30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 12 يونيو 2025    أسعار الفراخ اليوم الخميس 12-6-2025 بعد التراجع الجديد.. وبورصة الدواجن الرئيسية اليوم    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 12 يوينو 2025    سعر الذهب في مصر اليوم الخميس 12-6-2025 بعد التراجع الجديد.. وعيار 21 الآن    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الخميس 12-6-2025 بعد هبوطه في 9 بنوك    أعلى مستوى لها.. ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف من التوتر بين أمريكا وإيران    واشنطن بوست: إسرائيل قد تهاجم منشآت إيران النووية دون تنسيق مع واشنطن    ترامب يدق أول مسمار في نعش نتنياهو    ب"حظاظة غزة" الشهيرة، ريبيرو مدرب الأهلي يدعم القضية الفلسطينية (صور)    كمال الدين رضا يكتب: بطولة المليار دولار    5 أيام عجاف، الأرصاد تحذر من طقس اليوم حتى الثلاثاء المقبل، ماذا سيحدث؟    بعد تبرعه بنصف مليون جنيه، نجيب ساويرس يواسي نجل شهيد الشهامة خالد عبد العال (فيديو)    مصرع فني تكييف أثناء عمله في قنا    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية محافظة القاهرة الترم الثاني 2025    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..مدحت نافع: 3 أسباب تؤكد إيجابية قرار تخصيص أرض البحر الأحمر لخفض الدين العام .. الشيخ أحمد الصباغ تعليقًا على متصلة: «أنا عاوز أصوت على الهواء»    جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. مواجهتان في كأس عاصمة مصر    الكنيست الإسرائيلي يصوت على حل نفسه.. ونتنياهو يضغط على الحريديم    السيطرة على حريق شب داخل عقار سكني بمصر القديمة    أثار البلبلة بمنشور غامض، أول قرار من الزمالك ضد أحمد حمدي    النجمة المكسيكية لين ماي دمرت حياتها بسبب أختيار خاطئ    3 شهداء في قصف الاحتلال خيمة في مواصي خان يونس    العرب في عصر المعرفة.. مصر (3)    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2024/2025    منطقة المنوفية الأزهرية تعلن أسماء أوائل الشهادة الابتدائية للعام الدراسي 2024/2025    ننشر أسماء أوائل الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالفيوم    حسن الرداد يرد على سخرية سفره لتشجيع الأهلي في كأس العالم للأندية (فيديو)    مسلم يعلن تعرض زوجته لوعكة صحية ونقلها إلى المستشفى    "عندها 15 سنة".. قرار جديد من النيابة بشأن عروس متلازمة داون بالشرقية    الآن حان دوركم لتدافعوا عن أمريكا حتى أقاصي الأرض، ترامب يقرع طبول الحرب بفيديو للجيش الأمريكي    كاميرا وتسلل ذكي و8 ثوان للحارس، تعديلات تحدث ثورة تحكيمية بمونديال الأندية 2025    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    فيرمينو يتلقى عرضا من الدوري القطري    ترامب: لن نتهاون مع الفوضى وسنُعيد قوة الولايات المتحدة سريعًا    «الفشة» ليس لها أي أضرار أو تأثيرات سلبية على صحة الدماغ أو القلب    نقيب المحامين يدعو مجلس النقابة العامة و النقباء الفرعيين لاجتماع السبت    خلافات أسرية.. وفاة شخص وإصابة شقيقه في مشاجرة مع صهره بالفيوم    محافظ الدقهلية في زيارة مفاجئة لجمصة: رفع مستوى الخدمات استعدادًا للصيف    نائب محافظ دمياط تتابع معدلات تنفيذ مشروعات "حياة كريمة"    خاص| الدبيكي: لجنة قطاع العلوم الصحية تبدأ أولى خطواتها لإصلاح تطوير التعليم الصحي في مصر    صور| أسماء أوائل الشهادة الإعدادية الأزهرية في قنا    بعد تعافيه من عملية القلب، صبري عبد المنعم يوجه رسالة لجمهوره    international fashion awards" يُكرم منة فضالي بلقب "ملهمة الموضة fashion muse"    آكسيوس: نتنياهو يطلب وساطة أمريكا للتوصل إلى اتفاق مع سوريا    واشنطن بوست: احتمال انعقاد جولة تفاوض بين واشنطن وطهران مستبعد بشكل متزايد    ملف يلا كورة.. طبيب الأهلي يُطمئن ريبييرو.. عودة ميسي إلى ميامي.. وظهور غير معتاد لأحمد شوبير    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    مرتجي: تمنيت ضم زيزو منذ 3 سنوات.. وهذا ما قاله لي عن جماهير الأهلي    «الري»: الإجراءات الأحادية لإقامة السدود تُهدد الاستقرار    "هيكون نار".. تركي آل الشيخ يشوق متابعيه لفيلم الفيل الأزرق 3    الطب البيطري: نجاح عملية ولادة قيصرية لقطة بالغربية -صور    استشاري يحذر من قلة النوم وتأثيره على الصحة العامة    المخرج محمد حمدي ل«البوابة نيوز»: نجوم السوشيال ليسوا بدلاء للممثلين.. والموهبة هي الفيصل    هل لديك نظر حاد؟.. اعثر على حبات جوز الهند الثلاثة في 12 ثانية    وزارة السياحة: تنسيق محكم وخدمات متميزة لضيوف الرحمن    محافظ المنوفية: لا تهاون فى مواجهة مخالفات البناء والتعامل بحسم مع أى تعديات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شاعر الرواية
