي بين سباش وجوري وابنتها بيلا. ماذا أضافت عملية التثليث تلك لك ككاتبة؟
- عرفت منذ سنوات، عندما درست الكتابة بجامعة بوسطن، أن تلك العلاقات الثلاثية تساعد للغاية في بناء قصة، لأن المثلث شئ ثابت، وأفضل من المربع عريض المساحة. هناك شئ ما حياله يخلق الدراما. وكنت بالتأكيد واعية لمتوالية المثلثات، بشكل كلي، وأطلقت سراحها تدريجيا بطول الرواية. أعتقد أن هذا البناء رائع لخلق عامل الجذب. كما أعتقد أن بعض الروايات والقصص الجذابة لديها نفس عوامل الجذب، مثل شخصيتين تريدان شيئا ما، وما الشئ الذي يريدانه، أو من الشخص الذي يريدانه؟ يمكن للأمر أن يسير في اتجاهات مختلفة متعددة. غالبا أفكر في أن الرواية لابد أن تكون حول مغزي العائلة. ورغم أن العائلة يمكنها أن تضم عددًا كبيرا من الناس، لكن لابد أن تركز علي ثلاث شخصيات فحسب. وإذا فكرت في العائلة، أكتب علي الأقل عن جيلين. وهذا عنصر آخر أساسي أقوم باكتشافه.
المقتطف المنشور في عدد القصة الصيفي انتهي عندما قام سباش بسؤال جوري، الحامل بطفل أودين، إذا كانت تود أن تنتقل معه لرود آيلاند. فأي شئ قد يحدث في أمريكا، وأحد السيناريوهات هو أنهما قد يجدان بعض السعادة معا. هل كنتِ مدركة لاحتمالية حدوث ذلك؟ وهل كنتِ دوما تعرفين أن الواقع أكثر تعقيدا؟
- دائما كنت أعرف. أعني، حتي عندما وصلا لذلك الحل والذي كان ملحا لهما في ذلك الوقت، كان حلا خاطئًا وغير خاطئ في آن. كان مجرد شيئ شعرا بأنه ضروري، ولكنه ليس من الضروري أن يكون حلًا للمشكلة. فكرت في الحياة من هذا الاتجاه، عندما تفعل شيئًا وأنت مدرك أنه ليس أفضل شئ يمكن فعله ولكنك تقوم به علي أي حال لحتميته في هذه اللحظة. لذلك عملت علي هذا، ولكن لم يشغلني أبدا أن أجلب لهما السعادة في النهاية. لم يخطر ببالي أي شئ سوي المزيد من التطور المعقد والمعضل.
هل عرفتِ أن حياتهما الزوجية ستصل لمنعطف خطر في رود آيلاند، أم إنه شيئ عرفته أثناء الكتابة؟
- ليس بالضبط. عرفت أنهما سيحتفظان بالطفلة وأنها ستولد ولكني لم أعرف كيف سيؤثر ذلك عليهما. أعتقد أن الانقسام الحاد الذي شعرا به تجاه الطفلة جعلني أفهم. من يشعر وبماذا وكيف. كان من المفترض أن تحصل جوري علي الطفلة وتحبها بشدة لأنها ذكري لزوجها الراحل الذي عشقته، تخوف سباش من طبيعته الهادئة وتساءل إذا رأي والديه أنها تعني نقص في الابتكار، ربما رأيا أنها خيبة. لم يكن علي والديه أن يقلقا عليه، لم يقوما بتمييزه. أصبحت مهمته طاعتهما، لم يكن من الممكن أن يفاجئهما أو يترك بصمته الخاصة لأن هذا من اختصاص أودين.
بالفناء الخلفي لمنزل العائلة، هناك أكبر قدر من ميراث أودين من الأخطاء التي لا تمحي. أثر طبعة قدمه. طبعها في اليوم الذي رصف فيه السطح الترابي. ذلك اليوم الذي تلقوا فيه تعليمات بعدم الخروج حتي يجف الأسمنت.
طوال اليوم كانا يراقبان البناء أثناء اعداده الأسمنت في عربة يد، ثم يفرده ويصقله بأدواته. حذرهم البناء قبل رحيله ألا يخطو فوقه لأربعة وعشرين ساعة.
