ملخص ما نشر: يبدأ الرواي حكاياته بمشهد قاس ويصف حالته مع كابوس رمي بثقله علي صدره وكتم انفاسه ، فقد وعيه وأسلم أمره للسقوط بحفرة الموت ، ينتبه لنفسه نصف انتباهة فيتأكد أنه ما يزال حيا ، ويتوصل لفكرة انهما سبعا كوابيس توائم تعرضوا له بالتتابع خلال اسبوع بالتتابع ، كانت امكانية كشف الفروق بين البشر والكائنات الحية متاحة علي العكس من الكوابيس لأنها تتشابه وتتطابق وبلا علامات تميز أي كابوس عن الآخر. وينقلنا الكاتب لوصف حالة جدة اجداده وقد تباهوا بطول عمرها وصحو تقاطيعها التي تحجرت وانطمست وصار عسيرا أن يتعرفوا عليها في حالة الغسل ، مأزق لم يتصوره احفادها وأحفاد أحفادها ، وقد رتبوا لها مسبقا مقاما وضريحا يزوره الناس تبركا والمأزق ان تقاطيعها صارت حجرا جيريا غزا تقاطيعها فتداخلت وصار عسيرا أن يتعرف عليها احد في حالة غسلها قبل دفنها تحت المقام في ضريحها. سوف أبوح لكم الآن بما هو كامن وثابت في ذاكرة المواجع التي تعرضنا لها في تلك الازمنة الصعبة المتتالية ، لعل أخطرها هو مخاوفنا من بيع بيوتنا أو تنازلنا عن مساحات فراغ تنفتح علي المدي بلا حدود ، ورغم معرفتنا بأن حدودنا المتباعدة في الشمال أو الجنوب كانت تتشكي من طول الهجر وفراغ المساحات البراح التي لم تدخل حساباتنا ولا باعها اجدادنا القدامي أو بعناها لغريب حاول أن يجاورنا ويدفع بسخاء فتكون المسألة مجزية ، لكن ما جري لتلك المساحات الممنوحة للغرباء كان بتوافق الكل قاسيا لأنه يدخل خانة التفريط ، والبيع للغريب قد يتساوي مع التفكير في البيع للقريب بدعوي أنه لن يبدل او يغير أو يفكر أن يحجب عنا ضوء الشمس ، لأن المدي المفتوح ميراث محفوظ ، ولأننا لم نكشف او نعرف شيئا عن صفقات تنازل عن أجزاء من أرضنا للغرباء علي امتداد العصور التي مرت بهم ، ومهما ضاقت الأحوال فكيف ندخل دوامة قبول التفريط فيها كما فعلها بعض من شاع عنهم توقيع مثل هذه الصفقات ، قلنا انها أكاذيب مدسوسة لنريح ارواحنا التي تسعي في الفراغات بين واقع مأمول وواقع يتردي لأبعد الحدود ، وقلنا أن ما يشاع يمكن أن يتوافق مع بعض الأفكار التي نتحاور بشأنها أحيانا ، أو نعترض عليها في بعض الأمسيات حتي مع عيالنا ، وكم نشأت بيننا من خلافات بمختلف صورها وتنوعها وتباين أسبابها ، لأن بيوتنا وغيطاننا كانت وظلت بضمائرنا قناعات لا تتبدل او تتعدل ، وربما ستبقي بيوتنا ومنازلنا وغيطاننا المزروعة وشطوط نهرنا وبحرنا ميراثا شرعيا مأمونا يتحقق لنا فيه ولخلفتنا من بعدنا الإطمئنان والسكينة ، ويتأكد ونسنا الإنساني الذي ألفناه دوما وعرفناه في كتب التاريخ ، وربما يكون هو أساسا لرسوخ سكوننا المستتب لآلاف الأجيال التي سبقتنا ، وما شفناه واقعا مستقرا عشنا نترسم خطاه وبدا لنا انه كان مرغوبا وظل ساكنا في الذاكرة ، حيز عشقناه كما علمونا في صبانا ولسنوات طالت وطالت بامتداد أعمارنا مع عيالنا وأحفادنا ، وقد بررناها لأنفسنا فتحولت لحالات زهو وثقة مطمئنة بيننا وبينهم ، وقد تبدو مستترة في بداياتها ثم مكشوفة معلنة علي فترات تتباعد أو تتقارب ، وقد نتحدث عن الدنيا التي انقلبت موازينها وحسابات الخلق في بعض أطرافها القريبة او البعيدة ، وليتأكد لنا أننا صرنا ندور في طواحين هواء كابوسية تلفلفنا وتتوهنا في المنامات التي تحولها لكوابيس تكبس انفاسنا في عتمة العتمة ، وقد تتضاحك ساخرة منا ولا تستحي من تباهيها ببعض من كان يباركها ويدعمها ، وهادفا لإزاحتنا عن بيوتنا وعيالنا وهم أعز وأغلي ما ملكناه ، فهل نترك عيالنا بعد الرحيل ضحايا لكوابيس تتلون وتبدل تقاطيعها ؟ وقبل إكتشافاتنا لتوأمتها وقد رايناها وقد توارت خلف ملامح الوجوه البشرية التي سرت مخازيها في الخفاء والعلن ، وقد رأينا ما لا يمكن أن يراه عيالنا من علامات الخطر ، ولأنه بدا لنا أن عيالنا صدقوا بعض ما شاع عن كوابيس معنية بتعديل المسار بالخروج الجماعي والتربح المجاني في عالم تحكمة الأموال ، سواء كانت مهربة أو مسربة أو ثمنا لمساحات فراغ يمكن التخلي عنها بلا ضرر ولا ضرار ، وكم عانينا في السر والعلن من تلك المخاطر التي شاعت بلا حياء ولا خجل وراينا مقدماتها ، فتزايدت مخاوفنا غير المؤكدة من براعة تلك الكوابيس الكامنة والساكنة بيننا ، وقد بدلت ملامحها فتشابهت مع وجوه الجيران ، لكنها كانت قادرة علي معاودة حصارنا في أوقات لا نملك السيطرة عليها ، وفي غفلتنا أو غيابنا او غفلة عيالنا في أوقات ما ، تتمكن من حصارهم والهيمنة علي عقولهم ، ولأن ما قلناه يمكن أن يكون حقائق مؤكدة ، وليست هواجس او مخاوف ناتجة عن ظنون تأكدت بتوأمة الكوابيس السبعة للجن الساكن تحت الآرض ، مضافا إليها امكانية حصارنا بكوابيس تتشابه مع ما رأيته وعانيت من شراسته ، وكانت مخاوفنا علي عيالنا من أن يتحولوا لأدوات تاهت عقولها ، فيتباعدوا عنا ويقللوا حواراتهم معنا لعدة اسابيع وقد ظهرت عليها علامات لم نلمحها من قبل , علامات تتشابه مع العلامات التي كانت تطل علي ملامحنا بعد مكابداتنا من حصار الكوابيس المتتابع ، وقلنا لبعضنا البعض أنها علامات غير متوقعة منهم ، ولأن بعض سلوكياتهم لم تطف بخيالاتنا في مثل هذه التوقيتات الحرجة ، لكنهم كانوا ضحايا مرحلة ، وإذا كانت الكوابيس الطالعة من البطن المخفي الكامن والراصد لتفاصيل واقع عليل ، فلعلها في الخفاء ترتب نفسها لتبدأ إقتحامهم بنفس الضراوة التي واجهتنا بها في المنامات ، وربما زوّدت خبراتها ولوّنت أشكالها ، وكان علينا لو تأكدنا من تلك الهواجس أن نترفق بعيالنا اكثر لنحميهم من المخبوء وأن ننسي خلافاتنا أو نتناساها ونخففها عنهم لأنهم خلفتنا ، وقد قررنا أن نواصل متابعتهم في الخفاء كما في العلن ، وربما دعونا لعيالنا بالهداية وزيادة الوعي وكانت أبواب السماء مفتوحة فإستجابت لدعواتنا بشكل متسارع وغير متوقع
»ارتسم المأزق أمامنا سؤالا ساخرا طرحه فلاح شاب لا يمت لنا أو لها بقرابة لكنه تجاسر وسألنا عن كيفية تعريتها وتغسيلها؟ لأنها تحولت إلي صخرة ملمومة علي نفسها وفاقدة لملامحها وقد تحجرت تقاطيعها وتداخلت وذابت الحدود وانطمست رموشها وتوارت ، فكرنا في كيفية الخروج من المأزق لو ماتت بالفعل قبل أن نداويها ونعيد صورتها القديمة أو بعضها علي الأقل ، حتي ولو اكتفينا بأن تتحول المادة الحجرية التي صارت بادية علي تقاطيعها وأطرافها إلي الحد الذي لا يسمح لأي نفر بأن يتعرف عليها، ثم يشك في أن المرحومة انخطفت من وسط الدار او انقتلت ثم إندفنت وبدّلها الجاني بالكتلة الحجرية الساكنة الصامتة فلا يتحرك فيها غير بؤرتي عينيها، وفكرنا وتحاورنا فزادت مواجعنا لأن ما سمعناه من الغرباء بشماتة أوشك أن يدمغنا ونحن ناسها وأهلها بعار التخلي عنها ، وكأننا أهملناها ولم نحافظ عليها من وجهة نظرهم ، ورغم أن مثل هذا الادعاء البغيض مستنكر من أي عقل يتفكر علي مهل، إلا أنه واجهنا ، فتاهت عقولنا ولم تجد جوابا علي السؤال الذي لم يخطر علي بال أي واحد منا في يوم من الأيام