عودة للانخفاض.. سعر الذهب اليوم السبت 11 مايو 2024 (عيار 21 الآن بالمصنعية)    مركز الحق والعدالة الفلسطيني: إسرائيل تستخدم أسلحة محرمة دوليا في مجازر بغزة    «حصريات المصري»| تفاصيل أزمة الشناوي وكولر.. وسبب توتر علاقة الأهلي وحسام حسن    وزير الرياضة يطمئن هاتفيًا على لاعبة المشروع القومي بعد جراحة «الصليبي»    بطعن في الرقبة.. المؤبد ل تباع أنهى حياة شخص بسبب خلافات في القليوبية    الهلال يضرب الحزم برباعية في الشوط الأول    عاجل.. مظاهرات في مناطق متفرقة من إسرائيل ومطالب بإقالته نتانياهو    اعتدى على طفلة بشبرا الخيمة.. إحالة أوراق طالب إلى فضيلة المفتي    تساوت المباريات مع أرسنال.. سيتي ينقض على الصدارة باكتساح فولام    اختتام أعمال الاجتماع 37 للجنة وزراء الشباب والرياضة بدول مجلس التعاون الخليجي    كنيسة يسوع الملك الأسقفية بالرأس السوداء تحتفل بتخرج متدربين حرفيين جدد    فيلم السرب يواصل سيطرته على شباك تذاكر السينما.. وعالماشي يتذيل القائمة    عزة مصطفى تُحذر: "فيه مناطق بمصر كلها لاجئين" (فيديو)    هدى الأتربى تكشف تفاصيل مسلسلها القادم مع حنان مطاوع    بكلمات مؤثرة.. إيمي سمير غانم تواسي يسرا اللوزي في وفاة والدتها    نقابة المهندسين تقرر قيد خريجي الجامعات الأجنبية في هذه الحالة    لخلافات مالية.. عامل يطلق النار على صديقه في الدقهلية    التهاب المفاصل الروماتويدي، 6 أعراض تحذر من مضاعفات خطيرة    حصاد 4 آلاف فدان من محصول الكمون في الوادى الجديد    محافظ القليوبية يناقش تنفيذ عدد من المشروعات البيئة بأبي زعبل والعكرشة بالخانكة    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة محملة بطيخ بقنا    اليوم العالمى للمتاحف.. متحف إيمحتب يُطلق الملتقي العلمي والثقافي "تجارب ملهمة"    وزير الأوقاف يحظر تصوير الجنائز بالمساجد مراعاة لحرمة الموتى    عمرو الورداني للأزواج: "قول كلام حلو لزوجتك زى اللى بتقوله برة"    تفاصيل إنشاء 1632 شقة سكن لكل المصريين بالعاشر من رمضان    خالد عبدالغفار: وزارة الصحة وضعت خططا متكاملة لتطوير بيئة العمل في كافة المنشأت الصحية    طلعت عبد القوى يوضح إجراءات استكمال تشكيل أمناء التحالف الوطنى    رئيس"المهندسين" بالإسكندرية يشارك في افتتاح الملتقى الهندسي للأعمال والوظائف لعام 2024    الخميس المقبل.. «اقتصادية النواب» تناقش خطة التنمية الاقتصادية ومنع الممارسات الاحتكارية    محافظ كفر الشيخ يعلن بدء التشغيل التجريبي لقسم الأطفال بمستشفى الأورام الجديد    نقيب الأطباء يشكر السيسي لرعايته حفل يوم الطبيب: وجه بتحسين أحوال الأطباء عدة مرات    مواصفات وأسعار سيات إبيزا 2024 بعد انخفاضها 100 ألف جنيه    وزير التموين: مصر قدمت 80 ٪ من إجمالي الدعم المقدم لقطاع غزة    أخبار الأهلي : طلبات مفاجئه للشيبي للتنازل عن قضية الشحات    آخرها هجوم على الاونروا بالقدس.. حرب الاحتلال على منظمات الإغاثة بفلسطين    إلغاء جميع قرارات تعيين مساعدين لرئيس حزب الوفد    جيش الاحتلال الإسرائيلى: نحو 300 ألف شخص نزحوا من شرق رفح الفلسطينية    «الأرصاد» تكشف حقيقة وصول عاصفة بورسعيد الرملية إلى سماء القاهرة    نتائج منافسات الرجال في اليوم الثاني من بطولة العالم للإسكواش 2024    البابا تواضروس يدشن كنيسة "العذراء" بالرحاب    بعد ثبوت هلال ذي القعدة.. موعد بداية أطول إجازة للموظفين بمناسبة عيد الأضحى    جامعة القاهرة تستضيف وزير الأوقاف