أطاعه سباش. كان يشاهد من النافذة ولم يخرج للفناء. لكن بمجرد انشغال أمهما عنهما، جري أودين فوق اللوح الخشبي الطويل الذي وضع مؤقتا ليصل المنزل بالشارع. فقد توازنه في منتصف اللوح الخشبي تاركا دليل مروره بطبع باطن قدمه، مثل ساعة رملية بالمنتصف، ثم أصابع قدميه المنفصلة عن باطن القدم.
في اليوم التالي، بعث والدهما في طلب البناء مرة أخري. كان السطح قد جف، والأثر الذي تركه أودين أصبح دائما. كان الحل الوحيد لإصلاح ما حدث هو وضع طبقه أخري من الأسمنت. تساءل سباش إذا كان أخوه أخطأ خطأ كبير في هذه المرة. لكن البناء قال لوالديهما:
أتركه كما هو.
ليس للتكلفة أو للمجهود المضاعف، لكن بسبب اعتقاده أن من الخطأ محو خطوات اتخذها ولده. بذلك صار هذا الخلل علامة تميز منزلهما. علامة يلاحظها الزائرون. وأول طرفة تحكيها الأسرة.
كان من المحتمل ذهاب سباش إلي المدرسة قبل أخيه بعام. لكن لتحر الوقت المناسب ذ وأيضا بسبب اعتراض أودين علي فكرة ذهاب سباش إلي المدرسة بدونه ذ تأجل ذهابه للعام التالي. ذهبا سويا إلي نفس الفصل الدراسي بمدرسة بنغالية متوسطة للأولاد من العائلات المتوسطة، وراء محطة الترام، مرورا بالمقابر المسيحية.
في دفترين متطابقين، لخصا تاريخ الهند وتأسيس كلكتا. رسما الخرائط ليتعلما جغرافيا العالم. درسا أن تولليجانج قد بُنيت علي أرض محتلة. وأن مجري الخليج البنغالي عندما كان قويا منذ قرون مضت، كان ممتلئًا بأشجار القرم. المستنقعان وحقول الأرز والأرض المنخفضة بقايا كل هذا.
رسما صور لأشجار القرم كجزء من دروس العلوم. جذورها المتشابكة علي سطح الماء، مسامها الإضافية للحصول علي الهواء. شجيراتها الممتدة تسمي براعم منفصلة، تشبه السيجار.
تعلما إذا سقطت تلك البراعم في وقت انحسار الجذر تتكاثر بجانب آبائها، تغرز نفسها بالمستنقع المالح. لكن في المد المرتفع، تنجرف من منبتها، لمدة تزيد علي عام، قبل أن تنمو في بيئة ملائمة.
أزال الإنجليز الغابة المغمورة بالمياه، ورسموا وخططوا الشوارع. في عام 1770، أسسوا ضاحية وراء الحدود الجنوبية لكلكتا، كان سكانها الأوائل من الأوروبيين. ضاحية حيث يمكن للغزال التجول، وللطائر الرفراف التحليق في الأفق.
شق الرائد ويليام توللي، الذي سميت المنطقة تيمنا باسمه، فرعا من نهر أدي غانجا، وعرف باسم توللي نولا، جاعلا التجارة الملاحية ممكنة بين كلكتا وشرق بنجلاديش.
تعود أراضي نادي توللي في الأصل إلي ريتشارد جونسن، مدير البنك العام الهندي. في عام 1785 بني فيلا علي طراز بالاديو، واستورد أشجارا إلي تولليجانج من كل أنحاء البلاد والجزر شبه الاستوائية.
في بداية القرن التاسع عشر، احتجزت شركة الهند الشرقية الإنجليزية أرملة السلطان تيبو وأبناءه في ممتلكات جونسون، بعد مقتل تيبو حاكم سلطنة مايسور الهندية في حرب الأنجلو ذ مايسور الرابعة.
