وُلد عمر طوسون بمدينة الإسكندرية في 8 سبتمبر 1872م، وكان والده الأمير محمد طوسون باشا وكان جده محمد سعيد باشا والي مصر نجل محمد علي باشا عميد العائلة المالكة. أما والدته فكانت الأميرة فاطمة اسماعيل هي إحدي بنات الخديوي اسماعيل والتي تزوجت من الأمير محمد طوسون باشا عام 1871. توفي والده وهو في الرابعة من عمره، فربته جدته لأبيه وأشرفت علي تعليمه، فدرس العلوم الأساسية تحت إشراف مدرسين متخصصين في قصر والده. وعندما بلغ سن الشباب سافر إلي سويسرا وهناك أكمل تعليمه في العلوم التجارية واللغات. ثم ذهب إلي إنجلترا وفرنسا حيث شاهد التقدم في النواحي الإجتماعية والعلمية والصناعية والزراعية وذلك قبل عودته إلي مصر. أتقن كتابةً وقراءةً اللغات التركية والعربية والإنجليزية والفرنسية بطلاقة كما كان يجيد رفع المسح المعماري. ورث عن أبيه ثروة طائلة، وبعد عودته من الخارج تفرغ لإدارة أملاكه. كانت هذه الثروة كفيلة بأن تضمن له عيشة رغدة واستمتاعاً بمباهج الحياة دون تعب، ولكنه لم يكن من هذا النوع من البشر الذي يركن إلي الراحة والإسترخاء، بل كان من النوع الذي يجد المُتعة في العمل النافع الجاد. من منطلق وطنيته شارك في الحياة السياسية مشاركة فعالة، فبعد إنتهاء الحرب العالمية الأولي دعا إلي تشكيل وفد مصري يتحدث باسم مصر في مؤتمر فرساي المنعقد في 11 نوفمبر 1918 للمطالبة باستقلال مصر من الأحتلال البريطاني، دون النظر إلي حزب أو جماعة سياسية، ولو أن سعد زغلول أنفرد بتشكيل الوفد المصري بعيداً عن أقتراح عمر طوسون وكادت تحدث أزمة تهدد وحدة الصف ثم تغلبت المصلحة العامة علي هذا الخلاف، وعاود سعد زغلول الأتصال بالأمير عمر طوسون، فوقف إلي جانب ثورة 1919 وتحول قصره بالإسكندرية إلي مركز للعمل الوطني صدرت منه البيانات المؤيدة لحقوق الأمة. يُعد الأمير عمر طوسون من أكثر المصريين في العصر الحديث مشاركة في أعمال الخير والبر. فحين تعثرت الجمعية الخيرية الإسلامية في ميزانيتها ذ بسبب تأخر كثير من المساهمين فيها عن تسديد إشتراكاتهم الشهرية أو السنوية ذ إستجاب الأمير لدعوة أهل الخير للتبرع بالمال لتتمكن الجمعية من أستكمال رسالتها فتبرع بمبلغ 5000 جنيه في سنة 1920، كما دعا غيره للتبرع فوصل المبلغ إلي 15000 جنيه مما ساعد الجمعية علي إستكمال رسالتها. علم أيضاً ما تعانيه الجمعية الخيرية القبطية بالقاهرة من أزمة مالية طاحنة، فتبرع بمبلغ 1000 جنيه مصري، ودعا الأقباط إلي الإكتتاب. وجاء في دعوته التي نشرها في الصحف: (والغرض الأقصي لي من ذلك أن أُشرف علي مضمار للخير في مصر بين الأخوين الشقيقين المسلم والقبطي، تتسابق فيه العزائم وتتباري الهمم؛ لأنظر إلي أية غاية يجري الأخوان المتباريان). وعند زيارته للبابا كيرلس الخامس (1874 1927) البطريرك 112 في الدار البطريركية بالقاهرة، تبرع بمبلغ من المال لمدرستي البطريركية والمشغل البطرسي، يصرف من ريعه علي الطلاب المتفوقين من المدرستين ليواصل الطلاب دراستهم وتفوقهم. أهتم بإستكشاف منطقة وادي النطرون عام 1928 حتي تمكن في أوائل الثلاثينات من العثور علي الأديرة المندثرة الواقعة علي خط رحلة العائلة المقدسة والذي كان أكبر تجمع رهباني في العالم في القرن الرابع الميلادي، وتمكن من الكشف عن 29 ديراً مندثراً لم يتبق منها سوي الأديرة الأربعة الباقية حالياً بمنطقة وادي النطرون. وفي عام 1931 أصدر كتابه عن وادي النطرون باللغة الفرنسية ثم في عام 1935 أصدر النسخة العربية من هذا الكتاب الرائع. وفي 26 يناير 1944 توفي الأميرعمر طوسون.