لمناقشة رسالة ماجستير حول دور الوقف في القدس    العثور على جثة سيدة مجهولة مفصولة الرأس بمحطة الفشن ببني سويف    التنمية المحلية: استرداد 2.3 مليون متر مربع بعد إزالة 10.8 ألف مبنى مخالف خلال المراحل الثلاثة من الموجة ال22    قروض للشباب والموظفين وأصحاب المعاشات بدون فوائد.. اعرف التفاصيل    عقوبة استخدام الموبايل.. تفاصيل استعدادات جامعة عين شمس لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    الإمارات تهاجم نتنياهو: لا يتمتع بأي صفة شرعية ولن نشارك بمخطط للمحتل في غزة    إحالة العاملين بمركز طب الأسرة بقرية الروافع بسوهاج إلى التحقيق    مباشر مباراة المنصورة وسبورتنج لحسم الترقي إلى الدوري الممتاز    ما حكمُ من مات غنيًّا ولم يؤدِّ فريضةَ الحج؟ الإفتاء تُجيب    المفتي يحسم الجدل بشأن حكم إيداع الأموال في البنوك    «صفاقة لا حدود لها».. يوسف زيدان عن أنباء غلق مؤسسة تكوين: لا تنوي الدخول في مهاترات    بعد وصفه ل«الموظفين» ب«لعنة مصر».. كيف رد مستخدمي «السوشيال ميديا» على عمرو أديب؟    «الصحة»: نتعاون مع معهد جوستاف روسي الفرنسي لإحداث ثورة في علاج السرطان    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    طائرات الاحتلال الإسرائيلي تقصف منزلًا في شارع القصاصيب بجباليا شمال قطاع غزة    ثنائي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية: التاريخ يذكر البطل.. وجاهزون لإسعاد الجماهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة ليست أخيرة في رواية يوسف إدريس
تصدعات الحرام
نشر في أخبار الأدب يوم 24 - 11 - 2012


(1)
يمثل »الحرام«، عنوان رواية يوسف إدريس، »ثيمة« Theme أساسية في سردها وبنائها كله. تتخلل السرد عبارات تتردد فيها »المفردة«، حرفيا، فضلا عن كلمات شتي تدور في مجالها الدلالي نفسه، تردادا لافتا. ويتخذ »الفعل«، أي ارتكاب المحرم، وما ينجم عن هذا الارتكاب، مركز ثقل متحرك بطول الرواية، وإن بدأت به وقائعها، أو بدأ به حدثها الأول الذي تترتب عليه أحداثها جميعا، بما يصوغ إيقاع هذه الوقائع أو الأحداث، ويدخل بها في لهاث تلو آخر، وتوقع بعد توقع، وبما يجعلنا طول الوقت نتأمل في »الحرام«، ونتأمل معه، مفارقات المسموح وغير المسموح، المباح وغير المباح، وبما يجعلنا أيضا نتعرف مستويات عدة لنقيض الحرام، في معناه القريب وفي تحققاته الخادعة؛ »الحلال« الذي ينطوي، داخل سياقات الرواية، علي تناقضات لا حصر لها، والذي يبدو كأنه غطاء أخلاقي يواري ما لا يمكن أحيانا مواراته، ويحجب غالبا ما لا يجب حجبه أو إخفاؤه.
(2)
مفردات "الحرام"، ودلالاته واشتقاقاته، تتناثر في النص كله، من أوله إلي آخره تقريبا، وتجوب مساحات وآفاقا متنوعة تتحرك بين معني الحرام مجردا، ودلالاته المتنوعة، وفاعليه أو مقترفيه، ومستنكريه أو مناوئيه، والرائين إليه من زوايا بعيدة، كأنما من ضفاف أخري، والمتسائلين حوله والمتشكيين في ثبات حدوده. خلال سرد الرواية وخلال الكلمات التي تنطق بها شخصياتها وتلهج، تتناثر عبارات شتي تقع علي هذا المسار: هناك استخدام »الحرام« لتسمية اللقيط، العلامة الدامغة، الواحدة المحددة، علي فعل ارتكاب المحرم: »كل قادم كان يريد رؤية ابن الحرام هذا الذي مات لتوه« (الرواية، ص 8 وهذا التشديد وكل التشديدات التالية من عندنا)، وهناك الاستخدام نفسه للإشارة إلي ظاهرة جماعية، تشمل كل مرتكبي الحرام وكل ثمراته المرة: »فكري أفندي طالما سمع في القصص والحواديت عن أولاد الحرام..