تعزيز الشراكة فى الكهرباء والطاقة المتجددة مع البنك الدولى    عوض : نعمل على تعزيز قدرات المحافظات في مجالات التخطيط والتنفيذ والمساءلة    دواجن والسمك واللحوم.. نقيب الفلاحين يوجه رسالة للمواطنين    إيجار شقتك كام بعد تصنيف مناطق الإيجار القديم فى محافظة الجيزة    نيويورك تايمز: ويتكوف يخطط للقاء خليل الحية    الرئاسة السورية تنفي مزاعم تعاون الشرع مع التحالف الدولي ضد داعش والقاعدة منذ 2016    أصوات انفجارات ضخمة تهز العاصمة السورية    السنيورة يروي تفاصيل تفكيك شبكة الاتصالات التابعة لحزب الله في مطار بيروت    حسام حسن: نعاني من الغيابات والشوط الثاني ظهرنا بمستوانا الحقيقي    رابطة الأندية تعلن تعديل مواعيد مباريات الأهلى والزمالك والمصرى فى الدورى    قناة الزمالك تنعي وفاة محمد صبري    النيابة العامة تُحقق في مقتل موظف بتوكيل سيارات في الإسكندرية    ضبط مصنع غير مرخص لتصنيع الأسمدة والأعلاف الحيوانية بالقليوبية| صور    جمارك مطار القاهرة تتصدى لهجمات مهربي المخدرات بضبط 20 كيلو مجددًا    اعتبارًا من الأحد.. تفاصيل نظام الحجز المسبق للتذاكر في المتحف المصري الكبير    مدبولي: الفسطاط تحولت من بؤرة للمخلفات والنفايات لأكبر حديقة بالشرق الأوسط    رامو الموزع الموسيقى لأوبريت يالا بينا: سعيد بردود الأفعال هدية فخر بالمتحف    حسين فهمي: ترميم الأعمال الفنية ضروري للحفاظ على التاريخ الفني    انتخابات إلكترونية لنادي هليوبوليس في حضور وزير الرياضة    لاعب وادى دجلة يوسف ابراهيم يتأهل إلى الدور نصف النهائي لبطولة الصين المفتوحة 2025    تربية عين شمس تحتفي بالطلاب الوافدين    السنيورة: إسرائيل لم تحقق انتصارا عسكريا في حرب 2006    «الصحة» تنظم جلسة حول تمكين الشباب في صحة المجتمع    انطلاق برنامج دولة التلاوة عبر الفضائيات بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة في تمام التاسعة    الهلال السعودى يكشف تطورات إصابات لاعبيه خلال التوقف الدولى    وزارة الصحة: استراتيجيات مبتكرة لمواجهة الفيروس المخلوي التنفسي RSV    إجراء جراحة دقيقة ومعقدة لإصلاح تمدد ضخم بالشريان الأورطي البطني بكفر الشيخ    أزهري: سيدنا محمد تعرض للسحر.. وجبريل نزل من السماء لرقيته    الأمم المتحدة: عشرات الآلاف من نازحى الفاشر فى عداد المفقودين    الكنيسة الأرثوذكسية تعلن تأسيس الأمانة العامة للمؤسسات التعليمية    الأهلي يعلن مواصلة تريزيجيه والشحات برنامج العلاج الطبيعي    وزارة الشؤون النيابية تصدر إنفوجراف جديدا بشأن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    وزير الخارجية يبحث مع نظيره في تركمانستان العلاقات الثنائية بين البلدين    سيطرة آسيوية وأوروبية على منصات التتويج في بطولة العالم للرماية    المسلماني: مجلس «الوطنية للإعلام» يرفض مقترح تغيير اسم «نايل تي في»    وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يبحثون مقترحًا لتدريب 3 آلاف ضابط شرطة من غزة    الطيران المدني توضح حقيقية إنشاء شركة طيران منخفض التكاليف    محافظ المنيا يبحث مع وفد الإصلاح الزراعي خطة تطوير المشروعات الإنتاجية    الزراعة": توزيع 75 سطارة مطورة لرفع كفاءة زراعة القمح على مصاطب ودعم الممارسات الحديثة المرشدة للمياه في المحافظات    تعرف على الحوافز المقدمة لمصنعي السيارات في إطار البرنامج الوطني لتنمية صناعة السيارات واشتراطات الاستفادة من البرنامج    الصحة: إنشاء سجل وطني لتتبع نتائج الزراعة ومقارنتها بين المراكز    حبس زوجة أب في سمالوط متهمة بتعذيب وقتل ابنة زوجها    اليوم.. عبد الله رشدي ضيف برنامج