يتم أداء المجرودة في الهواء الطلق بواسطة مجموعة من الرجال الواقفين علو أرجلهم بشكل قوس يحيط ب (الحجالة ) التي تقف عند نصف القوس تقريباً ، غير كاشفة وجهها ، وواضعة كفّيها فوق بعضهما ، متكئة علي عصا ، مستندة علي الأرض ، دون أداء أي حركة معينة ، بانتظار خروج المِجْراد ( المجراد هو الشاعر أو الراوي الذي يلقي نَص المجرودة ) يبدأ أحد الموجودين بأداء غنّاوة علَم ( سوف نفرد حلقة خاصة عن غناوة العلم ) يلقيها الشاعر أو الراوي أو المجراد - كما يُسمَّي - وذلك بعد الخروج من الصف متقدماً نحو الحجالة لاستئذانها في أداء المجرودة التي يكتنفها وصف لحسنها وجمالها ، ويكون التصفيق من باقي الرجال هادئاً بحيث لا يُْسمع ، حتي ينتهي الشاعر من أداء غناوة العلم ليبدأ في أداء المجرودة ، والتي تقوم الحجالة بالرقص علي لحنها الذي تُلقَي به .. أما باقي الرجال فإنهم سيقومون بترديد آخر بيت في كل مقطع يلقيه الشاعر من المجرودة - وهذا ما يُعرَف باللازمة ، والتي قد تُعاد مرتين أو ثلاثاً ، يصاحبها تصفيق خاص من بقية الرجال بضرب الكف علي الكف بقوة ربما لإيصال معني الحسرة والندم علي فقد المحبوب .. ومثال ذلك : أهلا وسهلا ومسا الخير.. لك جايبنا شوق غْزير انت قدرك فوق الناس كْبير ... انت فوق الحاجب والعين أو : مرحبتين أهلَا لا جيتي ... كيف الحال وكيف مْسيتي مرحبتين بعدِ ن طلّيتي... عشتي شرّفتي وعلّيتي وانتي قدّ ا مي صبّيتي ( أي وقفتي ) ... نحكيلك ما صاير فينا
والمجرودة - في الماضي - كانت تؤدَّ ي من شاعر واحد ، كان يرتجل بشكل فوري ، والشاعر يقابل صفاً واحداً ، أوتؤدّي من شاعرين و صفّين متقابلين متنافسين .. ويصاحب الأداء امرأة واحدة ( تسمي الحجّالة ) أو أكثر (من نفس القبيلة) ، تؤدي - علي طول الصف - نوعاً من الرقص يسمي التحجيل ، وفي حالة الصفين المتنافسين يتنافس كل صف في جذب الحجالات إلي صفه عند دوره ، بأدائها التحية بطريقة راقصة ، وذلك بقوة المعاني الشعرية والبلاغية للمجرودة ، وقوة أداء الصف من تصفيق علي الشتّاوة، حيث تنتهي كل مجرودة بشتّاوة ( والشتّاوة عبارة عنب بيت واحد بليغ يحمل معاني مركزة للمجرودة ) مثل : ( نقول لها يا عين انسيه .. تساهيني وتسيل عليه) وهذا النص - الشتّاوة - هو في الحنين والشوق إلي الحبيب الذي فارق لسبب من الأسباب وترك حبيبه لعينه التي تذرف الدموع .. وكذلك مثل : (وقطاطيها ريم الاجفال.. غِرنْبة حامِن فوق جبال) وهذا وصف لشَعر المرأة - المراد وصفها- بأن لونه كلون ريش طير الغراب الشديد السواد ، وهذا الغراب يحوم طائراً فوق كثبان من الرمال الناعمة البيضاء .. وهو وصف لبشرة المرأة في تلك البيئة الصحراوية التي يندر فيها اللون الأبيض بالنسبة للمرأة .. والملاحظ أن نص الشتاوة يخضع للوزن والتقفية (الشطران لهما نفس القافية). في كتابه ( الشعر البدوي في مصر ) يقول د.صلاح الراوي عن المجرودة : يمثل هذا النمط أطول نصوص الشعر عند بدو - منطقة إقليم مطروح - وهو طول فرضته وظيفة هذا النمط ، وحددت بذلك اسمه ، ففي المجرودة يستعرض الناص تجربته المحددة ، أو تجربة غيره علي نحو سردي ( قصصي ) إذ قد يحكي عن رحلة من رحلاته أو عن واقعة من الوقائع الفردية أو الجماعية ، أي يقدم مَجْرداً ، أو مجرودةً ( أي بياناً أوجرْداً) لأحداث الرحلة بكل تفاصيلها في عرض دقيق للأحداث من مواقف و أماكن ومحاورات ، إلي جانب استعراض آراء الناصّ ( الجارد أو المجراد )، ومواقفه من الأحداث .. !!