« (الرواية، ص 9)، وهناك مثول الحرام، هيأته الغامضة غير المتعينة في زمن أو مكان: "الحرام الذي كنت تسمع عنه (...) موجود" (الرواية، ص10)، وهناك الواقعة التي تشير إلي أكثر الأفعال، هنا، التصاقا بالحرام؛ ممارسة الجنس، الغريزة الطبيعية التي تحرك الجميع وتقودهم إلي ما تقودهم إليه، ولكنها تلوح، خارج ما هو مسموح به، جزءا من شر مستطير، غير طبيعي، يجب مقاومته ومدافعته والسعي إلي نفيه واستبعاده: »هي التي جعلت ذئبا من الرجال يستفرد بها ويفعل معها الحرام؟« (الرواية، ص11)، وهناك التباين بين »فاعلي« الحرام و»فاعلاته«، في هيراركية Hierarchy أو تراتبية ماثلة علي مستويات عدة بعالم الرواية، تشمل تقريبا كل أحد وكل شيء: »فهو مستعد أن يصدق الحرام في الرجال، ولكنه لأمر ما يصعب عليه أن يصدق الحرام في النساء« (الرواية، ص11)، وتلوح هذه التراتبية مركبة، وربما مضاعفة، إذا طالت »نساء الغرابوة«؛ فهن نساء فضلا عن كونهن »غرابوة«، أي أنهن منتميات إلي أولئك المهمشين المنبوذين، الحثالة، فقراء الفقراء: »فهم صحيح أنفار وغرابوة ولكن بينهم أيضا نساء يحملن ويلدن.. بل أكثر من هذا يحملن ويلدن في الحرام« (الرواية، ص 27)، أو: »فما بالك حين يكتشفون أن تلك الحثالة قد صدر عنها شيء حرام كهذا الذي حدث منذ أيام« (الرواية، ص102)، وهناك عبارات من قسم يحلف به واحد من الشخصيات، وهي عبارات تصل بين الحرام وبين »مكروه«آخر، شائع معروف، هو »الطلاق«: »علي الحرام بالتلاتة من بيتي كلهم موجودون« (الرواية، ص 32)، وهناك التجسد أو »التأمثل« المرئي للحرام، اللافتات التي تشير إلي مرتكبته، كأنما بإصبع اتهام كبير، لتعلن عن جريمتها: »عينه تبحث بلا وعي عن النساء في الأنفار عله يلمح علي إحداهن فجأة علامات الفجر والحرام« (الرواية، ص 38)، وهناك التوقف عند الحرام بوصفه نقيضا لنسق أخلاقي، متعارف، مسلم به، وذلك في النظرة السائدة القائمة في هذا العالم: »ربما لهذا اللغط الكثير الذي دار حول اللقيط والحرام وما يصح وما لا يصح« (الرواية، ص69)، وقريبا من هذا السياق يظهر، بجلاء، الربط المباشر بين الحرام و»الإثم« أو »العيب«: »لا تدري هي نفسها لماذا تعتبر أن التفكير فيها لم يعد حراما أو عيبا« (الرواية، ص70) و: »كنت عارفة إنه حرام وعيب« (الرواية، ص 94)، وقريبا من هذا أيضا ما ينم عن حضور الحرام في تصور لا يخلو من حس ذي طابع ديني: »وكأنها هي الأخري لقطاء جاءت من حرام وذاهبة إلي حرام وملمسها خطيئة« (الرواية، ص 105)، وهناك الوصل بين ثمرة الحرام وبين سلوك ما، غير عادي، إذ تحاول من حبلت سفاحا، في »الحرام«، أن تتخلص من جنينها، ثمرة الحرام المتنامية والدليل الحي المتفاقم علي ارتكابه، ولكن الجنين، مثل الحرام نفسه، قد استقوي بطاقة من الشر هائلة: »كان ابن حرام فعلا فلم يزحزحه كل هذا ولم يسقطه بل مضي يكبر كل يوم« (الرواية، ص 91)، وهناك الصيغة التي ترسم الحرام كيانا ما، ثم تتخذه، ونقيضه، معيارا لتصنيف الناس، ومحدّدا لطبيعتهم ولوجودهم وربما لخلقهم ذاته: "فقد صدر عنها شييء حرام كهذا الذي حدث منذ أيام حاولت إخفاءه (...) الترحيلة أنفسهم كانوا يكادون يصبحون شيئا حراما وكأن الناس جميعا مخلوقات حلال وهم وحدهم مخلوقات حرام« (الرواية، ص102)، وهناك ما يجعل الحرام اختزالا لتجربة مخوفة، مقرونة بالاستنكار والاستبعاد، ويصاغ هذا بتعبير شائع يصل بين الحرام هنا وبينه في مجال أشمل: »حتي لو كان حملها وولادتها حراما في حرام« (الرواية، ص 103)، وهناك ما يشي باستخدام تصور ما، في عبارات حوارية، توظف الخوف من الدمغ ب"وصمة" الحرام في سياق الاستعطاف والرجاء لتحقيق استجابة ما: »حرام عليك ياحضرة المأمور..