عناصر من حزب الله اللبناني منذ أيام نشرت مجلة »فورين بوليسي» الأمريكية تقريرا خاصا حول أذرع إيران الجديدة في المنطقة وتحول اهتمام نظام الملالي وقادته العسكريين وعلي رأسهم الجنرال الذهبي قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، من الاعتماد علي حزب الله اللبناني كحليف ووكيل لإيران في المنطقة إلي جماعة الحوثيين باليمن، خاصة بعد تصاعد المواجهات الكلامية بين واشنطنوطهران مؤخرا ووصولها لحافة الحرب الحقيقية. التقرير يؤكد أن هذا التحول لم يكن مفاجأة، لأن إيران أرادت من تلك الخطوة تنشيط حالة أذرعها المسلحة بالمنطقة، خاصة بعد أن تعرض حزب الله وقواته في كل من لبنانوسوريا والعراق، لعدة ضربات متكررة من جانب معارضي النظام السوري ومن إسرائيل نفسها عن طريق توجيه ضربات موجعة للحزب في مواقعه بسوريا، خاصة حول العاصمة دمشق والمدن المتاخمة لها، وفي داخل المناطق التي كان الحزب يعتبرها حصونا له بالداخل السوري، منذ اندلاع الحرب هناك قبل أكثر من 6 سنوات، وتورط حزب الله كوكيل لإيران فيها. الهدف هذه المرة بحسب صحيفة »الجارديان» البريطانية هو أن إيران تريد من توجيه اهتمامها للحوثيين بديلا عن حزب الله، تنشيط هذه القوات لهدف معين في المنطقة، خاصة في الجنوب اليمني والخليج العربي، ما يزيد توسيع نطاق المواجهة مع أمريكا وحلفائها في المنطقة المشتعلة، وزيادة مخاطر الصراع وحسابات المواجهة معها، إذا اضطرت إيران لخوض حرب في المنطقة حتي لو كانت محدودة، ويري الإيرانيون في الحوثيين خير حليف للقيام بهذا الدور في حربهم بالوكالة ضد أمريكا العدو الأكبر. هذا الأمر هو ما جعل زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، يدخل علي خط المواجهة ضد أمريكا بخطاب أخير، هددها فيه بشن حرب إقليمية إذا تعرضت إيران لخطر هجوم أمريكي شبه متوقع وهو ما فسره المقربون بأنه محاولة من نصر الله لطمأنة قواته داخل الحزب، بأن إيران ما زالت حليفا قويا له وأنها لم تدر ظهرها في مقابل تقربها من الحوثيين، ومن جهة أخري بأن حزب الله هو الحليف الأقوي والتاريخي والدائم لإيران بالمنطقة.. والهدف كان رسالة للخارج ولقواته بالمقام الأول وساعد علي ذلك.. أن الحزب يشهد ضغوطا متواصلة داخل لبنان، للتخلي ولو بصورة جزئية عن الدعم المطلق لإيران ولنشاطها بالمنطقة خاصة في سوريا لأن ذلك الدعم يجر لبنان لحرب لا ناقة لها فيها ولا جمل، كما سيكون مبررا قويا لإسرائيل لشن هجمات متواصلة ومدمرة للداخل اللبناني، حتي في حالة عدم نشوب حرب، بدعوي الضربات الوقائية لقوات الحزب المدعوم إيرانيا. ويدعم توجه إيران للحوثيين ما قام به الحوثيون بالفعل فوق الأرض، فبعد نحو أسبوع واحد من إرسال أمريكا مجموعة من حاملاتها وقاذفاتها للمنطقة، وإحساس الجماعة بأن إيران في خطر حقيقي، كانت المبادرة من الحوثيين وليس حزب الله لشن هجمات علي أهداف مدنية بالخليج، بل البدء في تدمير خطوط للبترول بمياه الخليج ربما للمرة الأولي، والدفع بطائرات مسيرة وصواريخ تم تصنيعها في إيران، وتطويرها باليمن في تلك المواجهات المتصاعدة. تلك الأسباب دعت إيران للاعتماد أكثر علي الحوثيين كبديل لحزب الله، في حربهم ضد أمريكا لأن الحوثيين أكثر استعدادا لتلك الحرب بعيدا عن أي ضغوط داخلية مثلما هو الوضع لحزب الله اللبناني.. وإن كان ذلك لا يمنع دخول حزب الله في الحرب إذا امتدت لتشمل أجزاء كبيرة بالمنطقة، وقتها سيجد الحزب نفسه وسط حرب لابد أن يخوضها مع حلفائه وعلي رأسهم إيران. وقد يساعد علي ذلك - كما تقول مجلة »فورين بوليسي» الأمريكية علي تضييق الخناق الذي تمارسه أمريكا علي النظام الإيراني اقتصاديا، وإذا صعدت أمريكا من ذلك من خلال اعتراض ناقلات البترول الإيراني داخل مياه الخليج، أو فرض عقوبات أكثر علي شركات ومصانع البتروكيماويات الإيرانية، وهو ماحدث بالفعل مؤخرا، بدعوي مناشدتها المالية لقوات الحرس الثوري الإيراني، الذي أدرجته أمريكا كمنظمة إرهابية علي لائحتها للإرهاب وجمدت أصوله المالية، أو بفرض عقوبات أكثر صعوبة علي الشركات والدول التي تتعامل اقتصاديا مع إيران فإن ذلك كله مع إجراءات أخري، قد يدفع إيران للانتقام من أمريكا وأذرعها ومصالحها بالمنطقة، ومن خلال وكلاء طهران بالمنطقة وعلي رأسهم الحوثيون باليمن، ومن بعدهم حزب الله اللبناني، والميليشيات العراقية الشيعية المتحالفة معها، وكلها قوات تتمتع بوضع أفضل لتواجدها علي الأرض، لضرب الأهداف الأمريكية، بل والتلويح بضرب أهداف إسرائيلية لجذب المزيد من الدعم الشعبي لها.