وقفت أمام زجاج النافذة تتابع ما يجري في منازل الجيران. كانت تأكل شيئا أشبه بالآيس كريم، أثار لعابي، تذكرت أن هذا المشهد قريب من مشهد آخر وددت أن أكتبه في سيناريو لم يكتمل. لا أعرف لماذا لم احاول طوال الساعتين ان انظر إليه.. وربما لأني كنت استمتع بمتابعة علاقتها بصديقها »الجاي« البدين وبأشرطة البورنو التي استعاضت بها عن حبيبها، فلم أحاول أن انتزع نفسي من التركيز لأواجه عينيه، ظللت اشاهد بنصف وعي. عندما لمست يده الرطبة كتفي، التفت. كان يبتسم، اعتذر عن التأخير. كنت اعرف مشكلته مع التبول كل صيف. كان الزحام يزداد أمام دار العرض، سألته عن رأيه في الفيلم. قال إنه أعجبه خاصة شخصية »فرانكي« قال انني أشبهها كثيراً. ورغم تأكدي من عدم وجودي أي ملامح مشتركة بيني وبين ميشيل بفايفر، إلا أنني عندما توقفت لأعبر معه الطريق، استدار جذعي تلقائياً، فلمحت وجهي في زجاج سيارة. كنت أنا. وبينما استعيد وضعي الأول، لاحظت أن يده تعود إلي جانبه. عرفت أنه حاول أن يمسك يدي ولم انتبه. حدثني عن ذلك المخرج الايطالي المشهور. كنت أحبه. نظر إلي الإشارة التي تحول لونها إلي الأخضر، وقال إنه لا يعرف كيف لم ألاحظ التوافق الكبير بيننا في أشياء كثيرة أمسكت يده وأخذت اداعب عروقه النافرة. ضغط علي يدي دعاني لمشاهدة الفيلم الأجنبي للمخرج الإيطالي في شقته. نظرت إلي الساعة بسرعة ولكني لم التقط الوقت، وافقت. وأردت أن أقبله بشدة في عنقه ولكن أبواق السيارات جعلته يسارع بالابتعاد عني قليلاً وترك يدي. لمحت في المرآة عيني سائق التاكسي مثبتة علينا. سقطت علبتي وسالت البيرة علي زجاج المنضدة، قال لي ألا انزعج فسيقوم هو بتنظيفها الآن، مع ان ذلك لن يؤثر كثيراً في المنزل لأنه كما أري يشبه»سوق الكانتو« ضحكت. إلا أن خيطاً من السائل الأصفر امتد من المنضدة حتي السجادة كصنبور ضعيف. بعد أن أغلقت زجاج النافذة. توجهت إلي الفراش. مررت أمام المرآة، فلاحظت اني عارية تماماً، وأن جسدي قد اكتسب لوناً آخر بفعل الإضاءة الحمراء في الحجرة. لم أتعود التجول عارية، أسرعت إلي الفراش وسحبت الغطاء علي جسدي. كان هو أيضاً عارياً عندما دخل. ولون جسده أقرب إلي لون جسدي، وقف مستنداً إلي المرآة بعد أن ضغط زر التشغيل في الكاسيت، أخذ ينظر إلي مبتسما وقال ببساطة إنه خانني في الصباح. وعندما لاحظ انزعاجي، أخذ يضحك مشيراً إلي النتيجة التي كتب عليها تاريخ 1 ابريل.. قفزت من الفراش لأنقض عليه وعندما هممت بذلك، كانت هي تقف أمام المرآة التي تكسرت إلي نصفين وأخذت قطرات الدم تتساقط بسرعة من يديها، كان لزجاً وساخناً. راحت تتأمل الكرات الحمراء وهي تنبثق من الجروح التي لم تعد تراها ثم تعبر التعاريج وتتكور في أطراف الأصابع وتتعلق لثوان ثم تسقط علي قدميها، لم تعد تسمع شيئا سوي موسيقي الروك وأنغام الجيتار الكهربائي الصدئة. كل شيء حولها يهتز: الزجاج، الكتب، الأوراق، بنس الشعر علي التسريحة قطع المرآة المهمشة، فقط تشعر بالذبابات تنساب عبر خلاياها صاعدة من الأرض إلي ساقيها إلي عضوها إلي ذراعيها، ثدييها، عينيها.. أخذت تهتز هي نفسها نصف نائمة وعندما رفعت رأسها شاهدته في المرآة يجلس خلفها وربما كان يدخن السيجارة ذات العلبة الزرقاء. ركزت عليه بصرها عبر خصلات شعرها الهائج الساقط علي وجهها، ثم احنت رأسها قليلاً ورفعت ثديها قليلاً وراحت تمص الحلمة البنية التي امتزج لونها بالدماء، بتلذذ وهدوء. قبلني أو قبلها لا أذكر. ولكن طعم السجائر ذات العلبة الزرقاء تخلل لعابي ورائحة العرق الممزوج بالتراب وبعطر شائع علقت بأنفي، أذكر فقط أنني عندما شعرت بسخونة المكان وثقل جسده وأنفاسه اللاهثة علي عنقي فتحت عيني. كان السقف أبيض. انحرفت برأسي جانباً. ومن بين كتفه ورأسه المائل، استطعت أن أراها عبر قضبان صدئة تقف وحيدة والرياح الساخنة المتربة تصطدم بجسدها من الخلف فيلتصق ثوبها الرقيق بإليتيها ويدخل بين فخذيها الصغيرين. وراء القضبان كان هو ممدداً علي فراش أبيض بقميص أبيض وسروال وحذاء أسودين. بعض الذبابات كانت تطن بالحجرة.