حرام عليك.. دي عيانه« (الرواية، ص 105)، وهناك ما يطرح الحرام ركنا ومكوّنا أساسيا في بناء تشيده مواضعات راسخة متفق عليها، مدعومة بقوة أبوية، وما يحلق به فوق المساءلة والشك أو حتي التفكير: »ولم يكن أحد يسأل عن سر ذلك التحريم أو يحاول مناقشته، فما أكثر ما يحرم علي الأطفال والأولاد ولا يستطيعون مناقشته، وهل يستطيع أحد أن يناقش أباه حين يقول له هذا عيب، أو هذا حرام« (الرواية، ص 106)، ومع ذلك، فهذا التسليم بتلك المواضعات، وبمكانة الحرام فيها، ينطويان علي هشاشة ما، تجعل اليقين بهما خادعا، ممكن السقوط أو الانهيار بسطوة الاتفاق الجمعي القادر علي أن يغير كل مفهوم وعلي أن يعيد النظر في كل معيار: »ازدادوا خفة وحماسا لتنفيذ الاقتراح وكأنه لم يعد حراما، وكأنه الشيء الحرام إذا وافق عليه الجميع أصبح حلالا زلالا لا شك فيه« (الرواية، ص 107)، وهناك الاستخدام الذي يصوغ الحرام مرادفا للطلب والنهي، موازيا لفعل الأمر والزجر: "لم يحرم أحد عليهم الاقتراب من أولاد العزبة وهم يلعبون" (الرواية، ص 108)، وهناك ما يقرن بين الحرام و»الخصوصية الشخصية« التي يتكافأ معناها ومعني الشرف: »وكأنها أصبحت عيبا، وكأن في الإفاضة فيها خدش [كذا] لحرمة حرمة وشرف ناس« (الرواية، ص 128). وفي سياق ما، موصول بموازاة الراوي للشخصية مرتكبة الحرام، »عزيزة«، سوف يعاد النظر، ضمنيا، في مدي إثم الفعل الذي اضطرت لارتكابه، سوف يلوح سلوكا من سلوكات ممكنة الحدوث، حتي لو لم تكن مألوفة، وسوف تشعر عزيزة بعد أن تخلصت من علامة الجرم ودليله الكبير المنتفخ، من الجنين الذي حملت به سفاحا، بأن الصباح جميل، وبأن »كل شيء سوف يسير كما أرادت تماما وكأن الله معها« (الرواية، ص 98).
(3)
العالم الذي تطرحه الرواية، أو تناقش أبعاد مفهوم الحرام فيه، أشبه بدائرة مغلقة وإن بدت غير مقطوعة الأواصر تماما بالعالم الأكبر المحيط. »التفتيش«، الواقع في الريف، محدد تحديدا حاسما؛ بعدد سكانه »السبعة آلاف نسمة« (انظر الرواية ص 72)، كما أنه محدد بتاريخه المعروف، إذ »كان في أول أمره ملكا لإحدي البرنسيسات، ثم باعته الأميرة للخواجة زغيب الكبير، وصاحب الأرض الحالي ابنه الأكبر« (انظر الرواية ص 74). تتصل بهذا، خلال طرائق غير مباشرة، إشارات إلي زمن مرجع، منها: »الأوراق الكبيرة الخضراء ذات المادنة«، وكيس المقاول المرسوم عليه »هلال وثلاثة نجوم« (الرواية ص 17)، وجريدة "المقطم" (ص 45)، وهي كلها إشارات إلي زمن ما قبل 1952.
في عالم الرواية كذلك ما يقارب بين الجميع، أو أغلبهم وأغلبهن، في عدم امتلاك القدرة علي القراءة (انظر الرواية ص ص 44، 45)، وما يعبر عن سطوة الأسطورة والخرافة وحضورهما الطاغي (انظر الرواية ص 144)، وما يثير قضية الحب علي اختلاف الدين (حب »صفوت« و»لنده« انظر الرواية ص 43)... وهذا كله يمكن أن يجعل أهل التفتيش يستندون إلي نسق متجانس، أخلاقيا، في فهم كل سلوك. كذلك، في هذا العالم، ما ينم عن وجود تصورات متقاربة؛ فاللون الأبيض هو المعيار الأول لجمال المرأة (انظر ص 42)، والقائد المأمور هنا يطاع، من الجميع، طاعة تصل إلي حد »كاريكاتوري« (لاحظ التأييد الفوري للمأمور من كل المحيطين به فيما يقول، ثم تأييدهم الفوري له أيضا في عكس ما قال قبل لحظات، في حرك »طاعة متنقلة«، إن صح التعبير، تتقلب بتقلب أفكار هذا المأمور انظر الرواية ص ص 12 و13).
