»الفساد ينخر في اقتصاديات دول أفريقيا« جملة أطلقها الرئيس السيسى فى الجلسة الافتتاحية للمنتدى الأفريقى لمكافحة الفساد تجسد الواقع الأليم الذي تعيشه القارة السمراء التقارير الرسمية تؤكد أن أفريقيا هي القارة الأكثر فساداً، وأن دولها دائما ما تحتل القمة فى مؤشرات عدم الشفافية العالمية، وأن الصومال الدولة الأكثر فساداً فى العالم تليها جنوب السودان وليبيا وغينيا.التقارير تؤكد أن الفساد يضرب 90% من دول أفريقيا، وأنها تخسر مئات المليارات من الدولارات بسبب الفساد الذي يقف حجر عثرة أمام خطة التنمية المستدامة لأفريقيا 2063.. تقارير منظمة النزاهة المالية العالمية الأمريكية (GFI)، تؤكد أنه تم تحويل 1.3 تريليون دولار بصورة غير مشروعة من أفريقيا إلى خارج أفريقيا خلال العقود الثلاثة الماضية. المأساة جسدتها صحيفة أوبزيرفر البريطانية عندما أكدت فى تقرير لها أن جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تمتلك ثروات معدنية هائلة من الألماس والنحاس تقدر ب24 تريليون دولار، أصبحت من أفقر دول العالم بسبب الفساد، حيث تعرضت ثرواتها للسلب والنهب على مدى سنوات طويلة. من هنا جاءت أهمية المنتدى الأفريقي الأول لمكافحة الفساد بشرم الشيخ، والذي جاء ثمرة المبادرة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي فى يناير العام الماضي أثناء رئاسته للوفد المشارك فى القمة الأفريقية السنوية للقادة الأفارقة.. انعقاد المؤتمر يأتي مواكباً لرئاسة مصر للاتحاد الأفريقي ويشارك فيه رؤساء الجهات المعنية بمكافحة الفساد فى 51 دولة أفريقية إلى جانب 4 دول عربية تشارك كضيف شرف هي السعودية والإمارات والكويت والأردن. حسناً فعل الرئيس عبدالفتاح السيسي بصفته رئيسا للاتحاد الأفريقي أن يقدم للدول الأفريقية أفضل هدية خلال العام الذي يترأس فيه الاتحاد الأفريقي بإعلان الحرب على الفساد، وأن يضع أمام الأشقاء الأفارقة نموذجاً ملهماً وهو التجربة المصرية الرائدة فى مكافحة الفساد خلال الخمس سنوات الماضية والتي أتت ثمارها بفضل جهود هيئة الرقابة الإدارية بقيادة الوزير شريف سيف الدين رئيس الهيئة، والجهاز المركزي للمحاسبات بقيادة المستشار هشام بدوي رئيس الجهاز، وجهاز الكسب غير المشروع ووحدة مكافحة غسيل الأموال وجهود وزارتي الداخلية والعدل.. الرئيس أكد أن الفساد فى أفريقيا الغنية بمواردها الطبيعية والبشرية من العوامل السلبية التي تنخر فى اقتصاديات الدول الأفريقية وأحد أبرز العوائق أمام انطلاق القارة. لذلك أراد الرئيس السيسي نقل الخبرة المصرية الناجحة التي تحققت بشهادة المؤسسات الدولية والأفارقة أنفسهم، للدول الأفريقية وتبادل المعلومات بين الأجهزة الرقابية فى مصر والأجهزة المناظرة لها فى الدول الأفريقية، وتبادل المعلومات بشكل رقمي بين الحكومات فى هذا الصدد بالإضافة إلى تنمية القدرات البشرية الأفريقية فى مجال مكافحة الفساد. وجاءت كلمة الرئيس فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بمثابة خارطة طريق لمكافحة الفساد بجميع صوره وأشكاله، حيث أكد أن مكافحة الفساد وتغيير واقع القارة السمراء لن يتحقق إلا بتكاتف الجهود وبلورة الرؤى المشتركة وتعزيز الآليات الأفريقية التنسيقية لمحاصرة الفساد على جميع المحاور. الكلمات والأوراق وجلسات العمل للمؤتمر الذي يعقد على مدى يومين أعتقد أنها لو تم تطبيقها وتحويلها إلى حيز التنفيذ ستكون كافية لتطهير دول القارة السمراء من الفساد بجميع صوره وأشكاله لتحقيق التنمية الشاملة داخل جميع الدول الأفريقية. وبالطبع الأمر يحتاج إلى تعاون دول القارة وتكاتف جهود الجميع والتنسيق فى المجالات السياسية والتشريعية والقضائية والرقابية لمكافحة آفة الفساد التي تنخر فى أفريقيا والذي يُعد كما أكد الوزير اللواء شريف سيف الدين أنه العدو الأكبر الذى يكبدنا خسائر بمليارات الدولارات.