كنت ومازلت من المدافعين عن استمرار مشروع النشر بهيئة قصور الثقافة، هذا المشروع الذي ولدت بعض إصدراته في حضوري، ولعبت شخصيات ثقافية دورا كبيرا في أن يظل متواجدا، رغم اعتراض البعض مستندا إلي أن هناك هيئة رسمية أخري، هي المنوط بها النشر وهي هيئة الكتاب، ولكن لحسن الحظ لم يستجب لهذه الدعوة، خاصة أن الهيئة الأخيرة لم تكن تصدر ما يجعل لهذه الحجة قدرتها علي الإقناع، واستمر لكل من تولي رئاسة الثقافة الجماهيرية بصمته، سواء بإضافة سلسلة جديدة أو تطوير السلاسل القائمة، ووجد هذا المشروع تأييدا كبيرا من المثقفين والأدباء، لدرجة أن الكثير من المعارك الصحفية أقيمت دفاعا عنه، لمجرد الخوف من تقليصه، وأذكر كيف واجه د. فوزي فهمي انتقادات كثيرة فور توليه رئاسة قصور الثقافة- بشكل مؤقت- خلفا لحسين مهران، مؤسس النشر بالثقافة الجماهيرية، وقد انصبت هذه الانتقادات حول التخوف من تصفيته للمشروع، وقد وصف من جانبه هذا الموقف بقوله « إنها معركة مختلقة»، وبالفعل استطاع أن يهيكل المشروع، وأن يضع رؤية مؤسسية للعمل فيه، مشكلا لجان القراءة لتعاون هيئات التحرير المختلفة في تقييم الأعمال المقدمة، وذلك من أجل ثبات المشروع واستمراريته وفقا لقواعد محددة. وللحقيقة فإن هذا المشروع يرجع الفضل في بلورته وتقديم الدعم الكامل له لحسين مهران رئيس هيئة قصور الثقافة الأسبق، وللناقد محمد السيد عيد الذي كان له الفضل في وضع أهدافه والانطلاق به والتصدي لأية محاولة لوأده، كما لعب د. أحمد مجاهد دورا كبيرا في دفع هذا المشروع، وجعله قادرا علي المنافسة، عندما تولي منصب أمين عام النشر ورئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، فقد اهتم بالجانب الشكلي لأي مطبوع علي قدر الاهتمام بالمضمون، مع ترك الحرية لرؤساء التحرير لإدارة المطبوعات وفقا لرؤاهم. لذا كانت فرحتي كبيرة وأنا أشاهد جناح هيئة قصور الثقافة في معرض الكتاب، الذي ظهر واضحا فيه تراكم خبرات السنين، ولا أبالغ الحقيقة إذا قلت إنه كان واحدا من الأجنحة التي شهدت ازدحاما من قبل المترددين علي المعرض، رغبة منهم في شراء ما تقدمه الثقافة الجماهيرية، فالبفعل كانت هناك عناوين قادرة علي جذب مختلف فئات المجتمع، لأنها تلبي الاحتياجات القرائية المتنوعة لدي مختلف الشرائح، بالإضافة لرخص سعر الإصدارات، التي يصل ثمن بعضها لجنيه واحد فقط. وقد لفت نظري بشدة الكتيبات التي تسعي إلي التوعية السياسية، خاصة أن بعضها أتسم بالجرأة في معالجة موضوعات بعينها، ففي الوقت الذي يحاول البعض إلصاق تهم الكفر مثلا ببعض التيارات المدنية، أو تصنيف الإنسان علي أن هذا شيوعي وذاك علماني، إلي آخر هذه التقسيمات، نجد كتاب « الحركة الشيوعية في مصر» للباحث يوسف محمد، الذي يتناول فيه تاريخ هذه الحركة ومواقفها الوطنية عبر مسيرتها وصولا للحظة الراهنة، ومن الكتب الهامة- أيضا- كتاب الحياة الحزبية الجديدة، لمؤلفيه: أحمد عبد التواب، أحمد محمد حسين، حيث يقدمان تأريخا ومعلومات هامة للأحزاب التي تكونت بعد ثورة 25 يناير 2011، ساردا توجهاتها الفكرية والمبادئ التي تكونت علي أساسها. كما أن هناك الكثير من العناوين الجذابة، إذ أزدحم جناح الثقافة الجماهيرية بإصدرات 27 سلسلة، ضمت الكثيرمن العناوين الهامة في هذه الفترة، التي نحتاج فيها لقراءة عميقة للتاريخ المصري، مع التوقف عند الأحداث الجارية. أخيرا تحية لكل من ساهم في إثراء هذا المشروع والتحية للقائمين عليه في الوقت الحاضر: محمد أبو المجد أمين عام النشر ورئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، صبحي موسي مدير إدارة النشر، وسعد عبد الرحمن رئيس هيئة قصور الثقافة.