الشعور بالسنين ليس له علاقة بالسنين، بعد ثلاثة أشهر وبضعة أيام أبلغ الثمانين، وأتابع هذه الأيام الصديق الناقد المبدع، صاحب الفضل يوسف الشاروني وهو يغرد لسن التسعين الذي يفرح بها وكأنه صاحب القرار فيها، وأصالح الأستاذ محمد حسنين هيكل بعد طول خصومة سرية وتحفظ حذر- وأدعو له بطول العمر، والمغفرة، وأدعو لمصر، وأعمل لها، ولله، وللناس، وأتساءل : إذن ماذا؟ أعيش أحداث هذه الأيام صاعدا هابطا، فرحا متألما، مشاركا منتظرا، متأملا حذرا، آمِلا ساخطا، مجتهِدا مترددا، والذي يحسن قراءة هذه الصفات واحدة واحدة ، ثم: »معا«، ويصدق ما تعني، يستطيع أن يتعرف علي سني الآن وأنا أكتبها. بعد إحالتي إلي المعاش، كتبت قصيدة بعنوان »النورس العجوز في : /235 1996، أنهيتها بأنه »ما عاد يستطيع«، »ما عاد يستطيع«. وتمر الأيام، أعني السنين، أعني الثواني،أعني الميكروثواني، وأجدني »ما زلت أستطيع«، »ما زلت أستطيع«، فأنتهزها فرصة وأنشرها من هذه النافذة هكذا : أنهكًنِي التحليُق في سمائِها اللعوبْ أنهكَنِي نجاحِيَ الدؤوبْ وصخرتِي تودّع الصلابهْ لكنّها لا تنكسر
أريدُ والدي أريده يحول بينها وبيني أرُيد سجَّانا يفكُّ قيدي، إذْ يِِحكم الأقفال لا أضيعُ حرّا
أريد أن أنام في حضن التي تراني: كما أنا: فرخًا صغيراًً لائذاًً بعُشَّهِ لا في الأعالي حيث يحسَبُون لم ينمُ بعدُ ريشُهُ فلم يَطِر أصلاًً ، فكيف تبحثون عنه في السماءِ أيها القُساهْ أريد مَنْ تراني فاتحا منقاريَ الطريّ ألقُطُ من منقارها الحنانَ والأمانَ والحياهْ أريد أنطوي تحت الجناحِ أعبرُ الفيافي دون أن أحلّقْ
أريد »خيزرانةً«: تفيقني، أري بها حدودي أريد جلاَّدا يحول دون قتلي يأبي أضيعُ وسْطَ وهْم ذاتِي لا تضحكوا علي طفلٍٍ غريرٍ صدّق الأكذوبة لا تخدعوه تتركوهُُ في سمائها، والخيط في أيديكمو كأنه المشانقُ الخفيّة. لا تزعموا بأنه »أراد« النورسُ الجسورُ لم يعد يدورْ. قد أنهكتْهُ لُعبة الصعودِ، والسرابُُ يسبقهْ، يغمرُه الدُّوار، والفراغُ يخنُقه قد آن أن يحُطَّ فوق أرضكمْ- لا ترجموهُ كهلا. إن حطَّّ تدفنوه دون معزَي، تأكله الديدان وهو بعدُ حيّا. لا لن يعودْ أسنَّة الرماح مُشرعة تملأ وجه الأرض والقلوب لم يبق إلا أن يظلّ فوق الفوق ضائعا وكلُّ ما يشُدّه يذوبْ فتختفي السماءُ في الضياءْ ويختفي الضياءُ في الغروبْ يتوهُ في دوائرِ الصباح والمساءْ يواصلُ التحليقَ صاعدا معانِدا لكنّهُُ: ...ما عاد يستطيع .....ما عاد يستطيع
ثم أفاجأ به اليوم 7/7/2013 يضيف: ما عاد يستطيعُ الهبوطَ من جديدْ يواكب الأسرابَ من قريبٍ أو بعيدْ يطّاير الزبدْ، ويبقي ما يفيدْ ، يسبِّح الصمدْ ذا العرش المجيدْ