صدر كتاب: الفضاءات القادمة الطريق إلي بعد ما بعد الحداثة للناقدين الدكتور معن الطائي وأماني أبو رحمة.. ويقع الكتاب في 560 صفحة من القطع المتوسط. تعد التغيرات الثقافية من القضايا الإشكالية التي تهيمن علي الجهد الفكري للنقاد الثقافيين والمفكرين والباحثين المتخصصين، وكل يعتمد بالطبع في تأويله لمنظومة الأسباب والنتائج علي مرجعياته المعرفية ومنطلقاته الخاصة ، ويقف هذا الكتاب عند اللحظة التاريخية الحاسمة التي شهدت موت ما بعد الحداثة وبدايات بعد ما بعد الحداثة ، ويسعي من خلال تبني إستراتجيات الإحتواء والتجاوز إلي التحرك باتجاهين متعاكسين لكنهما متكاملان، الأول يتجه إلي الماضي في محاولة لصياغة إجابة شمولية نحو المستقبل في محاولة للكشف عن ملامح المرحلة الجديدة القادمة من خلال الجهد النقدي والتنظيري لنخبة من نقاد الفن والأدب والثقافة ، لأذا إعتمد الكتاب علي قسمين متكاملين ،حيث يعني القسم الأول بظاهرة مابعد الحداثة ،ويتناول الحركات الثقافية والفنية والأدبية والإجتماعية ،التي رافقت تلك الظاهرة ،بالعرض والتحليل والتعليق النقدي، فنجد مثلا الناقد لويد سبنسر يؤكد بالعرض كيف أن مابعد الحداثة لم تعد نفسها حديثة بالنسبة لنا، ولكن هل فقدت صلتها بالواقع،؟ ويشير الناقد البارز فريدرك جيمسون إلي أن مابعد الحداثة قد وجدت الزخم الثقافي والشعبي لها من خلال تجاوزها للحداثة، ثم ينطلق العرض والتحليل لظاهرة مابعد الحداثة إلي تاريخها وبدايتها، ومحاولة وضع التعريف المحدد لمصطلح مابعد الحداثة عندما نشر إيهاب حسن مقاله ثقافة مابعد الحداثة عام 1985 ،ثم توالت الكتب وكان أهمها كتاب ليوتار الشهير حالة مابعد الحداثة عام 1979 .يربط الكتاب مابين مهمة الباحث المابعد حداثي وبين تفكيك السرديات الكبري ومحاولة اختراق تنميطات السلطة ذات الطبيعة المتعالية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وانسانيا وتاريخيا أتو مايسمي بالظاهرة الكولونيالية، كما أشار إليها الباحث بيتر هولم في كتابه المواجهات الإستعمارية :أوربا والسكان الكايبين المحليين 1492 1797 ويختتم الكتاب جزءه الأول بفترة التسعينات عندما أشار النقاد لموت مابعد الحداثة وظهور بعد مابعد الحداثة ، وقد حدد الناقدان مالكوم برادبري وريتسارد رولاند في كتابهما من البيوريتانية إلي مابعد الحداثة، أن لحظة تحول الأدب من مابعد الحداثة إلي بعد مابعد الحداثة كان بنهاية الثمانينات وبداية التسعينات.في القسم الثاني من الكتاب تظهر مصطلحات مثل الحداثة العائدة، والحداثة المتذبذبة، والحداثة الزائفة، والحداثة الآلية، والحداثة المغايرة، والتلبيدية، والتعقيدية، وما بعد الألفية، والواقعية الرأسمالية. ومن أهم دراسات الجزء الثاني بالكتاب كانت دراسة إيرك غانس عن عصر ما بعد الألفية ، ودراسة راؤول ايشلمان عن الأدائية أو نهاية مابعد الحداثة ،وكذلك دراسة فيليب غالانتر العودة إلي الحداثة الفنية ، وعامة معظم هذه المصطلحات الواردة بالجزء الثاني من الكتاب هي عناوين لكتب أصدرها واضعو المصطلحات من أجل عرض أفكارهم وتوضيحها والترويج لها. ولم يعد الكتاب الورقي هو الوسيلة الوحيدة لعرض الأفكار وتقديمها إلي المتلقي، فقد أعتمد معظم نقاد الأدب والفن والثقافة، وبشكل متزايد، علي إنشاء المواقع الإلكترونية والمدونات ومواقع التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا التفاعلية من أجل الدخول في علاقات تفاعيلة وتواصلية مع المتلقي وفتح باب النقاش والحوار حول تلك الأفكار والمصطلحات. وبذلك يظهر نموذج جديد للمتلقي المعاصر الذي يتجاوز النزعة الاستهلاكية والسلبية إلي مرحلة تفاعلية تتميز بالمرونة والانفتاح، بحيث يمكن للناقد الفني أو الأدبي أو الثقافي الاستفادة المباشرة من خبرات وتعليقات وملاحظات المتلقيين والعمل علي التطوير والتعديل المستمر للنظرية. ويطمح المؤلفان إلي تحقيق نفس صيغ التواصل التفاعلي مع القارئ العربي من خلال وسائط البريد الإلكتروني المثبت في نهاية الكتاب أو مواقع التواصل الاجتماعي.