أسوأ شعور يمكن أن يحسه الإنسان، عندما ينقلب الفرح بالقادم إلي خوف منه، فبدلا من أن تستقبل حدثا ما، وأنت يغمرك شعور بالسعادة والشوق لوقوع هذا الحدث، يتحول الأمر إلي خوف من حدوثه، ما أقصده يوم 25 يناير 2013، أي الذكري الثانية لثورة يناير 2011، الخوف مصدره أمور كثيرة، فالميدان الذي جمع كل المصريين، وهو ميدان التحرير، لم يعد آمنا للثوار، وأن هذا الميدان الذي وقف فيه كل طوائف الشعب يهتفون " يسقط النظام»،« عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية"، لم يعد يتسع لكل المصريين، ويلجأ كل فصيل إلي اختيار الميدان الذي سيهتف فيه ويجمع أنصاره، فالشعارات والأهداف والمستقبل لم يعد واحدا. نستقبل 25 يناير 2013 ومصر مقسمة إلي فرق وشيع، تيار الإسلام السياسي يشعر أنه يستطيع تحريك الشارع، وأنه الوحيد الذي يمتلك اليقين بأن لديه الرؤية الصحيحة، رغم أن الحقيقة أنه يشعر بخطر ليس علي مصالح العباد، بل علي كرسي الحكم، الذي وصل إليه، وبالتالي لا يري أو ينظر إلي ما يطلق عليه ب »الليبراليين« إلا من منظور أنهم طامعون في السلطة، ولا يترك لنفسه فرصة لكي يستمع لصوتهم، حتي باعتبارهم أنهم يمثلون فصيلا في المجتمع، ويعبرون عن شرائح فيه. نستقبل 25 يناير 2013 والاقتصاد في أسوأ أوضاعه، لا أقول أن مصر علي وشك الإفلاس، فبإذن الله لن يحدث ذلك، ولكن التضييق علي الناس في أرزاقهم قد وصل إلي حد لا يمكن السكوت عليه، فخلال العامين الماضيين.. مصانع كثيرة أغلقت، منشآت سياحية لا تجد من تفتح له أبوابها، عمالة بالجملة تم تسريحها، لا توجد خريطة اقتصادية واضحة تطمئن المجتمع. نستقبل 25 يناير 2013 ولدينا 13 مليار دولار دخلت للسلفيين والاخوان ولا أحد يعرف مصدرها، وهو ما ورد علي لسان وزير المالية الأسبق د. سمير رضوان، الذي قال- أيضا- إنه ينقصنا درجة واحدة وندخل مرحلة الخطر، مما سيجعل الدول الغنية تحجم عن مساعدتنا اقتصاديا، وهو ما ذكرته وكالة التصنيف الانتمائي الدولية »ستاندر آند بورز« التي صنفتا اقتصادياعلي درجةb ، ويضاف لذلك أن هناك دولا تراجعت عن مواقفها بسبب الأوضاع السياسية الحالية، فألمانيا التي كانت تنوي إعفاءنا من الديون، جمدت قرارها، سويسرا التي في بنوكها أموالا لرموز النظام السابق، تراجعت عن تعاونها معنا، لعدم ثقتها بالخطوات القضائية التي نسير فيها. نستقبل 25 يناير 2013 وهناك من يرون أنه فرصة لاستعراض العضلات في الشارع، تمهيدا لانتخابات مجلس النواب، الذي سيكون من صلاحيته طبقا للدستور الجديد الموافقة علي تشكيل الحكومة أو رفضها، وبالتالي من سيحصل علي الأغلبية في هذا البرلمان سيدير مصر تشريعيا وتنفيذيا. نستقبل 25 يناير 2013 والفتنة مازالت قائمة في السلطة القضائية، فمازال عدد ليس بالقليل من وكلاء النائب العام، يرون عدم الشرعية التي جاء بها النائب العام، الذي تقدم باستقالته، إلا أنه مالبث أن تراجع فيها، لتشتعل الأزمة، ولم يستطع أحد حتي الآن إخمادها. نستقبل 25 يناير 2013 ، ولدينا دستور مختلف عليه، باعتراف مؤسسة الرئاسة نفسها، التي دعت لحوار وطني، من ضمن بنوده تقديم وثيقة لرئيس الجمهورية بالمواد الخلافية لعرضها علي مجلس النواب بعد أنتخابه، والسؤال العقلي، كيف سنغير مواد في دستور لم تمض أيام علي إقراره، ولماذا لم ينتظر الرئيس الاتفاق علي المواد الخلافية، ثم يدعو للاستفتاء. نستقبل 25 يناير2013 ونحن لا نعرف مصير ما يطلق عليه الإعلام الحكومي، والصحف القومية. نستقبل 25 يناير ونحن نتساءل مصر إلي أين؟.