تخوم هذا العالم، شبه المغلقة عليه، لا تنفي أن هناك، في المجهول، عالما آخر، حيث تقع المدينة البعيدة، أو »البندر البعيد« بعبارة الراوي (انظر الرواية ص 40) الذي يرسل إليه القليلون جدا، أو القليلات جدا، لتلقي العلم (انظر ص 42). وهناك، في ذلك العالم »الآخر«، سوف تلوح مقاييس مغايرة لكل المقاييس القائمة هنا، فجميلة الجميلات في التفتيش، »لنده« البيضاء، ينظرون إليها هناك نظرة مختلفة، تستند إلي معايير أخري؛ إذ تهمس عنها نساء المدينة بأن »أنفها كبير وفمها أوسع قليلا مما يجب وقدها غير ممشوق وشعرها خشن أكرت« (الرواية، ص 42).
مثل هذه التخوم التي تحد التفتيش وتميزه عما عداه، إلي درجة ما، تجعله ساحة مسورة بسور غير مرئي واضحة المعالم، صالحة لاختبار موضوعة الرواية الأساسية. تقوم العلاقات داخل هذه الساحة (علي العكس من عالم المدن عموما، الذي يتسم فيما يتسم بتفكك الأواصر بين سكانه) علي الترابط والتعارف (فكل نساء التفتيش، مثلا، »معروفات« انظر الرواية ص 12)، بما يتيح ويكثف ويضاعف الفضول لمعرفة وتسمية »الشخص« الذي (التي) قام (قامت) بارتكاب الجرم في حالة ارتكابه. ولكن هذا الترابط والتعارف لا ينفيان أن هذه الساحة تحتوي بداخلها عناصر شتي، وتنطوي علي تناقضات عديدة، تجعلها بعيدة عن التجانس المطلق. فعلي هذه الساحة تتقاطع التكوينات، ويتجسد التراتب المجحف، ويلوح ذلك الانقسام الكبير بين »الفلاحين« و»الغرابوة«. هكذا يعيش أهل التفتيش كأنما هم تمثيلات لعوالم شتي جمعتهم أرض واحدة؛ المأمور غير سواه، والمتعلم يختلف عن غير المتعلم، والأفندي غير »الشغيل«، وأي فلاح من الفلاحين غير أي نفر من الغرابوة.. إلخ. ولكن، من جهة أخري، مع ذلك الانقسام متعدد المستويات، فعندما يطل "الحرام" علي عالم التفتيش، يبزغ معه، بجلاء، ذلك التسليم الواحد، المتفق عليه من الجميع، بحدود الحرام التي يجب عدم اختراقها أو تخطيها، وهي حدود مشهودة ومعلومة لكل من يتنفس علي أرض التفتيش.
تومئ ثنائية »الفلاحين«/ »الغرابوة«، الثنائية الأظهر في عالم الرواية، إلي نوع من التمييز القَبَلي، الذي يقود فيما يقود إلي تمييز أخلاقي يطال التصور الأساسي الذي تطرحه الرواية. أهل التفتيش من الفلاحين ينظرون إلي الغرابوة، عمال وعاملات الترحيلة، علي أنهم »نفاية بشرية منحطة« (الرواية، ص 19)، ويشيرون إليهم إشارات مقرونة بسباب: »دول غرابوة ولاد كلب« (الرواية، ص 12)، ويعاملونهم بعنف لا خفاء فيه (انظر الرواية ص 34). أما الغرابوة "فقد كانوا لا يقيمون وزنا كبيرا لتريقة الفلاحين أو نظرتهم« (الرواية، ص 15). وهذا التمييز بين هذين العالمين سوف يؤول، في النهاية، إلي وضع آخر مختلف، يتآخي فيه المقهور مع المقهور، وتنهار التراتبية المفتعلة التي ظلت تمايز بينهما (وإن بقيت التراتبيات الأخري قائمة)، إذ يتحرك الراوي بموازاة الفلاحين، ويؤكد أن »الحاجز الذي كان قائما بينهم وبين الترحيلة كان قد زال نهائيا وإلي الأبد« (الرواية، ص 142).
في عالم الرواية، كذلك، ما يشي بسمات تنتمي إلي ما قبل انفصال الأدوار والمهن (وهو انفصال أسسته أيضا العلاقات التي ارتبطت بعالم المدن بشكل عام) بل ما يشي بسمات تنتمي إلي ما قبل انفصال الكائنات بعضها عن بعض (وفي هذا ارتداد لعالم أكثر قدما من عالم المدن، وربما موغل في البدائية). ومع ذلك، فالإحساس بالتميز عن الحيوان، واستخدام مسمياته لتجسيد معني »الدونية«، قائم بمعني ما، في الرواية. فمع السباب الموجه للغرابوة، ووصمهم بأنهم »ولاد كلب«، كما لاحظنا، فإن كلمة »القطيع«، الدالة علي جماعة غير بشرية، تستخدم من منظور »فكري« أفندي »المأمور« لتشير إلي حشد »الأنفار« الذين »يلتقطون الدودة ويجمعون القطن ويطهرون المصارف« (انظر الرواية ص 26).
