الشتّاوة أو الشتّيوة - كما ينطقونها أحياناً - هي مجرد نص قصير ( بيت واحد من الشعر ) بسيط التركيب ، لا يقتضي كد الذهن .. علي عكس غناوة العَلَم .. ويري د . صلاح الراوي أن الشتاوة ترتبط بالمجرودة ارتباطاً وثيقاً ، ليس كمجرد نص منفصل ترقص عليه الحجالة ،وإنما هي جزء متمم للمجرودة علي نحو عضوي ، إذ قد يتصل مضمونها بآخر مقاطع المجرودة ، كماأن الشتاوة ترتبط بالمجرودة عموماً من جانبين ، أولهما : أن مؤدي المجرودة ما جاء إلا سعياً وراء هذه الحجالة التي سمع عنها وأعجب بصفاتها ، وثانيهما : أن غالبية نصوص الشتاوة تتضمن عبارة ( عليش تقولوا صار وصار) وهذه ( الصار وصار ) تعني بناء المجرودة نفسه ، بينما الغرض الأدائي للشتاوة هو ترقيص الحجالة ، ولذلك تميزت بإيقاع خاص (سريع ) فالشتاوة تعني الإسراع ، وأنها مشتقة من الشتاء ، حيث يسرع الناس إلي الاحتماء ببيوتهم ، ومغادرة الخلاء .. ووظيفة الشتاوة أو موقعها في الأداء - ولا زال الكلام لصلاح الراوي - حيث ينتهي بأدائها نصيب القبيلة من الممارسة الفنية الاحتفالية ، ويتحتم عليها الانسحاب من ( ربيع الصابية أو السامر ) إلي ( شتاء السكون ) .. كما أن الشتّاوة - في مجملها - مجموعة محدودة من النصوص كثيرة التداول ، وتكاد تكون متاحة كلها في ذاكرة المتلقين ، وهذا النص القصير للشتاوة يمضي المردّدون في أدائه حتي يبلغ منهم الجهد .. لقد اجتمع للشتاوة قِِصَر النص ، وبساطة التركيب ، وبساطة الأداء وتكراره .. ومن الضروري أن تنتهي كل مجرودة بشتاوة ، باعتبارها بيتا واحدا بليغا يظل الصف يردّده لمدة تصل لعشر دقائق ، مصحوباً بالتصفيق بطُرُ ق معينة ، ويحمل معاني مر كّزة للمجرودة .. وغالباً ما يقال عدد من الشتاوات لصفّ ، ثم يبدأ الصف المنافس - في الكِشْك ، الذي يعرف أحياناً بالصابية أو الصفّاق - وهكذا دواليك .. !! وعادة الكشك الليبي يتخللها الكثير من الطرب التراثي الأصيل ، كغناوي العلَم والتمجريد ، والشتاوات . ومن عناصر الكشك : الشتّاي ( الشاعر ) ، و غنّاي العلم ، وقائد المصفّقين الذي يتوسط الساحة ، وكذلك الحجّالة المتخصّصة .. وجاذبية الكشك تكمن في الشتاوة الجميلة ، والجماعة المتمرّسة والسريعة في التفاف التصفيق حولز كلمات الشتاوة ، وخفّة الأيادي والكفوف ، والتوحيد الجماعي ، والحجّالة (الراقصة ) ، وهدوء وحضور المتفرجين الولوعين بهذا المشهد ..!! والشتاوة منها ما هو مثلث ، مثل : ( جرح العين بهن يدّاوي ) ومنها ما هو مربع ، مثل : ( أبو دملج خايل في إيديه .. أنا والناس عنادي عليه ) ومثال : ( قلت لْها يا عين انْسيه.. تْساهيني وتْسيل عليه) والملاحظ علي الشتيوة المربع أنها تكون علي شكل بيت شعري كامل ، يتفق شطراه ، لكنها تكون صعبة علي الكف - كما يقولون - وخاصة إذا كان الكفّ ضعيفاً ( أي قليل العدد ) ، لأنها أشدّ من المثلث ، وتحتاج دائماً لكفّ كبير ، إلا أنها تعمل علي حماس الكف ، وكما هو معروف ، هي تقسمه إلي فريقين عند إلقائها ، فيغنِّي الفريق الأول شطرها الأول ، بينما يغني الفريق الثاني شطرها الثاني .. وينبغي علي صاحب الشتيوة - عند بدايتها - أن يلقيها كاملة ، وبصوت واضح وعالٍ ، ليسمعها ويفهمها الصف كله ، وليعرف كل فريق دوره فيها .. باعتبارها شعرا من سطرين ، يتقاسمها الشباب ، ممزوجة بالتصفيق بالكفوف . وبعد عدّة شتاوات يقوم شاعر بقول غنّاوة علَم ، و التي يقوم فيها الشاعر بالتلاعب بنبرات الصوت لدرجة أنك إذا لم تكن من المتمرسين بهذا الشعر فإنك لن تفهمه ..