زيلينسكى: أوكرانيا مستعدة للسلام وتم الاتفاق على الضمانات الأمنية بنسبة 100%    حمزة العيلى يعلن وفاة جده محمود يوسف    متحدث الوزراء: لن تستبعد أى أسرة من منظومة الدعم بسبب عدد أفرادها    محافظ البحيرة: تطوير مدينة رشيد لتحويلها إلى وجهة سياحية عالمية    وزير التموين: بورسعيد الأولى في تجربة الكارت الموحد.. والتطبيق قريبا    BeOn تحصل على استثمار استراتيجي بالدولار لدعم التوسع الإقليمي وتطوير حلول CRM الذكية    وزير الإسكان: تم وجارٍ تنفيذ نحو مليون و960 ألف وحدة سكنية متنوعة    الهيئة الوطنية للانتخابات تنعي المستشارة سهام الأنصاري    مجلس تحرير «البوابة نيوز» يعزي الزميلة شيماء المنسي في وفاة والدها    محافظ اللاذقية يؤكد السيطرة على الاشتباكات وانتشار الأمن السوري (فيديو)    لافروف: إسرائيل يجب أن ترفع القيود على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة    الشرطة الإسرائيلية تفرق احتجاجا للحريديم ضد التجنيد    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. مستوطنون يهاجمون تجمع خلة السدرة قرب مخماس شرق القدس.. مصرع شخص وفقدان آخرين جراء فيضانات ضربت جنوب إسبانيا.. مصرع شخص وإصابة آخر بجروح فى تحطم مروحيتين بولاية نيوجيرسى    إسرائيل تعلن توقيع برنامج عسكري مع اليونان وقبرص الرومية لعام 2026    اشتعال المنافسة، كوت ديفوار والكاميرون يكتفيان بالتعادل الإيجابي في أمم أفريقيا 2025    أمم إفريقيا – تعرف على جميع مواعيد مباريات الجولة الثالثة    على رأسهم مصر.. 3 منتخبات حسمت تأهلها رسميا بعد الجولة الثانية لمجموعات أمم أفريقيا 2025    حسم التأهل مبكرًا.. مصر ونيجيريا والجزائر إلى دور ال16 من أمم أفريقيا 2025    طاهر أبو زيد: مكاسب حسام حسن مع المنتخب إنجاز رغم الظروف.. والمرحلة المقبلة أصعب    كأس عاصمة مصر - أحمد عبد الله يدير لقاء الأهلي ضد المقاولون العرب تحكيميا    أبرزها مصر وأنجولا.. موعد مباريات اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025| إنفوجراف    الجزائر يتصدر المجموعة الخامسة ب6 نقاط ليحسم تأهله رسميا لدور 16 بأمم أفريقيا    ضبط القائمين على مصحة غير مرخصة لعلاج الإدمان بالبدرشين    شاهد.. أول ظهور لحمو بيكا بعد خروجه من السجن    على طريقة لصوص لكن ظرفاء، كشف غموض سرقة محل مشغولات ذهبية في الدرب الأحمر    منير فخري عبد النور: ضعف المشاركة أبرز سلبيات المشهد الانتخابي الأخير لمجلس النواب    شحتة كاريكا يكشف مفاجأة عن الراحل أحمد دقدق: أوصى بحذف أغانيه    درة بإطلالة شعبية من كواليس "علي كلاي"    مصرع طفلين في تصادم بالفرافرة    الجيش اللبناني ينفي إجبار مواطنين سوريين على عبور مجرى نهر حدودي    رئيس مصلحة الجمارك: نعمل على بناء منظومة جمركية متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي    محافظ الفيوم يتابع غلق لجان التصويت في اليوم الثاني لانتخابات النواب بالدائرتين الأولى والرابعة    القضاء الإداري يُلغي قرار نقيب الموسيقيين بمنع هيفاء وهبي من الغناء    مدير مكتبة الإسكندرية يوزع جوائز المبدعين الشباب 2025    المستشار إسماعيل زناتي: الدور الأمني والتنظيمي ضَمن للمواطنين الاقتراع بشفافية    الصحة تكشف أبرز خدمات مركز طب الأسنان التخصصي بزهراء مدينة نصر    أشرف الدوكار: نقابة النقل البري تتحول إلى نموذج خدمي واستثماري متكامل    تفاصيل وفاة مُسن بتوقف عضلة القلب بعد تعرضه لهجوم كلاب ضالة بأحد شوارع بورسعيد    عاجل- رئيس الوزراء يستقبل المدير العام للمركز الأفريقي لمكافحة الأمراض ويؤكد دعم مصر لاستضافة الآلية الأفريقية للشراء الموحد    أحفاد الفراعنة فى الشرقية    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    جامعة بنها تراجع منظومة الجودة والسلامة والصحة المهنية لضمان بيئة عمل آمنة    «مراكز الموت» في المريوطية.. هروب جماعي يفضح مصحات الإدمان المشبوهة    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    محافظ الجيزة يشارك في الاجتماع الشهري لمجلس جامعة القاهرة    «اليوم السابع» نصيب الأسد.. تغطية خاصة لاحتفالية جوائز الصحافة المصرية 2025    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    قيادات الأزهر يتفقدون انطلاق اختبارات المرحلة الثالثة والأخيرة للابتعاث العام 2026م    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما أسهل النقد وما أصعب الابتكار:كيف تَتَحدّد ملامح نقد الترجمة؟

