تخصيص وحدات بديلة للمستأجرين قبل الإخلاء.. والدولة تضمن أولوية الفئات الأولى بالرعاية    مدير الوحدة المركزية لحياة كريمة: الانتهاء من 90% من مشروعات المرحلة الأولى للمبادرة    البورصة المصرية تستعيد أنفاسها بمكاسب محدودة بعد جلستين من الهبوط    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر لجهود تسوية الأزمة الروسية الأوكرانية    ريال مدريد يخطط لإعارة إندريك بعد تألق جارسيا في كأس العالم للأندية    أحمد عبد القادر يقترب من الرحيل عن الأهلي والانتقال إلى زد    وزير الرياضة يهنئ أبطال الخماسي الحديث بعد إنجاز بطولة العالم للناشئين    الداخلية تكشف حقيقة ادعاء شخص بتعنت رجل مرور ضده والتعدي عليه ورفضه تسليمه سيارته بالقاهرة    «الداخلية» تواصل ملاحقة «تجار المخدرات والهاربين» في حملات بأسوان ودمياط (تفاصيل)    "محسبتهاش" ل رامي جمال تستحوذ على التريند الأول عبر "يوتيوب" في يوم واحد فقط    الجمعية المصرية للزراعة الحيوية تعقد المنتدى الثالث خلال 2025 بالتعاون مع جامعة هليوبوليس للتنمية المستدامة    "التصديري لحاصلات الزراعية": نحتاج لزراعة 100 مليون نخلة لتغطية الفجوة المتوقعة عام 2040    غلق 4 محلات بدمنهور فى البحيرة لمخالفة تعليمات ترشيد الكهرباء    خطوة واحدة تفصل الزمالك عن إعلان التعاقد مع الفلسطينى آدم كايد    وزير الأوقاف يجتمع بقيادات وزارة شئون المسلمين بالفلبين لبحث مذكرات التفاهم    مانشستر سيتى يبدأ فترة الإعداد للموسم الجديد 28 يوليو    128 سؤالًا فى الكيمياء لطلاب الثانوية العامة لغات.. مراجعة مهمة قبل الامتحان    الصرف الصحي بالقاهرة ترفع مياه الأمطار من الشوارع علي مدار 12 ساعة    بكين: رئيس مجلس الدولة الصينى يزور القاهرة الأسبوع المقبل لتعزيز الشراكة مع مصر    أحمد فهمى مهندس ديكور فى فيلم أحمد وأحمد وجيهان الشماشرجى خطيبته    سيكو سيكو يتخطى ال 188 مليون جنيه منذ طرحه فى السينمات    مستشفى وادى النطرون التخصصى ينجح فى استئصال طحال وإصلاح تمزق كبد مريض سودانى    محافظ أسوان يتابع تشغيل منظومة التأمين الصحى الشامل لليوم الثانى    تحطم مروحية عسكرية لبعثة الاتحاد الإفريقي في مقديشو    «التعليم» تحظر فرض رسوم على امتحانات الدور الثاني للطلاب    حزب المصريين: خطاب 3 يوليو نقطة تحول في تاريخ مصر الحديث    كشف لغز مقتل فتاه على يد والدتها بمركز أخميم بسوهاج    انسحاب برلمانية المصري الديمقراطي من جلسة النواب احتجاجًا على تمرير المادة الثانية من قانون الإيجار القديم    محافظ الفيوم يعتمد درجات تنسيق القبول بالمدارس الثانوية والدبلومات للعام الدراسي 2026/2025    الزمالك يكشف تفاصيل صفقة أحمد شريف ويتسلم الاستغناء    نورهان تقدم حفل ختام أنشطة المهرجان القومي للمسرح بالإسكندرية    بمشاركة وزارة الرياضة.. انطلاق حملة «مانحي الأمل» في مصر    رئيس جامعة دمياط يتفقد معرض مشروعات التخرج بكلية الآداب    تناول الجبن في المساء يسبب الكوابيس..ما القصة؟    لإنقاذ الغرقى.. توزيع هيئة الإشراف والمنقذين على شواطئ مدينة العريش    ندوة أدبية ب«روض الفرج» تحتفي بسيد درويش شاعرًا    عمدة هيروشيما: تصريحات ترامب لا تمت بصلة لواقع القنبلة الذرية    من الترشح إلى إعلان النتائج.. دليلك الكامل لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    من الحليف إلى الخصم.. كيف انهارت علاقة ترامب وماسك خلال شهر؟    