في قري الجنوب ترك أهلها أرضهم الزراعية للبوار منتظرين وهم "اللقية"، اتجهوا الي الصحاري والمقابر يحفرونها بحثا عن " الآثار"..الظاهرة قديمة بالطبع ولكنها تزايدت مؤخرا بصورة كبيرة مقارنة بما مضي لأسباب لا مجال لذكرها هنا، وفي تلك القري يتحدث كثيرون عن أساطير انتقال من خانات الفقر المدقع إلي الثراء الفاحش بسبب الآثار. الأسبوع الماضي نشرت جريدة النيويورك تايمز تقريرا مقالا لعالم الآثار دوجلاس بوان عالم الآثار وأستاذ التاريخ بجامعة "سانت لويس" الأمريكية تحت عنوان "ورق البردي.. الأصل والنهب" قال فيه أنه في العام الماضي تلقي ديرك أوبينك أستاذ علم البرديات في جامعة أوكسفورد البريطانية اتصالا من أحد هواة جمع الآثار حيث قال له إنه يمتلك بردية، كانت موجودة داخل تابوت مومياء مصرية. وأشار بوان إلي أنه بفحص العلامات، اكتشف أوبينك أنهما سطور من قصيدتين مجهولتين للشاعرة الإغريقية سافو. وأضاف أنه بمجرد كشف صحيفة "الجارديان" البريطانية عن اكتشاف أوبينك، حدثت ضجة في وسائل الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي. وبعد أن هدأت العاصفة، أعلن علماء الآثار والبرديات حالة التأهب القصوي بسبب النهب واسع النطاق في دول الربيع العربي، وأعربوا عن مخاوفهم من أنه لا توجد معلومات موثقة حول أصل بردية "سافو". وأكد هؤلاء العلماء أنه علي الرغم من الحرص علي إضافة هذه الأبيات الشعرية إلي تراث الشاعرة اليونانية، إلا أن المجتمع تجنب الأسئلة الشائكة حول اقتناء البردية وكيفية وصولها إلي " مقتنيها". وهل وصلت إليه بشكل قانوني. وقال الكاتب إنه حتي لو كان اقتناء بردية "سافو" قانوني بشكل كامل، إلا أنه يعتبر تشجيعا ضمنيا وخطيرا لمهربي الآثار. وأضاف كاتب المقال أن سرقات الآثار في مصر كارثية"، حتي المتاحف لم تسلم من السرقة، حتي أن المجلس العالمي للمتاحف أصدر في فبراير 2012 قائمة حمراء بالأثار المصرية المعرضة للسرقة ومنها المومياوات والتوابيت والبرديات..وهناك أيضا مئات من القطع المصرية معروضة للبيع في مزادات عالمية...كيف خرجت هذه القطع؟ وكيف وصلت الي مزادات العالم؟ وهل هناك اجراءات لوقف بيعها؟ لا أحد يهتم من الأثريين بالإجابة..وحده الدكتور زاهي حواس مشغول بإثبات نسب المشير السيسي للفراعنة...وأن جده ملك من ملوك الأسرة الخامسة...حواس خرج علينا الأسبوع الماضي ليؤكد أنه تم الكشف عن هرم فرعوني للملك "جد قرع السيسي" في منطقة دهشور الأثرية. وأضاف: أن صاحب الهرم المكتشف "من ملوك الأسرة الخامسة، يمكن يكون قريب السيسي". ويبدو أن الجميع يتسابق في حفل صاخب للنفاق..يضر أكثر مما ينفع... ويبدو أن الكل يفكر في مصر بطريقة جهاز "الكفتة"!