نظن وليس كل الظن إثم أن موضوع الصناعات التراثية أو علي وجه الدقة الحرف والمهن التقليدية من الموضوعات شديدة الأهمية ليس لأنه يجذر لهويتنا المصرية، وليس لأنه يعمق الخبرات الجمالية في الوجدان المصري، وليس لأنه يقوم بوظيفة نفعية، ولكن - إضافة إلي كل ما سبق - فهو شديد الأهمية في نمو الاقتصاد المصري وتحسين الصورة الذهنية للصناعة المصرية والصانع المصري، لذا نطرح عليكم مجموعة من العناوين المهمة، فضلا عن عدد من التوصيات التي نري ضرورة تفعيلها. تقديم لو تأملنا كم ساهمت الحرف التقليدية في دعم اقتصاد الدول لأصابتنا الدهشة بالصمت ولجعلتنا نعيد النظر في حالنا وأحوالنا، ويكفي القول إن الحرف التقليدية قد ساهمت في تعظيم صادرات الصين بنسبة 60٪ وتايوان بنسبة 56٪ واليابان بنسبة 70٪ بينما لاتعدو النسبة في مصر عن 4٪ من صادراتها، وهي نسبة ضئيلة جدا إذا ما قورنت بتراث مصر العريق وحرفها بين دول العالم، فالحرف التقليدية ليست خشبة ميتة، ولا قطعة محايدة من الطين ولا مجموعة من الخيوط المتراصة، إنها حياة بكاملها، بل هي التمثيل الحيوي لذاتنا الحضارية، فحين نتحدث عن منتجاتنا التقليدية فإننا لانتحدث عن صناعات ومهن وحرف فحسب، لكننا نتحدث عن تاريخ مهرته يد المصري حين تفنن في منتجه وهو يبدع فنه/ حرفته ليحقق بها نفعا وجمالا أهملوه وتركوه نسيا منسيا ونهبا لقول السوق، وعرضه للمرض فضلا عن التهميش الذي يلقي به في جب الماضي وكأن الحرفة التقليدية ليس لها علاقة بالحاضر، كما أهملوا صاحب الفن ومهاراته ألا وهو الصانع المصري العظيم الذي نجتهد في استعادته من خلال فعالياتنا المتعددة، من هنا لابد من رؤية مستقبلية تعد خطوة في طريق التنقيب عن الذات المصرية وحضاراتها وتاريخها المتطاول في عدد كبير من الحرف التي اكتست بالروح المصرية واكتسبت عبق الماضي دون أن تفقد صلتها بالحاضر، من هنا أود الإشارة إلي عدد من النقاط: الحرفة - السياقات الاجتماعية والاقتصادية - المعوقات التي تقف في سبيل تطويرها - الإنسان صاحب الحرفة ومبدع الفن. فهذا المصري العبقري حين تجود أنامله بنقش "المصرية" في أجلي صورها فإنه يؤكد هوية مصر العاشقة المعشوقة التي لن تكف عن الإبداع مهما عبث العابثون، ويمكننا بهذه الدرر الساطعة أن نغير الصورة الذهنية عن مصر في الداخل والخارج، ونستطيع أن نرصد عددا من النقاط علي النحو التالي: (1) الحرف التقليدية.. إشكاليات وطموحات - مشكلة الخامات - مشكلة الحرفيين والصناع - مشكلات إجرائية وقانونية - مشكلات تقنية (2) الحرف التلقيدبة.. صراع التقليد والتحديث - الخامات - الأدوات - المعدات - التدريب (3) العناصر الجمالية والهوية المصرية - جمع وتصنيف عناصر البيئة - الوحدات الزخرفية في المكان - تداخل الوحدات الزخرفية واللون - الاستلهام والتوظيف (4) التدريب - مراكز التدريب وأماكنها - القائمون عليها - البرامج التدريبية وآليات التنفيذ - المدربون - المتدربون (5) التسويق ويمكننا أن نرصد أهم الحرف التقليدية المصرية التي لازالت تقاوم محاولات طمسها - هناك أكثر من مائة حرفة تقليدية يمكننا تقديم بيان بها وأماكن وجودها ومشكلاتها - نذكر منها: الحصير - السجاد - الكليم - الختامية - الطرق علي النحاس - الزجاج المعشق في الجص - الأرابيسك - الفخار - الخزف - الصناعات الجلدية - صناعات الجريد - الصناعات والحرف المتعلقة بالاطعمة الشعبية- الصناعات والحرف نيلية - الصناعات والحرف البحرية - الصناعات الخشبية... إلخ. ولا يقتصر الأمر هنا علي الحرف التلقيدية فاصطلاح الصناعات التراثية يتسع لأكثر من الحرف ليشمل الابداع الشعبي الكتابي والغنائي والطقوسي، فضلا عن العادات والتقاليد والمعتقدات بما تضم من موالد للأولياء والقديسين- الألعاب الشعبية وصناعاتها والمدن التراثية كهدف ثقافي - اقتصادي - سياحي ترويجي.. إلخ. وفي هذا السياق أشير إلي عدد من النقاط منها: جمع وتصنيف الحرف التقليدية التي تتميز بها بعض المحافظات المصرية، فضلا عن جمع الحرف التي حققت شهرة ومكانة تاريخية ولم يعد لها نفس الوجود في أيامنا، علي سبيل المثال: سجاد فوة - حصير الشرقية - تلي أسيوط - جريد الفيوم والجيزة والقليوبية - حرير سوهاج (أخميم) - فرنشات الغربية - فخار قنا وسمنود... إلخ. إعداد مراكز تدريبية معدة بشكل جيد للتدريب علي الحرف الموجودة بالمكان وإحيالها، وربطها بالمؤسسات العلمية والثقافية لإعداد الكوادر المؤهلة في مجالي الحرفة وتسويقها. جعل مادة الحرف التقليدية مادة أساسية في التعليم عامة، تأكيدا لهوية حرفنا وتجذيرا لمفهوم المنتج الوطني وتسويقه. إعداد حصر ببليوجرافي بالحرفيين في كل حرفة ومكان وجودهم لربط تدريس مادة الحرف التقليدية بالمكان خاصة في الأماكن التي توجد بها كليات معنية كالتربية النوعية والفنون التطبيقية... إلخ. إيجاد مظلة تأمينية للحرفيين المصريين من خلال مؤسسات الدولة، فضلا عن دعمهم صحيا وتسويقيا. النظر في حجب دخول بعض المنتجات التلقيدية المقلدة والمصنوعة من خامات ضارة بالبيئة وتأخذ شاكلة الحرف التقليدية المصرية، بينما هي تساهم في الإساءة إلي المنتج التقليدي المصري وذلك بوضع معايير دقيقة من خلال الهيئة العامة للمواصفات والجودة بوضع معايير علمية. توحيد جهود الجهات المتعددة التي تدعم أو تنادي بدعم الحرف التقليدية، فهناك كيانات مؤسسية حكومية متعددة تقوم علي هذا الأمر وبالرغم من ذلك فالحرف التلقيدية تواصل التراجع، نذكر من الجهات: وزارة السياحة - الصناعة - الثقافة - التجارة الخارجية- التعاون الدولي. إقامة المعارض والأسواق في الداخل والخارج بما يحقق تطويراً وترويجاً لهذه الحرف وتحسين الصورة الذهنية عن المنتج المصري. إنشاء مدرسة للحرف التقليدية تضم أقسامها المختلفة، علي أن ترعاها وزارة الثقافة والصناعة والتعليم والشباب.