الدنيا قديمة يا سِماح الطلّة ... تباعد اتٍقرّب ما لها مِعْدال ولا كل من طال السحاب اتْعلاّ ... ولا كل فارس كي ولاد هْلال ولا كل من لاعب الناس اتسلاّّ .. .ولا كل من يضحك هنيّ البال ( من شعر » منتدي التراث « مطروح ) يقولون إن لكل فئة من البشر، ولكل إقليم في العالم ، أدبه وتراثه الشعبي الذي جلبه معه من قديم الأزمان ويعتزّ به، وهذا اللون من التراث يمر في كل مرحلة بتطور معين ليتلاءم مع المرحلة الجديدة، ويواكب تطور العصر ، لكنه يظل محافظاً علي أصالته .. وهويعبر عما يشعر به أصحابه سواء من حالات الفرح أو الحزن، فهي الطريقة التي يعبرون بها عما يجول بخواطرهم من مشاعر وأحاسيس ، كما يمتاز بلونه وطابعه المميز الذي يميز أصحابه عن غيرهم من الفئات ومن أشكال الشعر الشعبي( أي الملحون ) - في ليبيا، ومحافظة مطروح - هناك تسميات عديدة منها : المجرودة ، والشتّاوة، والبوطويل، والقسيم ، وبيت الطق أو الطبيلة، وغنّاوة العَلَم ، والملزومة، والقصيد، وضمّة القشّة ، والتعديد والنواح ؛ وكل هذه الألوان من الغناء أو الشعر الملحون تختلف في أبنيتها الفنية، أما من حيث الغرض الشعري ،فإن كلاًّ منها تصلح لغرض لا تصلح له غيرها.. و» المجرودة» هي قصيدة طويلة من الشعر الملحون، ذات قوافٍ، بشكل معين، وما يلاحظ علي المجرودة - كما يقول عنها الباحثون الشعبيون - أنها تنطلق ببيت أحادي القافية، كلمته الأخيرة تختلف بقافيتها عما سبقها ، ويتلو ذلك فرع قصير آخر مستقل القافية، عدا كلمته الأخيرة، فهي تتفق في قافيتها مع آخر كلمة من المقطع السابق، وهكذا حتي نهايتها .. والأصعب من ذلك أن كل كلمة أخيرة في أي مقطع من مقاطعها تكون مطلعاً للمقطع الموالي، تطابقه في المعني وتختلف معه في القافية. ويقول الباحث الدكتور عبدالله السباعي إن تقاليد التراث الغنائي البدوي يعود في جذوره إلي تقاليد عربية قديمة تأصلت في هذه المنطقة منذ هجرة واستقرار بني هلال وبني سليم فيها، ويشمل هذا التراث : المجرودة، والشتّاوة والكِشْك ، ويؤكد عبدالله السباعي علي أنها ألوان غنائية رجالية تعتمد في أدائها بالدرجة الأولي علي الترديد الجماعي أو النداء والاستجابة لجُمل إيقاعية بسيطة التنغيم تُصاحَب بالتصفيق بالأيدي ، ويصاحب « الكشك « - الذي يُعرف أحياناً بالصابية أو الصفاق - رقصة تؤديها إحدي النساء التي يشترط أن تكون منتقبة - أي لا يظهر وجهها ورأسها- تسمي بالحجّالة ، تعتمد في حركات رقصها علي قوة تصفيق الرجال ..!! والمشاركون في أداء «الكشك» علي هيئة صف طويل، (وقد يكون هناك ثلاثة صفوف وراء بعضها البعض، من هم في صفها الأمامي يكونون جالسين ، ومن هم خلفهم يكونون جلوسا كجلوس الصلاة ،حتي تكون أنظارهم أعلي فلا يحجبهم من هم أمامهم، وأما الصف الخلفي فيكونون وقوفاً، طلباً للرؤية) ويطلق علي هذه العادة »حلقة الكشك« . وهي موجود ة عند أهل المنطقة الشرقية والتي تمتد من مدينة »سِرْت« إلي مرسي مطروح في مصر.. وهذا الفن الجميل يقوم به أهل البدو في الأعراس ومناسبات الطهور وغيرها من الأفراح ، وهذه العادة يتخللها الكثير من الطرب التراثي الأصيل كغنّاوة العلم والتمجريد والشتّاوات ، ويقف شباب البدو في صف واحد يترأسهم رج ل يكون من أقدر الرجال وأكثرهم شاعريةً وأشعاراً، أو يكون من أهل العرس، ويبدأ الكشك من قِبَل الشباب الصغار ، كعملية تنشيط -قبل دخول الشعراء الفطاحل -فيقوم الشباب بشكر العريس علي عزومتهم للعرس، ويهنئونه بالفرح بأشعارهم الخاصة أو المحفوظة من التراث والتي يسمونها «الشتّاوات» ، والشتّاوة هي شعر من سطرين، يقوم فيه الشباب بتقاسمها، أي نصف الصف الواقف يقول شطرة، والنصف الآخر يقول الشطرة الثانية، كل ذلك ممزوجاً بالتصفيق بالأكفّ ..!!