هذا العالم القائم في الرواية، المحدد، متقارب التصورات، شبه المعزول، المتماسك رغم ما ينطوي عليه من تناقضات وتمايزات، غير البعيد تماما عن نزوع ما إلي مجتمعات بدائية وهي في أغلبها مجتمعات سابقة، تاريخيا، علي ظهور مفهوم »التحريم« وأشكاله هذا العالم، إذن، يصلح لتشييد ذلك الاختبار الكبير الذي تجسده الرواية؛ لفعل ارتكاب المحرم ثم لفعل تسويته، ابتداء من السطور الأولي بالفصل الأول وحتي الفقرة الأخيرة بالفصل الأخير.
(4)
تنبني رواية (الحرام) علي فعل أشبه بنوع من اختراق مفاجئ، مباغت يطل ابتداء من صفحاتها الأولي للعالم الساكن المتواتر المطرد: اكتشاف »عبد المطلب« في غبش آخر الليل »لجسم أبيض غريب يرقد علي جانب من الجسر«، سوف يتكشف عن جنين حديث الولادة (انظر الرواية ص 4). وإذا كان هذا الجنين، في سرد الراوي الذي يوازي عبد المطلب خلال هذه الصفحات الأولي بالرواية، يستدعي الإحساس بالمسؤولية، فإنه في سرد الراوي الذي سوف يوازي شخصيات أخري عديدة، في صفحات مطولة تالية، يستدعي ما هو أكبر من الإحساس بالمسؤولية. ومع هذا الفعل الأول، الاكتشاف المبكر لذلك الجسم الصغير الأبيض الغريب، يثار من البداية السؤال تلو السؤال، لتتصاعد وتتناسل التخمينات المقرونة باتهام سيلوح عشوائيا، متنقل الحركة، من شخصية لأخري عمن تكون أمه، وعمن يكون مرتكب الفعل معها، وعن العلاقة التي جمعتهما في الحرام. ونحن، إذ نتحرك مع الشخصيات التي تستثير، وتستثار بداخلها، مثل هذه الأسئلة والتخمينات، إنما نتحرك خلال مراوحة واضحة بين »السرية« و»الفضح«، الإخفاء والإفصاح. يظل التساؤل معلقا وتظل الإجابة غائبة ونائية عن الشخصيات التي تتساءل وتبحث عن إجابة. ثم مع »الحمي« التي تصيب »عزيزة«، مرتكبة الفعل في موقع متأخر بالرواية (انظر ص 99) وتجعلها تهذي بكلام كثير عما حرصت طويلا، وبجهد خارق، علي كتمانه، وعن »الجنين الذي لم يكن يريد أن يكف عن البكاء«... مع هذه الحمي، يتكشف المستور، ونرتحل بعيدا عن مراوحة »السرية«و"الفضح"، ولكننا من ناحية أخري لن نكون بمنأي عما ترتب علي الفعل الأول نفسه؛ ارتكاب الحرام، وملابسات ارتكابه، وفاعلته/ ضحيته. سوف تتلاشي ريب أهل التفتيش في أنفسهم و»أخلاقهم ونسائهم وقيمهم«، وسوف يستعيدون »الثقة التي ظلت حائرة مزعزعة تحوم حولها الشكوك، وتتطاول عليها الألسن، منذ اللحظة التي عثر فيها عبد المطلب الخفير علي اللقيط« (الرواية، ص 101)، ولكن سوف تتناثر أسئلة أخري جديدة حول الفعل الأول الذي زعزع الثقة وأثار الشكوك.
مع هذه الحركة البنائية الواضحة، المرتبطة بالتناول المركزي في الرواية، أي باختبار مواجهة »الحرام«، هناك نقلتان بنائيتان بارزتان؛ الأولي تتصل بالفصل السادس عشر (ص 16 وما بعدها)، حيث ينتقل الراوي، فيما يشبه انعطافة جانبية، ليرصد عالم أحمد أفندي سلطان، »دون جوان« التفتيش، والثانية ترتبط بالفصل السابع عشر (ص 126 وما بعدها)، حيث نشهد مرض عزيزة ثم موتها، كما نشهد تلاشي المسافة الكبيرة بين العالمين اللذين ظلا مختلفين طوال الفصول السابقة، الفلاحين والغرابوة، إذ يختلطان »اختلاطا متحفظا أول الأمر وفي حدود«، خلاله يكتشف أهل العزبة »أن الترحيلة لهم بلاد هم الآخرون، ويعرفون مثلهم في الفلاحة، ولهم أيضا بيوت وقرايب وعمات وخالات، وبينهم مشاحنات وخلافات، ولهم من الريس شكاوي ومن المأمور والإدارة شكايات« (الرواية، ص 128).