مساء الياسمين للرد على اتهامات زوجته الثانية    أذكار المساء: حصن يومي يحفظ القلب ويطمئن الروح    مؤتمر السكان والتنمية.. «الصحة» تشارك في جلسة «تعزيز العمل اللائق بمصر»    تكافؤ الفرص بالشرقية تنفذ 9 ندوات توعوية لمناهضة العنف ضد المرأة    الأهلي يصل صالة خليفة بن زايد لمواجهة سموحة فى نهائي سوبر اليد.. صور    اليوم العالمي للسكر| وزير الصحة يعلن توجيه ميزانية موسعة للوقاية منه    الداخلية تضبط آلاف المخالفات في النقل والكهرباء والضرائب خلال 24 ساعة    صندوق "قادرون باختلاف" يشارك في مؤتمر السياحة الميسرة للأشخاص ذوي الإعاقة    هطول أمطار وتوقف الملاحة بكفر الشيخ.. والمحافظة ترفع حالة الطوارىء    براتب يصل ل45 ألف جنيه.. 6200 فرصة عمل في مشروع الضبعة النووي    سنن التطيب وأثرها على تطهير النفس    المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي يوافق على إنشاء جامعة دمياط التكنولوجية    نانسي عجرم ل منى الشاذلي: اتعلمت استمتع بكل لحظة في شغلي ومع عيلتي    مصرع شقيقتين في انهيار منزل بقنا بعد قدومهما من حفل زفاف في رأس غارب    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    غلق مخزن أغذية فى أسوان يحوي حشرات وزيوت منتهية الصلاحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليه مفيش هنا ثورة يا بابا؟
نشر في أخبار الأدب يوم 30 - 11 - 2013


الزمان: الثلاثاء: 25 يناير 2011 / العاشرة صباحا
المكان: "ميدان المستشفي" الميدان الرئيسي لمدينة موط بمركز الداخلة - محافظة الوادي الجديد.
الميدان خال تماما إلا من سيارة شرطة بها ضابط صغير السن يبدو متجهما من وقفته المملة في هذا المكان يرافقه اثنان من الجنود وأمين شرطة متحفز، بدا ذلك من نظرته المتنقلة حوله فوق الفراغ الجاثم فوق صدر الميدان.
لاشيء يختلف في صباح الميدان عن أي صباح يوم عطلة رسمية سابق، نفس الخواء والصمت، لا جديد سوي سيارة الشرطة المفتوحة الابواب تلك بوقفتها غير المعتادة في هذا المكان وذلك التوقيت.
تبادر ساعتها الي ذهني المحبَط السؤال المُحبِط: أين الثورة؟
ويبدو ان الإحباط الثوري هنا بدأ سريعا فهناك ثورة قائمة علي البعد لكنها لم تصل الي هنا حتي الآن.
انتظرت ربما لبعد مسافتنا عن العاصمة ستصل الثورة قريبا ولكنها طوال فعاليات الثورة حتي بعد ان انتشرت في ربوع مصر لم تصل ويبدو أنها ضلت الطريق فوق تلك الرمال للصحراء الشاسعة التي تحيطنا من كل صوب .
يومها لم يختلف الحال تقريبا لا في الصباح أو المساء غير أن تلك السيارة كحلية اللون اختفت أيضا من الميدان مع نهاية النهار وان كانت ظهرت علي فترات متقطعة بعض الاجساد وهي تقطع الميدان وتختفي لحال سبيلها.
الثورة هنا تناقلت شفاهة بين الناس كنت أراها تتناثر وتتلاشي مع دخان السجائر والنراجيل علي المقهي أمام شاشات التلفاز.
حتي المثقفين هنا آثروا نضال "الكيبورد" عن أي فعل ثوري حقيقي، شعرت وقتها بوحدة حقيقية وبإحباط عارم، ولم أجد لدي اجابة واحدة لتساؤلات طفلتي عندما كانت تسالني بكل براءة بعد ان تشاهد التلفاز المفتوح دائما علي الاحداث والذي لم يكن يأتي وقتها لها بقنواتها المفضلة : هو ليه مفيش هنا ثورة يا بابا؟
حتي عندما تحرك الناس هنا تحركوا في اتجاه مخالف تماما، فبعد أن ألقي "المخلوع" خطابه العاطفي خرج القلائل صباح اليوم التالي مدعومين بأكياس عصير "البست" من فلول النظام وأعضاء الحزب الوطني ليهتفوا ضد التحرير قائلين في صوت واحد (يا تحرير ..يا تحرير..كده كفاية ..كده تخريب) حتي هتافهم لم يكن مسجوعا بما يكفي ليقنع أو ليتناسب مع كل هذه الأكياس البلاستيكية الملقاة بارض الميدان فارغة من العصير.
