كان كل من يجلس علي القهاوي، وأمام البيوت في الحارات الضيقة في منطقة شبرا الخيمة يسارع لمساعدتنا علي الوصول إلي مصانع ياسين للزجاج .هكذا يسمي الناس حتي الأن مصانع النصر للزجاج والبللور (قطاع أعمال عام) بالرغم من مرور 57 عاما علي تأميمها. وماكدنا ندخل سرادق الإحتفال الذي أقامه الدكتور مدحت نافع رئيس الشركة القابضة المعدنية أول أمس لتكريم رواد الشركة، وتدشين مرحلة جديدة للنهوض بها حتي زاد ذلك الشعور. حيث علت منصة الإحتفال صورة (محمد بك ياسين) وهو يرتدي طربوشه، وجلس تحت الصورة أحد أبنائه، بينما حصل الآخر علي درع تسلمه من رئيس الشركة القابضة، وتراصت علي أحد الجوانب عينات من منتج جديد للشركة يحمل صورة للبك ياسين . والحقيقة لولا تلك الزيارة التي رأيت فيها عنابر تمتلئ بعمال يتصببون عرقا أمام أفران يزداد توهجها بفعل ذلك اليوم قائظ الحرارة، وبمكن داير غير صدئ يقف عليه عمال ومهندسون شباب يعلن مشهدهم علي أن ثمة خطة للتطوير. ولولا أني رأيت بعيني كيف يمكن أن تدب الحياة في صرح صناعي كان قد أوشك علي التوقف تماما مرة بالخصخصة في2006 عن طريق بيعه لشركة الهلال والنجمة. إلا أن الصفقة فشلت في اللقطة الأخيرة بسبب إنخفاض التقييم عن السعر العادل. ومرة أخري بقرار التصفية عام 2009 الذي أخرج للشارع 3000 عامل حصلوا علي معاش مبكر، كان مغريا إلي حد كبير (105 آلاف جنيه) حتي لايتردد أحد، وهو ماكانت الشركة القابضة تخطط له. وبالرغم من ذلك فلت من الإغراء 15 عاملا (من بينهم رئيس الشركة الحالي المهندس عبد الله شحاته) ظلوا متمسكين بالمصانع ،حتي عادت لها الحياة مجددا. لولا تلك الزيارة لكنت قد أعتقدت أن وزارة قطاع الأعمال لا هم لها سوي الحديث عن الإستعدادات الخاصة بتحويل ملايين الامتار من أراضي المصانع، من نشاط صناعي إلي نشاط عقاري بدعوي أنها غير مستغلة، وذلك تسهيلا لبيعها. بالرغم من أن الجميع يعلم أن عدم إستغلالها طوال السنوات الماضية، يرجع إلي السياسات التي كانت تستهدف تحجيم القطاع العام ووقف أي مشاريع لتوسعه، تمهيدا للتخلص منه.. ولولا الزيارة لكنت علي يقين بأنه لاحديث في أروقة الوزارة يعلو عن البحث في ماهية المؤسسات المالية التي سيقع عليها الإختيار لتجهيز الشركات تمهيدا لبيعها في البورصة. أو حول تنظيم الجولات الترويجية لإقناع الإجانب بفرصتهم السخية للفوز بأسهم قطاع الأعمال الرابحة. والحقيقة أن كل اللقاءات التي شهدتها خلال الفترة الأخيرة لم تخرج عن تلك الأحاديث. وإذا خرجت يكون الحديث حول الشركات المرشحة للتصفية. وهذه المرة ثبت أن حتي الشركة التي تم تصفيتها يمكن أن تعود لها الحياة، بل وتربح 27 مليون جنيه. ويعود معها رواد المقاهي وسكان الأزقة يشيرون للقادمين هنا مصنع محمد بك ياسين.