لا يُنكرأحدٌ أهمية الترجمة وفضلها علي شعوب الأرض قاطبة، أينما ووقتما كانت.إذ إضافة إلي ما تُحْدثه الترجمة من حِراكٍ فكري وثقافي، ينمو ويتكاثر في ظل وجودها، وما تثمره من روابط وعلاقات، وتبادل ثقافات وأفكار فيما بين الشعوب وبعضها، فإنها تؤدي وبشكل ملموس دورالشعلة التي تعمل علي إذابة جبال سوء الفهم أو التفاهم والشقاق الذي قد يحدث بين الشعوب وبعضها، وتُقرِّب بشكل أو بآخر فيما بينهم، كذلك تقوم مقام المصباح الذي يُضئ المناطق المعتمة، بالنسبة للآخرين، سواء في حاضر الأمم أو في ماضيها.ودون وجود فعل الترجمة في مناخ مناسب أو دون الاهتمام به كما ينبغي، كما يحدث في بلاد العالم الأول، فإن الخسارة تكون لا حد لها.
نقد الترجمة
في مدخله الافتتاحي لكتابه (نقد الترجمة العربية..الترجمة ومستويات الصياغة)، والذي صدر مؤخراً عن دار التنوير للنشر والتوزيع بالقاهرة، يقول علي نجيب إبراهيم: لعلَّ علي نقد الترجمة، كي يحدد خطوطه الكبري المستقاة من النصوص التي يتناولها، أن يعيد النظر في طبيعة هذا الفعل الذي لا يمكن أن يعني فقط مجرد نقل المعاني من لغة إلي أخري.إذ أن الترجمة تتعدي النقل وإن تضمنته.إنها بالأحري محاولة للإحاطة بالتفاعل الحي داخل نص أجنبي وتجسيده باللغة العربية.وإذا كان التفاعل الحي حضوراً لواقع معين في لحظة من لحظات حركته الدائبة، يتعيّن علي النقد أن يتبين كيف تمثَّل المترجِم هذا الحضور، وأنصت إلي نبض حركته.هذا ويضيف المؤلف أن نقد الترجمة هو نقد سياقي أساسه التفسير الذي تنطوي عليه دلالة الفعل ترجم، مما يعني أن الترجمة في جوهرها ابتكار يقتضي مؤهلات تبدو بسيطة، لكنها ترتكز في ما وراء التمكن اللغوي علي شرطين بالغي الدقة لا يتوفران دوماً بالصورة المرومة، هما الإلمام العميق بخصائص اللغة العربية واللغة الأجنبية المترجَم عنها بالدرجة الأولي، والإحاطة بالقدر الكافي من سياقاتها الصغري والكبري، أي اللغوية، والثقافية، بالدرجة الثانية.
منظوران مترابطان
بعد ذلك يتساءل المؤلف فيقول:كيف تتحدد ملامح نقد الترجمة التي تجعل منه حقلاً مستقلاً؟...ومجيباً عن هذا التساؤل، يري المؤلف أنه يمكن تحديد ملامح هذا النقد عبر منظورين مترابطين: المنظور العام الذي يرسم إطاره الثقافي، ويتلمَّس امتداداته إلي الحقول المعرفية المجاورة كعلم اللغة والبلاغة والأسلوبية، وجماليات اللغة، ونظرية التلقي. والمنظور الخاص الذي يتناول النص المترجَم بوصفه موضوع دراسة نقدية تمتلك أدواتها التحليلية وجهازها الاصطلاحي الفعَّال.ثم يستدرك قائلاً: لكن ألا تُعدّ جودة النص المترجَم واحدة من القضايا التي يصعب تناولها منهجياً، لأنها بالتحديد تتصل بالمترجِم، وبصميم فعل الترجمة الذي يزاوله؟ فهو، حين يتصدي لصياغة نص يترجمه، لابد أن يضع في حسبانه قضيتين بالغتي الأثر علي الرغم مما تنطويان عليه من صعوبة الخيارات وموضوعيّتها: تتلخص الأولي بالحفاظ قدر الإمكان علي طابع النص الأصلي والأجواء الشعورية التي تنبعث من قراءته بلغته، وذلك بمراعاة ميزاته الشكلية، ومرامي المؤلف التي عكسها من خلال مهارات تعبيرية لا يُضحَّي بها في الصياغة العربية باسم الفصاحة والجزالة والصنعة الأسلوبية المُحكَمَة.أما القضية الثانية فتتمثل في أن يراعي الجمهور الذي سيقرأ نصه مراعاة نسبية، لكي يُكيِّف أسلوبه فييسّر تناوله علي أوسع جمهور ممكن تتباين فيه المستويات الثقافية، ويختلف التحصيل العلمي، وتتنوع الأذواق.هذا ويري المؤلف أن حال المترجم هنا كحال الصائغ الذي يُكيّف الأشكال التي يبدعها مع نصيب كل فرد من خبرة التذوق الجمالي التي تسهم في تنميتها أسباب وشروط لا تقل تعقيداً عن أسباب التنشئة الاجتماعية للفرد وشروطها والعثرات التي تعترض سبيلها.
