كشفت دراسة عن (الأنا، الآخر في خطاب مسرح المهمشين في الولاياتالمتحدة ما بعد 1968) عن أن مسرحيات المهمشين، تتجنب التلميح، الذي تورطت فيه مسرحيات البيض البرجوازية لتبدو غير محايدة في صورها وقصصها. الدراسة حصل عنها الباحث حاتم حافظ علي درجة الدكتوراة بالمعهد العالي للفنون المسرحية، أكاديمية الفنون بإشراف الدكتور جلال حافظ. قدم الباحث رؤيته الخاصة للمسرح، بعدم وجود مسرح محايد، وأن مسرح المهمشين علي عكس المسرح السائد لا ينفي عن نفسه الانحياز، وأن ثنائية (الأنا- الآخر) تظل هي الثنائية الأهم في صياغة الخطاب المهيمن، وفي صياغة الخطاب المهمش أيضاً. وتوصل الباحث إلي أن المسرح المهمش هو مسرح تالٍ للسياسي، وليس العكس، وهو أحد أدوات النشاط السياسي بعد 1968، وفيه تلح مسرحيات المهمشين علي تأسيس العالم بين مركز خارجي (خارج الذات النسوية والسوداء) وهامش داخلي، وأنها تعترف ببنية العالم الثنائية المفروضة من قبل السلطة (مركز، هامش). دارت الدراسة بالبحث في عدة مسرحيات منها: «تصبحين علي خير يا أمي« ل»مارشال نورمان«، »غرفة قياس الملابس« ل»سوزان سينومان«، ومسرحية »بيت الدمية« لأبسن. وكشفت الدراسة- أيضاً- أن العالم كما يؤسس المركز، يفترض بداهة أن قبول الآخر مشروط بتخلي هذا الآخر عن أخرويته، وأن العالم كما يؤسسه الهامش، يشترط اعتراف المركز بوجوده كهوية مستقلة، كأساس للتفاوض، وأكدت الدراسة أنه لدي المهمش (أسود أو امرأة) أسطورة بديلة عن أسطورة الحلم الأمريكي، وأن المسرح السائد سواء في أمريكا أو أوروبا، فإن الشخصية (فرد بذاته)، أما بالنسبة للمسرح المهمش، فإن الشخصية ليست فرداً بذاتها، وإنما ممثلة لجنسها أو لعرقها في المسرح النسوي المرأة ممثلة للنساء، وفي المسرح الأسود، الأسود ممثل للسود وقد تكون هذه إشكالية في مسرح المهمشين، بين الطموح النقدي خاصة عند الناقدات النسويات، وبين مسرحيات النساء. كما أن المعاناة التي تعانيها الشخصيات في مسرح المهمشين هي معاناة سابقة علي الدراما وتالية لها. وأكدت الدراسة أن ثمة مسارات في علاقة المهمش بالسلطة أولها، مسار التفاوض سواء بين الذكر والأنثي، أو الأبيض والأسود، بغرض إقناع السلطة أن التعايش التكافلي أمر محتمل، وثانيها مسار عدم الانشغال برد فعل السلطة بقدر الانشغال بإعادة تنظيم نفسها كجماعة (جماعة سود أو جماعة نساء) وثالثها رغبة ملحة في اقتناص اعتراف السلطة باعتبار أن كل ما هو خارج السلطة فهو فراغ كما يقول إدوارد سعيد. بدأ الباحث عرضه لرسالته بأن ثنائية (الأنا، الآخر) تظل هي الثنائية الأهم في صياغة الخطاب المهيمن، وفي صياغة الخطاب المهمش أيضاً، وفيها حاولت الباحث الإجابة عن الكيفية التي يصوغ بها الخطاب الثقافي لمسرح المهمشين، مفهوم الأنا والآخر، طارحاً عدة تساؤلات، وجاءت رسالته لتتوالي الإجابة عنها، اعتماداً علي فكرة أن المسرح هو بالأساس أرشيف ثقافي. وفي سبيل ذلك ناقش الباحث في البداية المفاهيم المستخدمة في البحث كالأنا، والآخر، والخطاب والتمثلات الثقافية والأرشيف وغيرها، ثم ناقش الباحث في الفصل الأول الإطار الثقافي الذي تشكلت ضمنه ثنائية الأنا والآخر، وسماها الباحث (حفريات التأسيس)، ثم ناقش خطاب مسرح المهمشين من خلال ثلاثة فضاءات سماهم ميشيل فوكو: المعرفة، السلطة، الأخلاق. وفي الفصل الثاني وتحت عنوان (المعرفة) ناقش الباحث النوع، والجنس، والسياسة باعتبارها الأيديولوجية التي تأسس عليها مسرح المهمشين، ثم ناقش مفاهيم الشخصية والهوية والدور الاجتماعي من خلال قراءة طبيعة الشخصية في مسرح المهمشين، وأخيراً ناقش قضية التمثيل المعرفي وعلاقات المكان والزمان في هذا المسرح. وفي الفصل الثالث وعنوانه (السلطة) ناقش الباحث طبيعة الصراع الدرامي في ضوء ثنائيتي (الدراما، السرد)، (التعرف، التحول)، وناقش علاقات السلطة والهامش في ضوء ثنائيتي (الذكر، الأنثي)، (الأبيض، الأسود)، وأخيراً الوعي بالموضع الخطابي. وفي الفصل الرابع والأخير بعنوان (الأخلاق) ناقش الباحث الأنا المتعالي وعلاقة الدين بالمهمشين ثم الأسرة، والأسرة البديلة، وأخيراً العنف ومظاهره. مني نور