أحد فرسان فن الكاريكاتير حفر لنفسه جدارية مفعمة بالإبداع والعطاء المتواصل عبر مشواره الفني. رسوماته احتلت مكانة مرموقة في عقل وقلب القاريء المصري والعربي إنه عملاق هذا الفن مصطفي حسين صانع البسمة علي شفاه المصريين اتسمت خطوطه بالايجاز والتفرد وقوة التعبير وجسارة الانفعال من خلال التقنيات والمعالجات الفنية واللونية بضربات فرشاة خاطفة سريعة وطازجة فأعماله لا تخطئها العين تصافحك بظلالها وضوئها وألوانها المشرقة عبر حوار مستمر ومتواصل. شكل مع الكاتب أحمد رجب معزوفة ثنائية رائعة وتبلور هذا الثنائي بالكلمة والريشة والفكرة تظل حبيسة هائمة إلي أن تحط رحالها في قلب وعقل فناننا لتخرج إلي حيز النور لتضيء معشوقته جريدة الأخبار تجسد الشخصية المصرية بكل ما تعانيه من مشاكل وأزمات اجتماعية وسياسية بنظرة متأملة وعميقة وبضمير وطني متأجج تتشكل من خلال معجمه الفكري والإبداعي معاً. وكان يري الفنان الراحل لا صحافة بدون كاريكاتير ولا كاريكاتير بدون حرية، كل منهما ينتمي للآخر كانت هذه هي العقيدة التي دفعته للغوص في عالم الكاريكاتير الذي لم يعتبره نكتة لاضحاك الناس بل مهمة قومية لاستبصار الغبي لتنوير المجتمع. ابتكر العديد من الشخصيات منها الفلاح الفصيح ومطرب الأخبار وكمبورة وعبده مشتاق وقاسم السماوي تحولت معظمها إلي أعمال تليفزيونية لاقت اعجاب الجميع. كما أثري برسومه أجيالا من الأطفال والشباب لتنئشة جيل قادر علي التذوق الفني والابداعي. الفنان مصطفي حسين درس الفن بكلية الفنون الجميلة وفور تخرجه عام 1954 تأثر بمدرسة والت ديزني الشهيرة فكان أصغر فنان كاريكاتير يعمل بمؤسسة دار الهلال تصدر رسوماته أغلفة مجلة الاثنين والدنيا ثم انتقل إلي دار الجمهورية رساما بجريدة المساء وفي عام 1963 بدأ مشواره الفني مع أخبار اليوم وآخر ساعة حتي رحيله حصد العديد من الجوائز المصرية والعربية أهمها جائزة النيل المصرية. توطدت علاقتي به عندما تقلد منصب نقيب الفنانين التشكيليين وكنت عضواً بمجلس الادارة عرفته عن قرب ودودا صاحب بسمة دائمة، مواقفه انسانية إلي أبعد الحدود اتسم بالنبل ودماثة الخلق لا يبخل علي أحد بنصيحة سواء علي المستوي الاداري أو الفني المتأصل داخله. رحل عن عالمنا بجسده وإبداعه فسيظل في وجداننا. أتقدم باقتراح للزميل العزيز الأستاذ ياسر رزق رئيس مجلس إدارة الأخبار بمخاطبة المسئولين بتأسيس متحف باسم الفنان مصطفي حسين يضم أعماله الإبداعية والفنية التي أثرت مكونات المشهد الثقافي وصاحبة الجلالة لتكون قبلة للزائرين والمحبين وشاهدة علي العصر.