ومع المضي قدما، كما يقال، باتجاه الحركة من فعل الاختراق إلي التساؤل عن مرتكبيه، ومن فقدان الثقة إلي استعادتها، ثم من هذه الاستعادة إلي البحث عن الملابسات التي أدت إلي ذلك كله، أي مع الحركة الطولية للزمن وللوقائع التي تتحرك فيه وبه ومعه، يتخلق مجال واسع للراوي وللشخصيات كي يصل وتصل بين أحداث الحاضر وأحداث الماضي، وكي يجسد وتجسد »الأمثولة« المستخلصة من عالم الأسلاف السابقين بما يضئ علاقات العالم الراهن، فيما يشبه "القص التفريعي" الذي يتم خلاله تقديم »حكايات« قديمة غابرة تفسر مغزي عالم/عوالم الشخوص في الزمن الحاضر(انظر ما يحكيه الراوي عن »قصة نبوية«ص 22، ولاحظ »الحكاية الطويلة« التي يقصه الأسطي العجوز ص 36، وأيضا »الحكاية« التي يحكيها ل»مسيحه« معلمه ص 41، ثم حكاية عزيزة نفسها التي يحكيها الراوي في الفصل الرابع عشر، ص 83 وما بعدها).
عبر الحركة مما يترتب علي ارتكاب الحرام إلي ما يتصل بأطرافه، مرتكبيه أو مستنكريه، وعبر الحركة من ماضي هؤلاء جميعا إلي ماضي السابقين الذين صاغوا »أخلاقيات العالم«القائم التي يتمسك بها فعليا أو ظاهريا أبناء التفتيش الآن، يتحقق بناء رواية (الحرام) خلال سرد ينتمي إلي هذا العالم ويعلق عليه، من خارجه، في آن.
(5)
علاقات لغة السرد لها حضور ماثل في (الحرام) وفي أعمال أخري ليوسف إدريس دارت في مجال (الحرام) أو دارت (الحرام) في مجالها: تعدد المستويات في لغة الراوي التي تمتزج بأصوات »العالم« الذي يسرد عنه، بما يجعل هذه اللغة تنهض علي الاحتفاء بالتعبيرات الشائعة في هذا العالم، وبما يعكس لغات الشخصيات التي يوازيها، أو بما يجعل هذه اللغات تتداخل ولغة الراوي أو تتخللها، سواء بقيت الحدود واضحة بين الاثنتين (: »يضايقه (...) مرأي الفلاحين وهم جلوس في المصلي أمام بيته »يجرحون« البيت وسكانه علي حد تعبيره« ص ص 57، 58) أو امحت هذه الحدود لتتشكل لغة واحدة جامعة بينهما (:"يتبادل هو وأحمد سلطان سيجارة ملغمة" ص 52)، »ناظرا بحقد إلي عفيفة المستغرقة في سابع نوم" ص 63، "سيخصص المغربية كلها لزكية، وسيريها نجوم الظهر« ص 67، »رأي اليوم بعينه جسم جريمة كاملا ميتا يكاد يمد أصبعه ويضعه في عين كل من لا يصدق« ص 10، و:»الرجل في الحرام دوره طياري..« ص 11).
فضلا عن ذلك، فلغة الراوي هنا تنطوي علي نوع من »التعدد المتجانس« إن صح هذا التعبير يوازي مثيله القائم في العالم الذي يحكي عنه، فتلوح مستويات متنوعة في هذه اللغة: مستوي يتم فيه استخدام بعض التعبيرات الكلاسيكية الشائعة (:»بدأت تعود إليه رباطة جأشه« ص 6)، وقريبا من هذا السياق ما يعكس، لغويا، حضور بعد ديني إسلامي (: »كيقينه بيوم القيامة والنفس اللوامة« ص 22)، ومستوي يتم خلاله تمثل التعبيرات والتراكيب العامية والأمثال الشعبية (:»لم لا يلقي اللفافة في الترعة ولا من شاف ولا من دري؟« ص 6، »فبدأ الفأر يلعب في عب مسيحة أفندي« ص 39، »واللقيط جعل الفأر يلعب في عبه لأنه أدري الناس بالإشاعات« ص 42، »وبعد هذا الحادث الغريب لعب الفأر في عب مسيحة أفندي«، ص 45)، ويتصل بهذا مستوي تنعكس خلاله تصورات الشخصية في لغة الراوي ببعض السياقات (:»وكأن لديه أجولة أعمار سيفرقها عليهم« ص 16)، فضلا عن دس بعض الكلمات العامية، بلفظها الذي ينتسب إلي الشخصيات، في لغة الراوي الفصيحة (:»والأوراق الكبيرة ذات المادنة تلمس يده بالكاد« ص 17).