افتتاح مهرجان الأراجوز المصري واهداء الدور الرابعة للطفلة الفلسطينية هند رجب وأطفال غزة    "الزراعة" تستعرض تقريرا حول الجهود البحثية والخدمية والميدانية ل"بحوث الصحراء" خلال يونيو    الإفتاء توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا.. مكروه أم جائز؟    المصرية للاتصالات تنتهي من عمليات الإنزال ومسارات العبور الخاصة بالكابل البحري SEA-ME-WE-6 في مصر    3 مصابين في حادث تصادم على طريق الإسماعيلية بالسويس    وزير الإسكان يعقد اجتماعاً لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروع حدائق تلال الفسطاط    عالم سعودي يكشف عن 4 مراتب لصيام عاشوراء: المرتبة الأولى الأفضل    «التضامن» تمنح دور الحضانة ترخيصًا موقتًا لمدة ستة أشهر لحين توفيق أوضاعها    مهرجان إعلام 6 أكتوبر للإنتاج الإعلامي يكرم الفنان محمد صبحي    رئيس «المصالح الإيرانية»: طهران لن تتنازل عن شرط موافقة الكونجرس على أي «اتفاق نووي»    تحتوي على مواد قابلة للاشتعال.. إزالة مخازن مخالفة تشكل خطراً على المواطنين بالجيزة    رئيس جامعة المنيا يفاجئ مستشفيات الجامعة بعد منتصف الليل للاطمئنان على انتظام العمل    آخر ما كتبه المطرب أحمد عامر قبل وفاته بساعتين    كورتوا: من يصدق ما يقال على تويتر عن كأس العالم لا يفهم كرة القدم    وزارة البترول: تفعيل خطة الطوارئ فور انقلاب بارج بحري بخليج السويس    كأس العالم للأندية 2025| راموس يقود تشكيل مونتيري ضد بوروسيا دورتموند    من دعاء النبي.. الدعاء المستحب بعد الوضوء    أمين «البحوث الإسلامية»: الهجرة النبويَّة تأسيسٌ لمجتمع قيمي ينهض على الوعي    هل يحق للزوجة طلب مسكن مستقل لضمان استقرار؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قوة السينما
نشر في أخبار الأدب يوم 25 - 10 - 2014

»البيضة التي تبيض ذهبا « هذا المثل السائر كان ينطبق علي السينما المصرية حتي جاءت الضربة القاضية التي تلقتها علي يد نظام السادات .
كانت بيضة تبيض ذهبا علي ما قاله رجال الاقتصاد في حينه ، لأنها كانت تدر دخلا قيل أحيانا إنه الدخل الثاني بعد قناة السويس ،وقيل مرات أخري انه في المرتبة الثالثة ، لكن ما يهمني شخصيا هو ما كانت تلعبه السينما المصرية من دور عظيم في نشر الثقافة المصرية ، كما أسلوب الحياة المدنية المصرية ( القاهرية منها خاصة ) بما فيها من عراقة وثقافة وفن رفيع وحياة اجتماعية رحبة تتعانق فيها التقاليد العتيقة مع الحداثة في ضفيرة واحدة ، يتعايش فيها ابن البلد مع الأفندي مع المصري من أصل يوناني أو إيطالي أو شامي ، وان كان هناك صراع طبقات فهو الصراع الطبيعي الذي لم يعرف الروح الطائفية ولا المجازر الحيوانية التي نراها الآن هنا وهناك .
كانت السينما المصرية في عهد ازدهارها عنوانا علي أن هنا مجتمعا متكاملا فيه ما فيه من مشاكل ، لكنه كان يبني المؤسسات ويؤطر تداعيات الحياة المعتدلة ، فالأحبة يتمشون علي الكورنيش متعانقين ، وفي الحدائق يجلسون علي النجيل يتسلون بالترمس والملانه ، يغنون ويلقون النكات ، يتبادلون القفشات ، وان غازل شبابهم فتياتهم فهو الغزل الجميل العفيف الذي هو أشبه بقصائد العامية أو كرباعيات جاهين المسجوعة المدججة بالعواطف ، وليس هناك أي خدش لحياء أو عنف أو اعتداء .
كانت السينما المصرية تنشر اللغة القاهرية الرقيقة الجميلة ذات الرنين والإيقاع والتي أعتقد أن الفتاة القاهرية الدلوعة لعبت في رقتها وجرسها أكبر الأدوار ( من يقوم ببحث هنا ليدشن هذه الحقيقة ) كانت تنشرها لا فقط في ربوع العالم العربي ،بل في ربوع مصر نفسها ، في الدلتا والصعيد وسيناء والواحات وكأنها تنشر وحدة اللغة في كل هذه المرابط.