نشر في أخبار الأدب يوم 29 - 05 - 2010


لم أقرأ روايات حسن داوود فحسب بل حضرت ولادتها تقريباً واحدة تلو الأخري، هكذا تيسر لي أن ألاحظ كيف كانت عمارته الروائية ترتفع عملا بعد عمل بقدر من الضبط والتجريب المتأني والحفر البطيء، بحيث يمكن قياس كل رواية بالنسبة إلي سابقاتها ورؤيتها كحلقة دينامية داخل مشروع يتقدم عبر وحدات تتعلق ببعضها بمقدار ما توطد كل منها كيانها الخاص. ذلك ان حسن داوود منذ روايته الأولي بدا وكأنه يملك ذلك المشروع. كانت »بناية ماتيلد« بنفسها لكن أيضا بالأفق الذي رسمته لمستقبلها. منذ ذلك الحين تصنع رواية حسن داوود »تقاليدها« الخاصة وتتحرك داخلها وعلي حدودها وخارجها وأحيانا في مواجهتها لكن بحساب وضبط وحرفة بحيث ان التوليد والتجريب لهما قياساتهما داخل العمل نفسه بقدر ما لهما خارجه. يمكن القول لذلك إن رواية حسن داوود ولدت وهي تهجس بمستقبلها وفي ضميرها منذ البداية مثالها الروائي، الرواية الخفية الكاملة التي تتقدم في ظلها. من هنا يصح الكلام عن مشروع وعن تقاليد خاصة كما يصح القول أن رواية حسن داوود ليست فنه الروائي فحسب بل هي، علي نحو ما، نظريته في الرواية. حسن داوود، كما قد يحدس قارئ مثابر، لا يكتب روايته فحسب، بل يضع هكذا نموذجه الروائي وهو بالطبع دينامي ومتحرك لكنه ليس بلا أسس، انه بنيان منذ البداية بل يمكننا ومن الصفحات الأولي ان نلاحظ ان الرواية تنبني أولا، وليس علي غرار سابق، فهي تقريباً تتخلق وتتوسع كهيكل وكعمارة. تتراءي لمؤلفها منذ البداية كذلك ويكون فنه الأساسي »تعميرها«. من هنا نشعر أن شيئا كالرسوم التخطيطية سبق الرواية كما كان يفعل مخرجون معروفون. بل نشعر أن عمل المعماري الذي هو الروائي هنا هو أيضا يشبه »التفريغ«. أن الرواية هي تلك الهندسة الفراغية إذا جاز القول، ذلك يعني أن تناظر المسافات وعلاقاتها وحدودها هي الأساس. عمل الروائي هنا أبعد ما يكون عن المراكمة والتجميع والثرثرة والترسل بلا حساب، عمل حسن داوود الروائي هو تقريبا عكس ذلك، انه التفريد والحذف و»التفريغ«. كل ما سبق علي اللحظة الروائية يجري حذفه وإن ترك طبعته، كل جواذب السيولة والتفوه والفولكلور والحكواتية تصد بعناد. ما يبقي هو ما يندمج في الآن الروائي في اللحظة الروائية، ما يتكثف ويتبأر فيها، كل العناصر تشعشع في هذه اللحظة الموارة وتصدر عنها. لا يبقي من الخبرية أو الحدوتة إلا ذلك، لا يبقي من الشخصيات والوثيقة الاجتماعية أو التاريخية أو البسيكولوجية الا هذا، فاللحظة الروائية هي تحويل دينامي وضوئي لكل هذه الشوارد. لنقل ان الفن الروائي آنذاك هو تلك العجينة المشعة والخلاصات النابضة لمواد تعرضت »للمسّ« الروائي. يمكن ان نتكلم هنا عن »التحويل الروائي« كما نتكلم أحيانا عن التحويل الشعري. رواية حسن هي بدرجة أساسية صناعة لغة، ليس فقط لأن أدب حسن هو أيضا علاقته بالكلمات وموسيقاه الخاصة في اللغة وحيزه وشغفه اللغويان. بل لأن الروائي هو هنا صانع استعارات كبري. يتمتع قراء حسن الخبيرون بقدرته علي إيجاد معادلات مركبة وبصرية لمشاعر وأفكار، لكن قراءه الخبيرين أيضا يدركون أن رواياته هي سينوغرافيات ضخمة. إن أمكنته وشخصياته وأحداثه هي كذلك في »واقع« من صنعه وفي حياة من صنعه. انها كذلك وبالدرجة الأولي »صور« كما نقول في الشعر، لكنها، ومن الناحية نفسها، استعارات لا تنضب دلالاتها. عجوز »أيام زائدة« ومشوه »غناء البطريق« وأبله »مئة وثمانون غروباً« كائنات تبحث باستمرار عن نظائرها وتخترق عالمنا بلا تمهل وتقف بيننا وبين أنفسنا. حسن داوود بدقة جوهري وسمع طبيب، وبدون أي رطانة شعرية، يصنع من »واقع« صرف صوره وكائناته التي تعيد استفهام الواقع وأحيانا استفزازه. إنها أيضا فكرتنا عن الشعر. حسن داوود كذلك شاعر الرواية.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.