حول مائدة الإفطار .. يجتمعون صباح يوم الجمعة .. قبل أن ينطلقوا للرسم بأحد الأماكن التي تشعل خيالهم الفني.. سواء كان ذلك في منطقة أثرية أو شعبية .. المهم أن يتفقوا علي موضوع واحد أو لقطة يتناولها كل منهم برؤيته وأسلوبه الفني. إن أهم ما يميز جماعة "اللقطة الواحدة" الفنية هو روحها وتآلف أعضائها ... وقد بدأت الفكرة مع نهاية عام 2001 بخمسة عشر فناناً من طلاب وخريجي كلية الفنون الجميلة.. وقد اتفقت المجموعة في لقائها الأول آنذاك علي رسم لقطة واحدة لحارة "درب اللبانة".. وهي من حارات القلعة القديمة وتشتهر بمبانيها الحجرية وبالفعل أقيم المعرض الأول بعنوان درب اللبانة بدار الأوبرا في مايو 2002. ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف جماعة اللقطة الواحدة عن تقديم إبداعاتها الفنية حيث وصل عدد المعارض التي قدمها فنانو اللقطة أو اللقطاوية عبر مشوارهم الفني ستة وعشرين معرضا كان من بينها "العجلاتي" و"الإسكافي" و"كوبري القبة" و"جزيرة الذهب" و"هالي هوب" و"غية" و"تحية لتحية" وغيرها. ولعل آخر تلك المعارض التي أقامتها المجموعة هو معرض "خلفيات الكارو" الذي استضافه مؤخرا جاليري قرطبة، وضم المعرض حوالي 51 لوحة ل 15 فنانا قدموها بتقنيات مختلفة تنوعت بين المائيات والألوان الزيتية والأحبار علي مختلف الخامات وبمختلف المقاسات. ويعتبر هذا المعرض هو نتاج عدة ورش عمل قام بها فنانو اللقطة كان من بينها ورشة بأحد الأماكن الشعبية بشارع الصليبة بجوار مسجد أحمد ابن طولون .. حيث قام الفنانون برسم خلفيات العربات الشعبية "الكارو" المتميزة بزخارفها الشعبية والحليات الخاصة بها وألوانها الزاهية. يقول الفنان عبد العزيز الجندي - المشرف علي المجموعة بل وقلبها النابض - إن اختيار الموضوعات التي تنفذها جماعة "اللقطة الواحدة" يتم خلال شهر يناير من كل عام من خلال التصويت، حيث تُطرح الأفكار المختلفة ويتم تسجيلها جميعا، ثم يتم اختيار الفكرة علي أساس الابتكار وعدم التكرار، وكذلك قابليتها للتنفيذ من حيث أمان المكان لجميع الفنانين المشاركين وخاصة الفنانات. وخلال العام يتم تنفيذ فكرتين واحدة تتعلق باللقطة الواحدة وهي لقطة من نفس الزاوية مع اختلاف تناول كل فنان لها وللتقنيات التي يستخدمها في التنفيذ، ثم يأتي الموضوع الواحد وهو أكثر حرية في تناوله من اللقطة.. حيث يتم اختيار موضوع واحد لكن يُترك للفنانين حرية اختيار الزاوية واللقطة التي ترتبط به. وقد كانت الجماعة قد طرحت في ثاني معارضها "عربات شعبية" فكرة العربات الشعبية علي اختلافها مثل عربات الفول والترمس والبطاطا وغيرها بما تضمه من موتيفات شعبية، إلا أن معرض"خلفيات الكارو" مختلف تماما حيث يتم التركيز فقط علي خلفية عربات الكارو، حيث يتميز هذا الجانب الخلفي من العربة الشعبية بشكله الفني، ويعكس الطبيعة الفطرية للمصري الذي يبدع في تزيين أدواته، فهناك زخم فني كبير في تلك الخلفيات بما في ذلك ملمس الخشب. العديد من الفنانين يمرون باللقطة الواحدة.. بعضهم يستمر لفترة وبعضهم يبدأ مشواره من هناك وبعضهم تأخذه الحياة بعيدا بعد فترة، وتضم مجموعة اللقطة الواحدة عددا كبيرا من الفنانين من خريجي الفنون الجميلة أو من غيرها من الكليات أو حتي من أصحاب المواهب، وقد بدأت جماعة اللقطة الواحدة مؤخرا بما يعرف باسم "سنة أولي لقطة" ، بحيث يدرس الفنانون المنضمون حديثا للقطة - دورة مدتها ثلاثة أشهر قبل أن يمروا باختبار يسمح لهم بالانضمام لجماعة اللقطة الواحدة. إن روح اللقطة هي الرابط الأساسي الذي يجمع بين أعضائها، فكثير من الفنانين يحرصون علي الاستمرار داخل الجماعة حتي مع تطور مشوارهم الفني، فالفنان محمود مرعي وهو أحد المشاركين في معرض "خلفيات الكارو" كان يستعد في ذلك الوقت لافتتاح معرضه الفردي"مدد" بدار الأوبرا، ولكنه يحرص علي الاشتراك في أنشطة اللقطة ومعارضها الجماعية . يقول مرعي عن تجربته باللقطة : كنت أتابع نشاط المجموعة منذ عام 2002، ولم أكن أشارك بها ظنا مني أنها جماعة مغلقة، وفي عام 2005 التقيت بالدكتور عبد العزيز الجندي في أحد معارض اللقطة وطلبت منه علي استحياء الانضمام للمجموعة ووجدت منه ترحابا وتشجيعا كبيرين.. أذكر ابتسامته وهو يقول: اللقطة القادمة بجزيرة الذهب موعدنا يوم الجمعة القادم أمام المعدية.. ودكتور عبد العزيز الجندي وهو أحد أهم أسباب انضمامي لجماعة اللقطة الواحدة فهو يهتم بالمواهب ويدعمها فنيا .. وهو يشكل دافعا نفسيا مهم جدا لكل لقطاوي .. إن اللقطة - بالنسبة لي - ليست مجرد جماعة فنية، بل مدرسة وحافز منذ بدء مشواري الفني. ولا تتوقف أنشطة اللقطة علي المعارض واللقاءات الأسبوعية فهناك العديد من الأنشطة الفنية الأخري ومنها زيارة الفنانين وجولات المعارض والورش فنية ، كذلك يفكر د. عبد العزيز مستقبليا في نقل الفن للشارع من خلال إقامة معارض فنية في أماكن تجمعات اللقطة للرسم، بحيث يقترب الفن من المجتمع ومن أبنائه، ففي معرض "العجلاتي" تم دعوة عم خميس صاحب الورشة التي رسمها الفنانون وشعر بسعادة غامرة حين زار المعرض مشاركا اللقطاوية فرحتهم وأعمالهم .