يروي أن المأمون الخليفة العباسي قال في وصف الخط العربي: لو فاخرتنا الملوك الأعاجم بأمثالها لفاخرناهم بما لنا من أنواع الخط؛ يقرأ في كل مكان، ويترجم بكل لسان، ويوجد مع كل زمان. وقد تعددت المقولات والأشعار التي كتبت في الخط العربي، فقد وصف أيضا بأنه نزهة العيون وريحانة القلوب، ولعل هذه المقولة كانت هي ما دفع د.عصام حافظ الزند لتأسيس مشروع حفر الخط العربي يدويا علي كريستال بوهيميا التشيكي ليري العالم مجموعة من الأعمال الرائعة التي جمعت بين نقاء الكريستال التشيكي مع جمال وروعة الخط العربي. ويعتبر الكريستال التشيكي من أنقي أنواع الكريستالات، فقد اشتهرت مدينة البندقية في العصور الوسطي بإنتاج هذا النوع من الزجاج، ومنها انتقلت أسرار الصنعة إلي الأراضي التشيكية (بوهيميا) وبفضل تطور الآلات، بدأ الإنتاج يتطور حيث أصبحت بوهيميا ومنذ نهاية القرن السادس عشر من أهم المنتجين للكريستال في العالم ولا تزال بوهيميا تحتفظ بهذه المكانة حتي اليوم ويعود الفضل في ذلك ليس إلي إنتاج الزجاج الكريستالي وحده بل إلي غني أشكاله بدءا من المنتجات التي توظف في الاستخدامات اليومية وانتهاء بالروائع الفنية العالية والمتميزة وبدقة ونوعية الإنتاج اليدوي للنحت والتنعيم. وقد استضافت قاعة دروب مؤخرا معرض الخط العربي التاسع، والجديد في معرض هذا العام هو تقديم مجموعة بديعة من الأعمال التي جمعت بين صفاء الخط العربي مع نقاء الكريستال التشيكي وذلك إضافة إلي لوحات الخط الرائعة التي قدمها نخبة من الفنانين المتميزين. ويري د.عصام الزند ضيف شرف المعرض أن مرونة الحرف العربي وطواعيته وأسلوب الكتابة المتصل، إضافة إلي الزخرفة، أدت إلي تفرد الخط والكلمة والجمل العربية بأشكال وصور تطورت إلي مدارس وأساليب عديدة شكلت ربما عِلما مستقلا بحد ذاته حتي عن الكتابة نفسها وإن اعتمدت عليها فقد غدت عملا فنيا له قواعده وأصوله تطلب أحيانا دراستها والتمرس فيها سنوات تفوق العشرة، وأضاف أن الخط هو إعادة صياغة الحرف والكلمة والجملة لتكون منها لوحة فنية رائعة في الحسن حتي لمن لا يعرف العربية. وكان عميد الخطاطين العراقيين محمد سعيد الصكار رحمه الله يقول إن أي ناقد أو مؤرخ يستطيع أن يزعم أن الخط العربي هو أصفي الفنون العربية وأكثرها نقاءً، لكونه لم يتأثر بأي فن من فنون الأمم الأخري، وذكر في حديثه عن توظيف الخط العربي علي الكريستال التشتكي أن هذه الأصالة وهذا الصفاء والنقاء الذي لا تشوبه شائبة، يلتقي بمنتج آخر مما وهبتنا الطبيعة وأبدع فيه الإنسان، هو مضرب المثل في الصفاء والنقاء الكريستال، حيث يعتبر الخط العربي والكريستال ، كلاهما نزهة للعيون ومن جانبها قالت د. كاميليا صبحي وكيل أول وزارة الثقافة للعلاقات الثقافية الخارجية التي افتتحت المعرض، أن ما شاهدته من تعانق الخط العربي والكريستال التشكي يشبه النغم، وأنها استشعرت موسيقي جميلة ساحرة تنبعث من الأعمال التي تميزت بالذوق الرفيع والنقاء. وقد شارك في معرض دروب التاسع للخط العربي الفنان صلاح عبد الخالق سكرتير عام نقابه فناني الخط العربي بلوحات خط كوفي، والفنان عبده الجمال مدرس الخط في المدرسة الملكية بالقاهرة (خط ثلث)، وعثمان يونج وهو مدرس بقسم البلاغة والإنشاء بالجامعة الأمريكية بالقاهرة وقد ولد بتنزانيا لأبوين إنجليزيين أسكوتلانديين (خط مغربي ). ومحمد حسن مدرس للخط العربي بالجامعة الأمريكية والألمانية بالقاهرة (خط فارسي وثلث (، ونبيهة الرفاعي مديرة منتديات الخط العربي لشبكة المبدعين، ويسري المملوك مدرس الخط العربي بكلية الفنون الجميلة والنوعية بجامعة الإسكندرية (خطوط مختلفة مع التشكيل)، ذلك بالإضافة إلي أعمال الكريستال الرائعة التي وظف فيها لوحات الخط العربي للفنانين الراحل محمد سعيد الصكار، وحاكم غنام، وخضير البوسعيدي، وصلاح شيرزاد، ووسام شوكت.