أساليب حديثة
ومتحدثاً عن خلفية الأساليب الحديثة، يقول المؤلف لعل الملمح الأساسي للنقد الترجمي أن يكون تناوله هذه الخلفية ذا طابع تاريخي، فينظر إلي اللغة من زاوية تطورها آخذاً في الحسبان العوامل الداخلية والخارجية، الظاهرة والباطنة التي تسهم في تنوع مستوياتها الأسلوبية.إضافة إلي ذلك يري المؤلف أن الترجمة في جانب من جوانبها قد تكون أداة فعالة لسَبْر أجناس النصوص وإدراك خصائصها الأسلوبية.ويعود ذلك إلي أن دخولها في ثنايا النص يتيح إدراك وزوايا معتمة لا يبلغها التصنيف الإجمالي الذي يعتمد الملامح العامة.ويضيف المؤلف إلي تساؤلاته تساؤلات أخري فيقول: هل من الضروري حقاً الاهتمام بجنس النص الأجنبي قبل نقله إلي اللغة العربية؟...وإذا كان الأمر كذلك، هل يكتفي المترجم بتكييف منهجه في الصياغة العربية بحسب طبيعة كل نص حتي يتمكن من تقديم صيغة عربية متميزة، أم أنه لا بد من المترجم المتخصص المؤهَّل لغوياً بما يجعله يحقق المعادلة الصعبة بين المعني وطريقة التعبير عنه؟
عملية رصد
هذا ويؤكد المؤلف علي أن نقد الترجمة عليه أن يقوم بعملية رصد شاملة لمراجعات النصوص المترجَمة إلي اللغة العربية كي يميز غثَّها من ثمينها، ومن ثم يضع للجودة حداً متوسطاً يتناسب مع مختلف الأساليب.وليس هذا بمُستعصٍ إذا أضفنا في هذا الباب الترجمات المسبوقة بمقدمات تبين أهميتها، وموقعها، والمعضلات التي اعترضت إنجازها، والترجمات التي ينهض بها مترجمان خبيران، كترجمة د. إحسان عباس و د. محمد يوسف نجم لكتاب ستانلي هايمن (النقد الأدبي ومدارسه الحديثة)، إذ أن مثل هذه الترجمات مراجع ذات أهمية بالغة في تأسيس ما يمكن أن يكون تاريخ الترجمة العربية الذي يغترف منه نقد الترجمة مادته المساعدة علي اجتراح مفاهيمه ومصطلحاته.أما الطامة الكبري فتبقي مثلما يري المؤلف في تلك النصوص التي لا تحقق حتي الحد الأدني من سلامة اللغة واستقامة التعبير.وبعد جولة نقدية عريضة في بعض النصوص المترجَمة وبيان ما فيها من نواقص وعيوب ما كان لها أن تكون، يختتم المؤلف كتابه القيّم هذا فيقول: الترجمة هي عملية تحويل معقدة نتيجة التصاقها بالسياق الثقافي والفكري والأدبي.ولئن كانت الخبرة الفردية أكثر الخطوات حسماً في هذه العملية، فهي كاللقمة السائغة نتلذذ بتذوقها من دون أن نفكر بالجهود التي أسهمت في سلسلة تحويلاتها قبل أن تصير علي موائدنا.ثم يضيف أنه ليس علي نقد الترجمة أن يكشف فقط عن تلك الجهود بدءاً من الحصَّادين وانتهاءً بالخبازين، بل عليه أن يبحث في كيفية تَمَثُّل الأساليب المتنوعة التي هي ثمرة تراكم معرفي صنعته جهود جماعية متلاحقة.وقبل أن يضع المؤلف نقطة كتابه الأخيرة يقول إنه من الثابت أن لا شيء يعوض كفاءة المترجم وخبرته وتمكنه من اللغة العربية الذي يعكس استعداده الدائم لتعميق معارفه، لكن الاعتقاد بأن جودة النص المترجَم محصلة لا ضابط لها ولا منهج، اعتقاد خاطيء.الترجمة هي حقاً صناعة جوهرها تحويل خلاق يُذكِّر بتحولات الشاعر الروماني أوفيد التي افتتحها بقوله مخاطباً الآلهة: رسمتُ لنفسي أن أتحدث عن تحولات الأجسام في أشكال جديدة، فيا أيتها الآلهة أعينيني في هذه المحاولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.