في مسرحية الكاتب المسرحي المصري العملاق محمود دياب، والتي كانت بعنوان(أهل الكهف 75) يصور محمود دياب مستودعاً كبيراً يُخزن فيه الباشاوات المصريون علي شكل تماثيل حجرية، تعلوها الغبار، وتكاد تقتلها الرطوبة، وتعميها العتمة الموحشة.. وذلك قد يكون إشارة إلي نظام ثورة 23 يوليو الذي أمم إقطاعيات الباشاوات، وشدد عليهم الحصار، وكأنه حَجَرَ عليهم، فوضعهم في مستودعات تحت الحراسة.. وكلمة(حجرَ) أستطيع أن أفلسفها هنا لتكون مشتقة من الحجَر، أي أنها حولتهم إلي أحجار، أو تماثيل حجرية، ووضعتهم في مستودعات ليكونوا جزءا من التاريخ، لكي ينطمروا فيها مثل (أهل الكهف).. ولكن قرارا جديداً قد صدر عام 1975 بعودة (أهل الكهف 75)، وذلك بفتح هذه المستودعات، والذي نفهم منه أنه في عهد أنور السادات، قد نفض الغبار عن التماثيل المغبرة، وسمح للنور أن يدخل فيضيء المكان، ويجعل هذه التماثيل تري، ويهوي المكان، من الجو الخانق الذي يكاد يقتلها، ويفك عن تماثيل الباشاوات حجرها الذي ترسف فيه، فيحررها من قيودها، لتعيد إحياء الليبرالية الرأسمالية، ولكن بشكلها المتوحش الذي قتلنا في العهد السابق، فعرفناه شر معرفة.. لا أريد أن أصور لك الدراما المرعبة التي تجعل شعر بدنك يقف متهيباً للموقف الرهيب، وذلك بعدما يدخل النور إلي مستودع التماثيل المصمته، والمغيبة عن الحياة والحيوية، إذ ترتعب وأنت تشاهد عظام رقبة أحد التماثيل العملاقة تطقطق بصوت مسموع، ثم لا تصدق وأنت تري أحد التماثيل قد حرك رجله، ثم مشي فخرج من المستودع إلي الحديقة، فتبعته كل التماثيل التي دبت فيها الأرواح، فخرجت من المستودع »فإذ بها حية تسعي«، وتعود إلي الساحة لتتحكم برقاب العباد..إذ يصرخ الباشا في جاره الباشا الآخر، مستنكراً أن جاره الباشا يشتم خادمه، فيقول له: »لا يجوز لك أن تشتم خادمي وتُحقِّره، فأنا الوحيد الذي له الحق في شتم خادمي وتحقيره.« والسؤال هنا هو: "هل هؤلاء الباشاوات الذين صورهم محمود دياب في مسرحيته(أهل الكهف75) هم الباشاوات أنفسهم الذين خرجوا وانتشروا في العهد البائد، فطوروا وسائلهم الابتزازية والانتهازية الرأسمالية المتوحشة، فعاثوا في الأرض فساداً؟ وفي هذه الأيام التي نشهد فيها حراك الثورة المصرية العظيمة المستمرة، أستفسر فأقول: »هل أخطأ من أصدر قرار فتح مستودعات (أهل الكهف 75) ففرح بها وهي تنمو وتترعرع، ولم يكن يتخيل أنها ستهاجم كل ما حولها، وتكسر الحواجز في طريقها؟« ولمن شاهد الفيلم الأمريكي(جيراسيك بارك) من إخراج (ستيفن سبيلبيرغ)، أقول إن الديناصورات التي أعادت مختبرات (جيراسيك بارك) إنتاجها من خلية ديناصورية متحجرة، ففرحت بإعادة الحجريات إلي الحياة، ولكنها بعد أن كبرت صغار الديناصورات، ونمت وترعرعت، ثم تضخمت فحطمت صناديقها، وخرجت من مختبراتها، لتأكل كل ما في المنطقة، ثم هجمت فحطمت مكاتب العلماء الذين أنتجوها، وهاجمتهم فقتلتهم وافترست جثثهم.. والسؤال هنا هو: "هل يستطيع علماء جيراسيك بارك لملمة هذه الديناصورات الرأسمالية المتوحشة، وإعادتها إلي مستودعاتها، التي كانت محتجزة فيها، أم إنه قد »فات الميعاد« علي رأي »أم كلثوم؟« محمود دياب كاتب مسرحي وقصصي من الدرجة الممتازة، وهو صاحب مسرحية (البيت القديم) عام 1963، ومسرحية(الزوبعة) عام 1966، ومسرحية (الغريب) و(الضيوف والبيانو)، ومسرحية (ليالي الحصاد) عام 1968، ومسرحية (الهلافيت) عام ومسرحية (باب الفتوح)، ومسرحية (رسول من قرية تميره) ومسرحية »اهل الكهف« أهل الكهف 74) ومسرحية (الرجل الطيب في ثلاث حكايات) ومسرحية »رجال لهم رؤوس«، »الغرباء لا يشربون القهوة«، »اضبطوا الساعات« وقدم مسرحية (دنيا البيانولا) الغنائية علي مسرح البالون، ومسرحية (أرض لا تنبت الزهور) وأُوبريت (موال من مصر). ومثل التليفزيون المصري له قصص(رحلة عم مسعود)، (رأس محموم في طائرة سوبرسونك)، (الرجال لهم رؤوس)، (الزائدون عن الحاجه)، (الغرباء لا يشربون القهوة)، (اضبطوا الساعات) و(السلفة). وقام بكتابة السيناريو والحوار لأعماله المسرحية (ليالي الحصاد) و(الزوبعة) و(انتقام الملكة الزباء) كمسلسل تليفزيوني في مصر وسوريا. كما قدم (دموع الملائكة) و(إلا الدمعة الحزينة) ولم يعمر طويلاً إذ توفي عام 1983 عن عمر يناهز الخمسين عاماً.