نظرت.. دققت.. بفزع قلت: - ما هذا..؟!! أراه ين الرّكام منكفئا.. الرأس بين يديه..!! - تُري من فعل به ذلك؟!.. بل من أتي به إلي هذا المكان الموحش.. أنت ياهذا.. يامن تكون هناك.. - وأنت يا الذي تكون هناك .. ماذا تريد؟!! - أأنت الذي فعلت أنه بذاك الراقد هناك؟. - يا هذا كن حسن الظن ولا تهتم .. جنافا.. - أبدأ قلت أنه راقد.. - لكني لا أعتقد أنه راقد - هل تقترب منه لنري ماذا به؟ - إنه مجرد شخص راقد... - لا أعتقد أنه كذلك... - ولماذا... ؟؟ - هذا مكان لايصلح للرقاد... - أجل .. تنتشر قطع من الصخر.. وبعض كسر الطوب وماء راكد عفن!! - إذن ليس مكاناً يتخيره إنسان ليرقد... - بل أعتقد أنه ليس براقد ..!! - ماذا تقصد؟!! - يبدو أن الأمر غير ما ظننا - أتقصد أحداً ما أرقده في هذا المكان المهجور..؟؟!! - أنت تقصد ما لم أقصده.. - أيكون في خطر ما.. ؟؟.. - تقصد أنه ليس بنائم.. أيكون مصابا..؟! -- نحن لم نتفحصه بعد.. - وهل يحق لنا أن نتفحصه..؟؟!! - وهل يحق لنا ألا نتفحصه؟!! - قد يكون في حاجة للنجدة.. - أتظن أنه علي قيد الحياة..؟ -ألديك تأكيد... - ليس لدي تأكيد - هل نقترب منه؟ - ولماذا لأ...؟ - أيدعو موقفنا إلي الريبة - ممن...؟؟ - هناك المرتابون دائما... - والمرتابون لايتراجعون عن ارتيابهم.. - حتي ان لم يقترب منه.. - لكن أيمكن أن نحاول - نحاول ماذا.. - يخرب.. - ماذا نجرب.. - أن نفعل شيئاً إيجابياً... - أتقصد مفيداً... - مفيداً لمن - أقصد تفعل معروفاً - أوضح أكثر...؟. - أن تفعل شيئا لوجه الله.. - تقصد عمل الخير.. - نعم.. أقصد ذلك... - لكن ما الجدوي..؟ - لاتنتظر الجدوي.. - أي أقذفي بالخير.. إلي البحر... - أخشي أن تكون وربطة.. ونهايتنا... - تفاءل.. هذا الرجل يبدو سليماً... - وكيف عرفت ذلك...؟.. - أخالني لاحظت حركة صدرت كرفيف سريع من ذراعه... - .... بل ساقه... - ربما يكون ممن تنتابهم حالة صرع وتصبح يداه كلابتن حول العنق.. إذاً.. ما اقتربت منه... - مجرد هاجس وسواس خناس.. - أتريد إنقاذه حقاً.. - أفكر في إنقاذ نفسي.. - يارجل.. أين الشهامة!.. أين النخوة! أين..؟؟؟! - كفي أينات.. الموقف يتطلب ما هو أكثر... - تقصد الشجاعة.. - أقصد الشجعان... - وهل تجد في الساحة شجاعة أو شجعان - أقصد التضحية من أجل الإنسانية... - قد نصبح ضحية بلا فائدة.. وبلا جدوي...!! - أنت تحبطني.. لسنا في زمن المعارك الشريفة... - أتضيع تضحية صاحب الجسر المسجي هباء... - ولماذا نظل مكتوفي الأيدي... - وهل يستحق الآخرون الشرف والأمانة... - بل أنت وأنا لانستحق الضعة والخيانة.. تذكرت ثقافة فترة التكوين.. المعني الأخير للعقاد.. ورغم اعجابي بالحكيم لم أكن أصدق عداوته للمرأة.. كذلك ميخائيل نعيمة: "بعض الناس كالسلم يصعد عليه الصاعدون وينزل النازلون.. اما هم فلا يصعدون ولاينزولون".. وغيرهم كثر ممن حملوا أسفار عبقريتهم..وتركوا الأمانة لمحبي الحياة... - إذن سأستدعي إمكاناتي.. واستعين - عند اللازم بمن ينجدنا.. - علي وجه السرعة... أسألك.... - أتحمل محمولا..؟ - أنت ألا تحمل محمولا..؟. - كلا أنني لا أحمل - وأنا لا أحمل - إذن كيف ستستنجد..؟! - لدي - دائما- فكرة - اسرع وأطلقها... - قد يكون مع الراقد هناك محمول... - وربما لايكون معه.... - بضع خطوات فتأكد.. - هل من حقنا تفتيش ملابسه؟؟ - ربما هذا من حقه علينا... - واذا لم نجد المحمول - قد نجد شيئاً آخر - أي شيء تقصد؟ - نستدل علي هويته - هذا عمل العسس - تباً لعهد العسس - قلها همساً - أتحاول إخافتي؟.. - إنا لا أخفيك - لكنهم -دائما- خلفي - وإنهم - دائما- خلفي - دائما هم خلفنا... - كثيراً ماحذرتني زوجتي... قالت! - لن تصلح الكون... - لأني وحدي.. لو أن الجميع تحركوا ضد هؤلاء الذين يسرقون آمالنا.. يقتلون أحلامنا... - قلت لو... - وأقول لو لم يستسلم البشر إما معذبين في الأرض وإما يستأسترون فيها يستمرأون الفساد والأفساد.. المفسدون في الأرض.. لكن لامجال لليأس من إصلاح ما أفسدوه.. - لكن يازوجي الحبيب صوت من ينادي.. وان وقفت كل الأجراس.. قلت لرفيقي: - أيكون الراقد بين الركام قد يأس من المواجهة؟.. - بعض الذين قرروا المواجهة .. تبينوا أنهم يؤذنون في مالطة. - أستشعر بأنني واجهت سوء واقعي، وانني أذنت في مالطة بعض خرابها.. كأن واقع الراقد هنا.. واقعي.. يوما بل أيام ضقت بوظيفتي.. تأخذ طاقتي.. دون أن تفي لأولادي بالاحتياجات الرئيسية.. عمل بنصيحة "ريم" في البحث عن عمل إضافي.. عندما فعلت كل شيء قد تضاعف ثمنه وأصبح الحبيب خاويا.. اكتشفت مؤخراً ان المحيطين بي يبيعون في السر بعض المنتوجات ويعيشون في رغد.. كشفت أسرار اللعبة.. جوزيت.. وكوفئوا...!! تشتت تفكير اختلطت في ذهني الأمور.. أحسست أنني أطيب مثل ذلك الذي يرقد في الركام هناك.. قال رفيقي بعد صمت: - أريد - يارجل- شهادتك.. أيعقل أن يحدث لي كل ذلك؟. - أنا أيضاً أريدها.. أيعقل أن يحدث في كل ذلك؟. - ألسنا في زمن الأوغاد.. - سمعت أحدهم يقولها.. الآن زمن النخاسة...؟ - أقلت النجاسة.. - قلت النخاسة.. - و إن لم تقلها سيقولون إنك قلتها.. وتكون سوء العاقبة.. - ودائما البداية بكلمة.. أو نكتة من النوع إياه.. ومغريات المفسدون والإفساد والفاسدين !.. غبي أشار مباشرة باسم الرجل هناك... - إذن فالرجل ملتاث....!! - أوافقك ..انه قد التثا بما فعلوا به...!! - وأنت أقلت مثله؟. - قلت أكثر... وأكثر... ولكن... - إذن فقد أذنبت... - لكني لم أمكنهم مني.. لم أنكسر بعد... - لم تنكسر.. لكنهم يقصفون الرقاب.. - أتظن فعلوها بالراقد هناك.. رأسه بين يديه..؟ - أتظنه ينزف... - أتظنهم يفعلونها بنا....؟. - أمتأكد أنك لم تنزف بعد..؟.. - قد يكون الذي هناك ينزف... - هل نتقدم خطوة أخري لنري... - لم تعد غير خطوة... - ولنتقدم هذه الخطوة... - إذن حرك الجسد لنري الوجه منه... - سأفعل.. يا ألله الوجه ملطخ بالدماء...!!! ... بيدي بحركة واهنة أبعد عن وجهه الدماء... - يده بحركة شديدة الوهن... تبعد عن وجهي الدماء...