نافذة جديدة في دنيا الثقافة، بل هي طاقة نور وسط ظلام يعيشه سكان الأحياء الشعبية والعشوائيات، أعني بها الفرع الجديد لمكتبة مصر العامة بحي الزاوية الحمراء، لتكون إضافة وتخدم أكثر من مليوني نسمة.. هكذا عبرت السيدة هالة شريف المدير التنفيذي لمكتبة مصر العامة بالجيزة.. مشيرة إلي أن الاهتمام بإصلاح العشوائيات ينبغي ألا ينصب فقط علي إصلاح المسكن، إنما لابد من الاتجاه نحو إنارة العقل والوعي الجمعي، بلفت أنظارهم إلي أهمية القراءة في التنمية والتغيير للحال الأحسن علي جميع المستويات. وعن الفرع الجديد لمكتبة مصر العامة بحي الزاوية الحمراء- والذي تم افتتاحه منذ أيام بحضور السفير عبدالرءوف الريدي رئيس مجلس الإدارة، ود. صابر عرب وزير الثقافة، وبرنيلا كاردل سفيرة الدانمارك بالقاهرة.. تقول هالة شريف: هذا الفرع الجديد لمكتبتنا يقع وسط مجمع سكني، يضم مباني للخدمات المصرفية لمنطقتي الزاوية الحمراء والشرابية وشارع بورسعيد، وكذلك مجمع تعليمي يحوي 34 مدرسة ما بين الثانوي والثانوي الصناعي والثانوي التجاري والإعدادي والابتدائي. وعن المكتبة تقول: مبني المكتبة مقام علي مساحة مسطحة تبلغ ثلاثة آلاف متر مربع ويتكون المبني من بدروم يخدم المعالجة الفنية للكتب، وطابق أول لمكتبة الطفل، وورش فنية للطفل، وطابق ثان لمكتبة الشباب والنشء، وقاعات للتدريب علي استخدام الحاسب الآلي وتعلم اللغات.. هذا إلي جانب قاعة مؤتمرات بالدور الأرضي تسع حوالي 300 فرد وكافيتريا تمتد أيضاً بالحديقة، ويحيط بالمبني مسطحات خضراء ومسرح روماني لإقامة عروض مسرحية وترفيهية في الهواء الطلق، وقد بلغت تكلفة الإنشاءات والتجهيزات 36 مليون جنيه مصري ساهم الجانب الدنماركي ب16 مليون جنيه، وأنفقت الحكومة المصرية 20 مليون جنيه . وأكدت هالة شريف أن إنشاء المكتبة في الزاوية الحمراء لن يعتمد علي المفهوم التقليدي للمكتبات، بل ستكون المكتبة بمثابة ملتقي فكري وثقافي واجتماعي لكل أهالي منطقة الزاوية وما يجاورها من أحياء تساعد علي النهوض بتلك المنطقة وتنميتها. وعن المحتوي العلمي والثقافي تقول: المكتبة تضم 44 ألف مادة ثقافية موزعة ما بين 21 ألف وعاء معلوماتي لفئة الكبار، 22 ألفاً ومائتين من أوعية المعلومات لمكتبة الطفل، 800 مادة متعددة الوسائط وقد تم تجهيزها بأحدث الأجهزة التقنية والتكنولوجية وشبكة الاتصال.. إضافة إلي تزويدها بأحدث ما أنتجه الفكر الإنساني في العلوم والآداب من كتب ومراجع علمية ومواد سمعية وبصرية ووسائط متعددة للأطفال والكبار، كل هذا بهدف إتاحة المعرفة والتشجيع علي القراءة، والكشف عن المواهب الإبداعية الشابة في مختلف المجالات والعمل علي تنميتها، ولماذا الزاوية الحمراء تحديداً؟ بافتتاح مكتبة مصر العامة بالجيزة في مارس 2006، نجحت المكتبة في استقطاب جمهور عريض للاستفادة بما تقدمه من خدمات وأنشطة ثقافية وإتاحة الكتب للإعارة لجميع أفراد الأسرة، وانطلاقاً من هذا النجاح شرع مجلس إدارة المكتبة برئاسة السفير عبدالرءوف الريدي في التفكير في إنشاء فروع ترتبط بالمكتبة الأم التي تقع علي ضفاف نهر النيل.. كانت الرؤية التي تبناها مجلس إدارة المكتبة هي أن يكون إنشاء الفروع في مناطق تفتقر إلي الخدمات الثقافية، وكانت البداية مارس 1999، أعني بها فرع المكتبة بمنطقة الزيتون. وتواصل هالة شريف عرض استراتيجية المكتبة في تأسيس فروعها، قائلة: استمرت جهودنا للبحث عن إمكانية إنشاء فرع ثان للمكتبة بالتعاون مع الجانب الدانماركي، ثم اتخذت المباحثات طابعاً جاداً في بداية عام 2005 من خلال لقاءات عقدت بالقاهرة بين الجانب المصري والدانماركي علي فترات لدراسة المشروع، ولكن كان للرسومات المسيئة للرسول (ص) دور في إعاقة وتوقف المشروع لفترة. وبعد ذلك تواصلت المباحثات، وأسفرت عن أهمية إنشاء هذا الفرع بمنطقة الزاوية، وقد أكد الجانب الدانماركي استعداده للمساهمة في تمويل مراحل التشييد وتأثيث المكتبة، وبناء مقتنياتها والإنفاق علي تشغيلها لمدة ثلاثة أعوام بدءاً من تاريخ افتتاحها وعن المشكلات التي بدأت تظهر علي السطح بعد الافتتاح تقول هالة شريف: لاشك أن أي فرع جديد للمكتبة يكون له خصوصية في التعامل مع جمهور المنطقة، وكيفية تكييفهم علي نمط لم يعتدوه في حياتهم، فأنت أمام عملية بناء الانسان الكائن في هذه المنطقة، هذا يستلزم منا تنفيذ عدة خطط خاصة بفن واسلوب التعامل الذي يفتقده خريجو قسم المكتبات والمعلومات الذين نستعين بهم، مساهمة منا في تشغيل الشباب وهناك أيضا الجانب العملي التطبيقي، في كيفية أقامة أنشطة مناسبة لاهتماماتهم، ثم مشكلة أخري تتمثل في الأجور والرواتب، لأنني فجأة فرضت علي الدولة 50 موظفا، بأعبائهم المالية واتساءل: كيف أرشد الانفاق في ظل هذه الاعباء. أما المشكلة الأخري التي تواجهنا فهي أن كل العاملين في المكتبة سواء الأم أو الأفرع يعملون بنظام التعاقد، وهذا لم يكن مشكلة في البداية لكن المشكلة بدأت مع قانون 91 لعام 2102 الذي أصدره المجلس العسكري ونص علي حظر التعاقد وأن كل من يعين في الحكومة يجب أن يكون علي درجة وظيفية. ورغم ذلك فقد راعيت أن يكون العاملون في المكتبة من أهل المنطقة، وقمنا بتدريبهم في المكتبة الأم وغرسنا فيهم أن ما يقوموا به ليس وظيفة نمطية وأنما رسالة يقدمونها لأهاليهم.