يحرص الفنان حلمي توني علي تنويع رموزه التي يوظفها في أعماله ليخرج عن المألوف ويثير خيال المتلقي لمحاورة أعماله، وقد اختار الفنان في معرض الأخير الذي أقيم تحت عنوان "بهية وإخوتها" بقاعة بيكاسو أن يوظف رمزا جديدا تمثل في البندقية التي ظهرت في عدة لوحات، معبرا عن حاجة »مصر البهية« إلي القوة في الفترة الحالية. وربما ظهرت رموز أخري في هذا المعرض مثل السمكة والنخلة، ولكنها رموز صاحبت الفنان منذ فترة طويلة وقدمها بكثافة في معارض سابقة فالتحمت بأعماله، لتظهر بين حين وآخر مفسحة المجال لرموزه الجديدة، وتعبر النخلة في أعمال التوني عن السمو والارتقاء والإحساس بالذات. وللفنان حلمي التوني بصمة لا تخطئها العين ولكنه كذلك كثيرا ما يحرص علي التجديد في أطروحاته الفنية، فبالرغم من اهتمامه بالمرأة واختيارها تيمة منفردة لمعرضه الآخير، إلا أن المرأة ظهرت متجددة وطرحت اللوحات شخصيات متنوعة اصطحبت المتلقي إلي عوالم مغايرة تتماشي مع الاختلاف المجتمعي والفكري والثقافي لشخصية المرأة المصرية وتطورها مقارنة بفترات سابقة . وقد انقسمت لوحات المعرض إلي ثلاث مجموعات تمثلت في مجموعة "بهية" التي قدمت بنت البلد الفلاحة، ومجموعة "انجي" الفتاة العصرية سريعة الحركة ذات القوام الممشوق، ثم مجموعة "شلبية" بنت العز المرتاحة المدللة الكسول ذات القوام الممتليء الذي يذكرنا بأيام مضت. وبهية بالنسبة للفنان هي رمز مصر حيث يقول: منذ أن أطلقها الشاعر أحمد فؤاد نجم "مصر يامه يا بهية.... يم طرحة وجلابية" أصبحت مصر عندي هي "بهية" الفلاحة حارسة الأرض والبيت، ويضيف : لكن هناك أيضا شخصية "إنجي" الفتاة العصرية الرشيقة التي تشبه عرائس الماريونيت في قوامها وحركتها... وهو نموذج لم نعتده في الماضي ، ثم هناك "شلبية" بنت البلد الممتلئة، السمينة المرتاحة، في هذا المعرض أقدم نماذج "من نساء مصر ، وكلهن رغم الاختلاف، جميلات فاتنات. وتدعوك كل لوحة من لوحات التوني للتأمل والتفكير في عالمها السحري الخفي، فقد ظهرت حالة الازدواجية أو المرآة في عدد من اللوحات، حيث يعلق الفنان قائلا : كثيرا ما أرسم شخوصا منفردة تصحبها شخصيات ثانوية، ولكن تلك اللوحات ربما تعني حالة حوار بين الطرفين أو تأمل الذات، ثم هناك لوحة أخري لتلك المرأة التي تحمل السمكة وبجوارها ثلاث فردات لنفس الحذاء، ربما كان الحذاء الإضافي وسيلة مختلفة للدفاع عن نفسها . أما الموناليزا فقد أعاد الفنان تقديمها برؤيته الفنية، وهي ليست المرة الأولي التي يعاود فيها التوني تقديم الموناليزا، حيث أعاد تقديمها ثلاث مرات قبل ذلك، وتعتبر الموناليزا واحدة من اللوحات الملهمة بتلك النظرة الغامضة المحيرة ، ولكن التحدي هو أن يضع الفنان بصمته ورؤيته الخالصة ليبث روحه الفنية في تلك اللوحة، حيث يقول التوني : لوحة الموناليزا تؤكد علي أهمية فكرة الغموض في الأعمال الفنية ، فكل لوحة بها سر علي المتلقي أن يحاول تفسيره.