هذا التعدد في لغة الراوي، يتم توظيفه أيضا لتقديم تمثيل حي لعالم متنوع رغم تجانسه، أو مركب رغم تسليمه الجمعي، الواحد، بتصور بعينه ضمن نسق أخلاقي ما. وفي القلب من هذا النسق تبرز موضوعة »الحرام« الذي يخضع، مثلما يخضع كل شيء داخل الرواية، للتساؤل وإعادة النظر في المسلمات.
(6)
تبدأ السطور الأولي بالرواية بصوت تعليقي يحلق خارج حدود التفتيش القريبة والبعيدة معا: »في تلك البقعة من شمال الدلتا.. حيث يمتد التفتيش واسعا عريضا لا يكاد البصر يصل إلي مداه، كانت الدنيا تمر بلحظة السكون التام ..إلخ«. سوف تتراجع هذه النظرة البانورامية المحلقة من سرد الراوي بطول الرواية، وتتضاءل مثل هذه الإشارات إلي ما وراء حدود التفتيش، لنجد أنفسنا نتحرك داخل حدود التفتيش التي لاحظناها، أي داخل الدائرة المسورة بحدود قاطعة، حيث تحولت حياة أهله المعتادة إلي حياة استثنائية، وتبدل إيقاعها الهادئ إلي إيقاع لاهث، بعدما شهد واحد منهم »جسم الجريمة«، وبدأت بداخلهم تثور الأسئلة والتساؤلات. »معرفة« الراوي الكلية، وقدرته علي الحركة، التي تمتد ذلك الامتداد الواسع في السطور الأولي بالرواية، سوف تتقلصان ليؤوب إلي الالتزام بنطاق »المعرفة« أو »المعارف« الماثلة في العالم الذي يحكي عنه، وإلي الانطلاق من التصورات القائمة فيه؛ سيبدو جزءا من هذا العالم، مؤمنا بهذه التصورات، بما فيها الجانب الأخلاقي المرتبط بفهم الحرام، ومن ثم حدث اختراقه، وفعل تسويته.
يلوح الراوي، أحيانا، منتميا لديانة الأغلبية من أهل التفتيش، المسلمين الذين يتعايشون مع المسيحيين القلائل، هنا، بسلام. يوازي شخصية »فكري أفندي« المأمور ويقول خلال هذه الموازاة إن المسألة لم تستدع »أن ينتظر فكري أفندي تسعة شهور كما فعل سيدنا عمر« (الرواية، ص 72). وبجانب ذلك، يحلق الراوي أحيانا ليسوق بعض التأملات حول »أفكار كبري«، عن الإيمان والشك، وعن الواقع والحكايات (الرواية، ص 101)، وفي هذا كله يبدو صوت الراوي متبنيا صيغة جمعية، هي محصلة لهذا العالم بمكوناته المتنوعة وقد تفاعلت معا.
خطاب الراوي، هنا (أيضا كما هو في أعمال أخري لإدريس) ينبني علي نبرة حميمة تخاطب مرويا عليه يلوح حميما أيضا: »والمرأة عجوز من كثرة كبرها لا تستطيع أن تحدد لها سنا« (الرواية، ص 20)، »كان الغيط لا آخر له بحيث يبهرك أن تعرف أن شخصا واحدا فقط هو الذي يملكه، وبحيث تود في الحال لو كنت أنت ذلك الشخص. وشكل الغيط المزروع يذكرك أيضا بالجنة« (الرواية، ص 29). ولكن في بعض السياقات يفترض الراوي أن ذلك المروي عليه لا ينتمي إلي عالم التفتيش ولا إلي عالم الريف كله: »والباب مفتوح فلا تغلق أبواب الدور في الأرياف إلا لماما« (الرواية، ص 46). يسعي الراوي إلي إقناع ذلك المروي عليه، وربما إلي إقناعنا أيضا نحن القراء المحتملين الذين لم نعش في التفتيش ولم ننتم إليه بأن شيئا ما، في ذلك التصور الأخلاقي السائد عن الحلال والحرام، يجب تأمله وإعادة النظر فيه. ولكن هذا يتصل باستراتيجية الكتابة التي تنتمي إلي يوسف إدريس نفسه، صائغ الراوي وخالق العمل بأكمله. ومع المنظور الذي يتعدد خلال حركة موازاة الراوي لأكثر من شخصية داخل الرواية، ومع النظرة التي تحلق بعيدا عن شخصيات الرواية جميعا، سوف يتكشف لنا ما وراء حدود عالم التفتيش التي ستبدو ضيقة علي اتساعها؛ سوف نري السياق الأكبر الذي يتمثل فيه هذا التصور الأخلاقي، وسوف نري التصدعات بادية عليه، بوضوح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.