قبل أن تتلقي السينما المصرية الضربة القاضية كانت ترفع أسماء النجوم عاليا فيكون لنا بين العالم نجم ساطع هو عمر الشريف ، ويكون لنا نجم يقتلك ضحكا كما نجيب الريحاني أو اسماعيل ياسين أيقونة السينما الشعبية.
وفي هذا سأحكي حكايتين .
الأولي حدثت في المغرب .
أظنه في العام 1989 حيث سافر وفد مصري كبير إلي ملتقي الثقافة القومية العربية في أغادير المغربية ، وكان من حسن حظي أنني كنت أحد مدعوي هذا الملتقي الذي ضم كتابا ومخرجين وفنانين من كل نوع وشكل ؛ وكان من حسن حظي أن غرفتي في الفندق كانت بجوار غرفة الفنان الكبير عزت العلايلي ، وما بين لقاء علي السلم أو في المطعم تقاربت روحانا فعقدنا صداقة ، دعته إلي أن يدعوني إلي تمشية ليلية في شوارع المدينة ، التي كانت نائمة في سبات عميق ، لكن وفي أحد الميادين الشعبية وجدنا مقهي بدا منه شعاع ضوء فاقتربنا مؤملين أن نجد أحدا داخله لنحتسي كوبين من الأتاي المغربي الجميل، وما أن طرق العلايلي الباب حتي انفتح علي مجموعة من الشباب الذين أصيبوا بذهول رهيب وهم يرون عزت العلايلي أمامهم بلحمه ودمه ففتحوا أفواههم عاجزين عن الكلام ووقفوا متصلبين وكأنهم فقدوا القدرة علي الحركة، وفي لحظات بدأوا في الصراخ والتنطيط غير مصدقين وهاجو وماجو وبدأوا ينادون علي أهالي الحي: الحقوا ياناس عزت العلايلي هنا بلحمه ودمه ، وما هي إلا لحظات حتي انفتحت الشرفات والبلكونات والأبواب وجاء الناس من كل صوب عميق صارخين مهللين ، الفتيات قبل العجائز، والشبان قبل الشيوخ، وتحول الميدان إلي مظاهرة رهيبة وكل يريد اختطافه إلي بيته ، لينتهي المشهد بأن أخرجوا المقاعد والطاولات وبدأوا يأتون بالحلوي والمشاريب ، وضجت الميكروفونات بأغاني أم كلثوم ، وأقول صادقا إنني بعد لحظات وجدت نفسي وكأنني في حلم غير معقول ، ليستمر المشهد حتي طلعت الشمس ، ولم نستطع التحرك إلا استعانة برجال البوليس الذين كان الواحد منهم يأتي ويعانق العلايلي حتي ليعتصره ، وحملونا في عربتهم والناس يجرون خلفنا حتي باب الفندق .
دخلت غرفتي منهوك القوي لكن النشوة نفخت أوداجي ،والفخر ملأ جفوني، فرحت في نوم عميق لعشر ساعات متتالية .
وكانت هذه دليلاً قاطعاً علي قوة السينما .
السينما المصرية .
الحكاية الثانية حدثت هنا في القاهرة وفي العام 1979 تحديدا ،وفي مقهي ريش علي وجه الخصوص ،حيث جاءت أسرة زوجتي السابقة الأيرلندية تزورنا وكان طبيعيا أن نأخذهم إلي مقهي ريش حيث كانت مربطنا الدائم أنا وهي .
كانت الأخت الصغري لزوجتي فتاة رومانسية رقيقة في السابعة عشرة اسمها مورين، كانت جالسة بجواري تتطلع هنا وهناك فإذا بشاب مصري وسيم يدخل المقهي فإذا بها تقف صارخة لتقول : أومار الشريف ، طك ، وتسقط مغشيا عليها ، إذ إن المسكينة ظنت أن الشاب هو عمر الشريف ، وكانت حوسة امتزجت بضحكات هستيرية من جميع من رأي المشهد أو لاحظه ، فإذا الشاب المسكين يترك المقهي في حالة رعب رغم محاولاتي لاستبقائه حتي يقنعها بأنه ليس عمر الشريف نفسه ولكنه يشبهه ، وما أكثر الشبان المصريين الذين كانوا يشبهون عمر الشريف في شوارع القاهرة ، علي ما قالت مورين بعد أن أفاقت ومعها حق .
هذه هي قوة السينما ،
السينما المصرية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.