في 25 ديسمبر 1930 وُلد محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمي ذ المعروف باسم صلاح جاهين ذ في شارع جميل باشا في شبرا. كان والده يعمل في السلك القضائي. بدأ صلاح جاهين دراسته بكلية الفنون الجميلة ولكنه لم يُكملها حيث درس الحقوق. يحتفظ المصريون في ذاكرتهم بالعديد من الأعمال التي قام بها الفنان القدير صلاح جاهين منها: فيلم عودة الابن الضال (1976). كما كتب سيناريو فيلم خلي بالك من زوزو (1972) والذي كان يُعد أحد أكثر الأفلام رواجاً في فترة السبعينيات إذ أن عرضه تجاوز حاجز 54 أسبوعاً متتالياً. وفي عام 1962 قام بالتمثيل في فيلم (شهيد الحب الإلهي)، وفي عام 1965في فيلم (المماليك). عمل محرراً في عدد من المجلات والصحف، وقام برسم الكاريكاتير في مجلة روز اليوسف وصباح الخير ثم أنتقل إلي جريدة الأهرام، حتي أن كثير من قراء جريدة الأهرام كانوا يبدأون مطالعة الجريدة بكاريكاتير صلاح جاهين، فكان كاريكاتير صلاح جاهين أقوي من أي مقال صحفي - مما حدا بجريدة الأهرام أن تكون تكاليف نشر التهاني والإعلانات التي تقع أسفل كاريكاتير صلاح جاهين لها سعر خاص مرتفع نظراً للأقبال الشديد علي مطالعة الكاريكاتير. ولا ننسي في فترة صوم رمضان الكريم عندما كانت الإعلامية المتميزة مدام أمال فهمي تقدم لنا (فوازير رمضان) كان يكتبها لها ببراعة معهودة الفنان صلاح جاهين. كانت رباعياته يحفظها معظم معاصريه عن ظهر قلب، حتي أن الهيئة المصرية العامة للكتاب عندما قامت بطبع تلك الرباعيات، حتي أن المبيعات تجاوزت 125 ألف نسخة في غضون بضعة أيام. تلك الرباعيات التي لحنها الملحن الراحل سيد مكاوي وغناها الفنان علي الحجار. من أجمل الرباعيات التي طالعتها له: (يا طير يا طاير السما يا بختك .. لا فارق معاك حاجة وعايش براحتك .. لو عرفت إيه اللي فينا .. عمرك ما هتبص تحتك .. وعجبي!!). كانت حركة الضباط الأحرار وثورة 23 يوليو 1952، مصدر إلهام قوي لصلاح جاهين، فقام بتخليد الزعيم جمال عبد الناصر فعلياً بأعماله، حيث سطر عشرات الأغاني. في عشية 5 يونيو 1967، كتب لسيدة الغناء العربي أم كُلثوم كلمات الأغنية الوطنية الرائعة (راجعين بقوة السلاح)، لكن بعد النكسة التي حدثت أصيب بكآبة، لكنه لم ييأس فكانت النكسة ملهماً فعلياً لأهم أعماله الرباعيات والتي فيها قدم بعض الأفكار السياسية في محاولة لكشف الخلل في مسيرة الضباط الأحرار، فكانت من أقوي ما أنتجه هذا الفنان العظيم. ثم جاءت الوفاة المفاجئة للرئيس جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970 سبباً في حالة الحزن والكآبة التي أصابته وكذلك السيدة أم كلثوم، إذ كان الزعيم جمال عبد الناصر لهما وللمصريين المخلصين الملهم والبطل والرمز لكرامة مصر. أذكر في يناير 1986 كنت قد سافرت في مهمة علمية لجامعة ليفربول بإنجلترا موفداً من جامعة الإسكندرية وبتمويل من المركز الثقافي البريطاني بالإسكندرية، في ذلك الوقت لم تكن وسائل الأتصالات متوافرة كما هي الآن. انتهيت من المهمة العلمية في شهر إبريل وعُدت ة بشوق زائد لأرض الوطن ة كانت فجيعتي الكبري وأنا أنهي إجراءات الدخول مع ضابط الجوازات بمطار القاهرة الدولي، أن لمحت عيناي بنسخة جريدة الأهرام خبر رحيل الأستاذ صلاح جاهين فعبرت عن أسفي الشديد في هذا الرحيل وشاركني الضابط الفاضل في تلك المشاعر الصادقة. كان الرحيل في 21 إبريل 1986، عن عمر 55 عاماً.