نُقلت الأسرة المعزولة من سيرنجاباتم بأقصي جنوب غرب الهند. وبعد إطلاق سراحهم، مُنحوا أراض في تولليجانج ليعيشوا بها. وفي الوقت الذي انتقل فيه الإنجليز إلي وسط كلكتا، أصبحت تولليجانج مدينة ذات غالبية إسلامية. بالرغم من أن التقسيم حوّلهم إلي أقلية مرة أخري، لكن بقي الكثير من أسماء الشوارع إرث سلالة تيبو النازحة: شارع سلطان علام، شارع الأمير بختيار شاه، شارع الأمير جولام محمد شاه وزقاق الأمير رحيم الدين.
بني جولام محمد المسجد الكبير في دارمات الله في ذكري وفاة والده. ولفترة سُمح له بالإقامة في فيلا جونسون. لكن بحلول عام 1895، عندما أخطأ الاسكتلندي ويليام كروكشانك طريقه ممتطيا حصانه إلي داخل الفيلا التثليث. المثلث الرئيسي بالرواية بالطبع هو العلاقة بين سباش وأودين، أو بالأحري ذكري أودين، وزوجته جوري. ولكن هناك علاقات مختلفة في الرواية، مثل التي بين سباش وجوري وابنتها بيلا. ماذا أضافت عملية التثليث تلك لك ككاتبة؟
- عرفت منذ سنوات، عندما درست الكتابة بجامعة بوسطن، أن تلك العلاقات الثلاثية تساعد للغاية في بناء قصة، لأن المثلث شئ ثابت، وأفضل من المربع عريض المساحة. هناك شئ ما حياله يخلق الدراما. وكنت بالتأكيد واعية لمتوالية المثلثات، بشكل كلي، وأطلقت سراحها تدريجيا بطول الرواية. أعتقد أن هذا البناء رائع لخلق عامل الجذب. كما أعتقد أن بعض الروايات والقصص الجذابة لديها نفس عوامل الجذب، مثل شخصيتين تريدان شيئا ما، وما الشئ الذي يريدانه، أو من الشخص الذي يريدانه؟ يمكن للأمر أن يسير في اتجاهات مختلفة متعددة. غالبا أفكر في أن الرواية لابد أن تكون حول مغزي العائلة. ورغم أن العائلة يمكنها أن تضم عددًا كبيرا من الناس، لكن لابد أن تركز علي ثلاث شخصيات فحسب. وإذا فكرت في العائلة، أكتب علي الأقل عن جيلين. وهذا عنصر آخر أساسي أقوم باكتشافه.
المقتطف المنشور في عدد القصة الصيفي انتهي عندما قام سباش بسؤال جوري، الحامل بطفل أودين، إذا كانت تود أن تنتقل معه لرود آيلاند. فأي شئ قد يحدث في أمريكا، وأحد السيناريوهات هو أنهما قد يجدان بعض السعادة معا. هل كنتِ مدركة لاحتمالية حدوث ذلك؟ وهل كنتِ دوما تعرفين أن الواقع أكثر تعقيدا؟
- دائما كنت أعرف. أعني، حتي عندما وصلا لذلك الحل والذي كان ملحا لهما في ذلك الوقت، كان حلا خاطئًا وغير خاطئ في آن. كان مجرد شيئ شعرا بأنه ضروري، ولكنه ليس من الضروري أن يكون حلًا للمشكلة. فكرت في الحياة من هذا الاتجاه، عندما تفعل شيئًا وأنت مدرك أنه ليس أفضل شئ يمكن فعله ولكنك تقوم به علي أي حال لحتميته في هذه اللحظة. لذلك عملت علي هذا، ولكن لم يشغلني أبدا أن أجلب لهما السعادة في النهاية. لم يخطر ببالي أي شئ سوي المزيد من التطور المعقد والمعضل.
هل عرفتِ أن حياتهما الزوجية ستصل لمنعطف خطر في رود آيلاند، أم إنه شيئ عرفته أثناء الكتابة؟
- ليس بالضبط. عرفت أنهما سيحتفظان بالطفلة وأنها ستولد ولكني لم أعرف كيف سيؤثر ذلك عليهما. أعتقد أن الانقسام الحاد الذي شعرا به تجاه الطفلة جعلني أفهم. من يشعر وبماذا وكيف. كان من المفترض أن تحصل جوري علي الطفلة وتحبها بشدة لأنها ذكري لزوجها الراحل الذي عشقته،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.