"الفلاحة " .."ملكة البدانة" .." كيداهم" أسماء عدة عرف بها تمثال الفنان محمد بكر الفيومي الذي أثيرت حوله ضجة مؤخرا وذلك بسبب مطالبة بعض الأثريين نقله من مطار القاهرة بدعوي أنه يُسيء إلي مصر، وهو الأمر الذي علق عليه د. أحمد عبد الغني رئيس قطاع الفنون التشكيلية قائلا إن هجوم بعض الأثريين غير المبرر وغير المفهوم دوافعه يعكس للأسف جهلهم بأبجديات القراءة الفنية الصحيحة للعمل الإبداعي. ويعد ذلك التمثال عملا إبداعيا متفردا من قلب البيئة المصرية، حيث أضاف عبد الغني : إن المُتخصصين يعتبروه من أروع أعمال "الفيومي" الذي استطاع أن يصهر فيه بحس ووعي عميق بالشخصية المصرية، ملامح وسمات أصيلة للمرأة المصرية في الريف، والنوبة، والبادية، وهو عمل يعتز به كل فنان مصري، وكل فرد مُحب للفن وقادر علي تذوقه ويُدرك قيمته كإبداع بشري مُخاطب به عقل ووجدان المُتلقي. وقد ثارت ضجة في الوسط التشكيلي حول هذا الموضوع، حيث تصدرت تلك القضية الصفحات المعنية بالفنون في مختلف الصحف والمواقع الإليكترونية والتي سعت لقراءة ردود أفعال الفنانين التشكيليين والنقاد بهذا الشأن، حيث يعتبر هذا العمل من الأعمال المتميزة لفنان رائد في مجاله. وهو ما علق عليه الناقد ياسر جاد قائلا إن أعمال محمد الفيومي واحدة من علامات النحت المصري المعاصر وذلك لما تحمله من جينات لها كامل الصلات بمصريته والتي تميزها عن غيرها من الأعمال النحتية، ولا يملك متلقي أعماله سوي الوقوف أمام تلك الأعمال ليري فيها شخوصا يعرفهم.. ربما بملامح مغايرة ولكن بأرواح شديدة الشبه قد تصل إلي حد التطابق في بعض الأعمال ..فأعمال محمد الفيومي تحمل هذا الدفء ولا ينطبق عليها سوي تعبير العامية المصرية ( أعمال ذات عشرة ). والمعروف أن الفيومي شديد التأثر بالتراث المصري، حيث يحاول دائما خلق نموذج من العالم الحسي، كما تتسم أعماله عادةً بالضخامة تتضمن صور أشخاص وحيوانات، غالبا ما تطغي عليها البهجة كما قد تكون أحيانا ساخرة. وقد تزامنت تلك القضية بالصدفة مع إقامة ذلك المعرض الذي تستضيفه قاعة الزمالك للفنان محمد الفيومي تحت عنوان "حياتنا والكائنات"، والذي ركز من خلاله عن علاقة الإنسان بالكائنات الأخري التي تشاركه الحياة علي كوكب الأرض، حيث يطرح سؤالا استنكارياً حول ما إذا كان الإنسان يسارع بزوال نسله وفناء بني جنسه بقصد من علي وجه هذه الأرض بإبادته لكائناتها ؟ يقول الفنان: إن الله سبحانه وتعالي كرم الإنسان وفضله علي كثير من الخلق بنعمة العقل، واستخلفه وحمله أمانة اعمار هذه الأرض لا دمارها...إلا أن البعض منا يقتلون لمجرد القتل حتي من بني جنسهم. ويضيف إن الله خلق الأشجار والحيوانات والطيور والأسماك والزواحف وغيرها من الكائنات لتقوم بدور مؤثر وفعال في حياتنا، وأوكل إليها مهمة التوازن البيئي.. فأضحت سببا من أسباب بقاء البشرية وتطورها علي هذه البسيطة، كما أن هذه الكائنات أمدتنا بخبرات في مجالات شتي .. فتعلمنا منها كثيرا من فنون الحياة وأسرارها، ولذا كان لزاماً علينا أن ندين لهذه الكائنات بالفضل والعرفان ورد الجميل.. ولكن علي العكس وبمنتهي الأنانية كعادة البعض منا قتلوها دون ذنب وسجنوها بل أزالوا غابات بأكملها فكانوا سببًا من أسباب انقراض البعض منها واختفائه للأبد. ومن هذا المنطلق قرر الفيومي تخصيص هذا المعرض دفاعا عن تلك الكائنات التي تشاركنا الحياة، إيمانا منه بدور الفن التشكيلي في زرع قيم إنسانية راقية ودعوة للتفكير خارج الأطر التقليدية، حيث يقول: اتخذت من هذه الكائنات أبطالا لمعرضي لطرح موضوعات تهتم البشرية لها، بلغة مصرية خالصة امتلك ناصيتها أجدادنا القدماء وهي لغة (النحت) التي أبهرت الدنيا.. محاولا إعادة إحياء هذه اللغة الراقية التي تميزنا بها في العالم بأسره.. وذلك بما يواكب العصر ومتطلباته. وكذلك دعوة لبناء جسور الحب والاحترام والتعايش مع بني جنسنا في كل أرجاء المعمورة..ومع كل الكائنات التي تشاركنا الحياة ولها في رقابنا حق العيش المشترك. جدير بالذكر أن الفنان محمد الفيومي من مواليد عام 1963 في الفيوم، و هوعضو جمعية محمود مختار، وأتيليه القاهرة ونقابة الفنانين التشكيليين كما شارك في العديد من البيناليات، والمعارض المحلية منذ عام 1990. وقد حصل علي العديد من الجوائز منها الجائزة الثالثة في صالون الشباب الخامس والسابع، والجائزة الأولي في بينالي القاهرة للخزف.