وحتي اللحظة الراهنة رغم الاحباطات الكثيرة والعامة التي مرت بها الثورة أري ذلك المشهد هو قمة الاحباط، فلم يغب عن خاطري لحظة واحدة كلما رأيت الثورة يسقط أحد شهدائها.
واستمر الامر هنا علي عاديته، حتي بعد سقوط النظام لا اختلاف سوي بعض المطالب الفئوية علي استحياء أو بعض المطالبات بنقل مسئول من منصبه أو "أمين شرطة" من قسم الداخلة.
ما كان يعزيني عن كل هذا الفقد أثناء ثورة الخامس والعشرين صديق حميم لي من بلدتي يعمل بالقاهرة من مدة طويلة شارك في الثورة من يومها الأول انتهاء بالزحف إلي الاتحادية يوم الجمعة 11/ 2/ 2011 .
كان صديقي"سيد عبد الشافي" هو من أري فيه الثورة بكامل تفاصيلها وكان في مهاتفتي له يوميا تقريبا حرصي علي الاطمئنان إلي أين تمضي مصر بثورتها، لن أنسي ما حييت صوته المبحوح ليلة موقعة الجمل وبعد ذلك الخطاب العاطفي عندما رد علي الهاتف وقبل أي تحية أو سلام فاجأني بصراخه "برضه مش حنمشي..هو اللي حيمشي" وانقطع الاتصال تأكدت ساعتها أن هناك أملا يلوح في الافق وان كان بعيدا عنا بكثير، ولكن لاضير.
ظننت بعد ذلك ان الاحباط الذي جثم علي صدري انتهي بسقوط النظام الا انني بدأت اكتشف ان احباطا عاما بدأ في التوغل إلي نفسي تقريبا مثل جميع المصريين المؤمنين بحريتهم بداية من سيطرة "مجلس طنطاوي" العسكري علي الحكم وتمثيلية الاستفتاء علي التعديلات الدستورية يوم 19مارس 2011 ، ثم اطلاق العنان لحركات الاسلام السياسي لتتربع علي قمة المشهد مستغلة العاطفة الدينية لجموع البسطاء من الشعب وتخلي تلك الحركات عن الثوار في الميدان يواجهون مصيرهم امام طغمة العسكر واسرعوا لحجز كراسيهم الوثيرة والمريحة في مجلسي الشعب والشوري.
وكنت أتذكر وأنا أري شيوخهم علي الشاشات يسبون ويسفهون الثوار في الميادين ذلك المشهد في بلدتي ابان الموجة الأولي للثورة عندما الصق الناس للثوار تهمة التخريب.
أذكر انني قبل انتخابات الرئاسة كنت ساشارك في احدي الامسيات الشعرية فقررت أن اكتب قصيدة عامية علي غير عادتي تعبر عن تلك الخيانة للثوار وعن محاولة عسكرة الدولة مرة أخري انهيتها بقولي:
هما اللي سلسلوها
وأدوها وكمموها
لعنوا ميتين أبوها
حاكموها وعسكروها
ذلوها وزلزلوها
واما "أخوانها" باعوها
حاصروها في الميدان.
ثم كانت أكبر الصدمات وظهور نتيجة انتخابات الرئاسة ووضعنا اختيار الشعب وديمقراطيته المكتسبة بين فكي رحي الفلول والاخوان ولكنني لم أنسق إلي محاولات التبرير بأن نظام الاخوان هو ممثلنا الثوري وذهبت خلف ستارة التصويت لأبطل صوتي وكتبت علي الورقة ليس أكثر من كلمتين لعنت فيهما حال الشعب الذي أوصلنا إلي كل تلك الاحباطات.
وجاء "مرسي" ممثلا للاسلام السياسي في رئاسة الدولة وجاء الدستور لتكتمل الدائرة حول رقبة الثورة ، وظهر انقسام الشعب المصري الذي نعاني منه حتي الآن.
حتي بعد أحداث الثلاثين من يونيو 2013 وازاحة "الاخوان المسلمين" عن سدة الحكم واعتقادنا بقرب تحقيق الثورة لأهدافها ومطالبها إلا أنه لاحت في الافق تلك المحاولات لإعادة الدولة البوليسية كما كانت وسيطرة فلول النظام السابق مرة أخري وتصدرهم المشهد وزاد الانقسام أكثر مما كان غير أن الشيء الأكثر احباطا فوق كل ما فات هو مشهد القتل الذي أصبحنا نغسل به وجوههنا يوميا تقريبا مع كل صباح جديد.
المؤلم في كل ذلك أنني كلما سألت نفسي : ماذا قدمنا للشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل حرية لن يروها ؟ أشعر بحرج شديد ودمعة ساخنة تسقط في طريقها إلي الأرض تحت قدميَ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.