منذ أن بدأ العرب قول الشعر في العصر الجاهلي قبل الإسلام فإنه قد مر بمراحل كثيرة أثرت فيه ، من أهمها العوامل السياسية والدينية ، لكنه ظل متماسكا بشكله القائم علي الشكل العمودي المتساوي التفعيلات ذي القافية الثابتة ، ومع أواخر العصر المملوكي وبداية العصر العثماني تعرض الشعر العربي إلي بعض الضعف والهنة نتيجة للضعف العلمي والثقافي في هذه الفترة ، وظل هكذا إلي بدايات العصر الحديث الذي ظهرت معه اتجاهات شعرية بدأت بالدعوة إلي عودة الشعر العربي لسابق مجده، من هذه المدارس : مدرسة الإحياء تقوم هذه المدرسة علي إعادة الشعر العربي إلي سابق عهده وإحيائه من رقدته والعودة به إلي أصالته ورصانة لغته وقوة أسلوبه ، مع احتفاظ الشاعر بشخصيته وقدرته علي التفاعل مع منجزات عصره ، بعد ان فقد تلك الخصائص في القرون المتأخرة ، من هذه المدرسة الشاعر محمود سامي البارودي وإسماعيل صبري . مدرسة المحافظين مهدت مدرسة الإحياء السبيل لشعراء آخرين حاولوا التطوير بعض الشيء ، بعد أن اتخذت مدرسة الإحياء من الشعر العربي القديم مثالا تسير علي خطاه، وعلي الرغم من أنهم التزموا بالشعر العمودي »الموزون المقفي غير أنهم عبروا عن الحياة الجديدة في مطلع القرن العشرين، وما رافقها من أحداث سياسية واجتماعية وثقافية بروح راغبة في التغيير طامحة إلي التجديد، لقد طوروا في الصور الشعرية والأساليب واللغة، بما ينسجم وتطور الحياة والناس، ومن هذه المدرسة أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وأحمد محرم . جماعة الديوان سميت هذه الجماعة بهذا الاسم نسبة إلي كتاب »الديوان« الذي ألفه عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني عام 1921 ، وكان يضم مجمل آرائهم النقدية منها أن الشعر تعبير عن الوجدان والمشاعر، بمعني أن الشاعر لا بد وأن يكون صادقا في التعبير عن مشاعره، ولقد لخص عبد الرحمن شكري ذلك في بيته الشهير: ألا يا طائر الفردوس إن الشعر وجدان مدرسة »أبولو« سميت هذه المدرسة (أبولو) نسبة إلي إله الشعر والموسيقي في الأساطير اليونانية القديمة . وكان زعيم هذه المدرسة ومؤسسها الشاعر المصري أحمد زكي أبو شادي، الذي عاد بعد إكمال دراسته في انجلترا، واطلع علي الأدب الرومانسي. وتأثر به لما يحتويه من عواطف جامحة ومشاعر جميلة، وأخيلة وأحلام وروح إنسانية وولع بالطبيعة. ومن الشعراء الذين انتموا إلي هذه المدرسة:خليل مطران وإبراهيم ناجي وعلي محمود طه مدرسة المهجر تأسست مدرسة المهجر في بلاد (أمريكا الشمالية والجنوبية)، وقام شعراء هذه المدرسة بالتجديد تلبية لدواعي العصر، وتجسيدا للمضامين الاجتماعية والفكرية والإنسانية التي فرضتها عليهم بيئتهم الجديدة، وظروف الاغتراب والتأثر بالأدب الغربي . فكان لديهم الشعر التأملي النفسي، والشعر الاجتماعي الذي عبروا من خلاله بحرارة عما تعيشه أمتهم ، ولقد حاولوا التجديد في الأوزان، والتنويع في القوافي بلا حدود، ولكنهم لم يوفقوا ومن روادها : جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وإيليا أبو ماضي. مدرسة الشعر الحر قامت مدرسة الشعر الحر أو (شعر التفعيلة) لتحقق كل ما طمحت إليه المحاولات السابقة في تجديد الشعر، فقد أسست لشكل الشعر الجديد وأشاعته، وعمقته بعد الحرب العالمية الثانية ، متحررة من الشعر العمودي القديم فالشعر الحر هو ترتيب مغاير للشكل المألوف للشعر العمودي القائم علي تتابع أبيات القصيدة علي شطرين كل شطر مكون من تفعيلات ثابتة، بمعني ترتيب جديد للتفعيلات الوزنية التراثية، وعدم الالتزام بعددها المحدد في وزن القصيدة مع التغيير في نظام القوافي، وظهرت بذلك ما سميت بقصيدة النثر، التي تقوم علي إحلال قيمة إيقاعية جديدة لا علاقة لها بالتفعيلات التراثية. ومن رواد هذه المدرسة الشاعر بدر شاكر السياب والشاعرة نازك الملائكة .