كنت قد قررت ألا تكتب عن الامتحانات حتي لا يصبح الأمر مبتذلا وسخيفا من كثرة الكلام عنه لكن اليوم كان ملحميا بكل المقاييس لذلك وجب عليك تخليد ذكراه اليوم هو يوم أمتحان الرياضيات. بدأ اليوم بمشهد هزلي تنزل فيه من بيتك مهرولا معتقدا أن الساعة هي التاسعة والنصف وقد تبقي نصف ساعة فقط علي بدء الامتحان رغم أنك رأيت الساعة تشير إلي الثامنة والنصف لكنك نسيت ذلك بعدها بدقيقتين. لحظة استلام الأوراق ويا لها من لحظة.. صوت صرصور الحقل يرن في أذنيك لمدة عشر دقائق بعد استلام الورقة. تجلس فاغرا فاك علي اتساعه شاعرا بالبله المغولي يتملك عقلك وإن كان مرضي البله المغولي يتمتعون ببراءة لم تحظ منها بشيء. نصف ساعة قد مر ولا تجد سؤالا واحدا أنت متيقن من إجابته يشفع لك عند الدكتورة. الوضع مؤسف للغاية.. صوت شادية يأتي عذبا من مكان ما في مخيلتك »عملتو إيه ف الدنيا دي آه يا ولادي آه يا ولادي» تتلفت حولك.. لا ليس كما ظننت لم أكن أحاول الغش!! كنت أحاول أن أْعرف أن كان هناك من أنتهت حدود معرفته وكتابته عند ملء خانات البيانات مثلي في أول الورقة فارتد البصر إلي خاسئا وهو حسير، الأغلبية يغتصبون الأوراق بأقلامهم بينما لا تكف أيديهم عن الطرق علي الحاسبة. بعد وقت ليس بالطويل تدخل الدكتورة وعلي شفتيها ابتسامة انتصار من نوع »ابقوا قابلوني لو فلحتم». تتجول بين الطلبة كقائد مظفر وسط أسري الحرب بينما يتصايح الطلبة طالبين العون وتوضيح بعض الأسئلة فتستمع لاسئلتهم في غير اهتمام ثم تجيب كلا منهم علي حدة بنفس الجملة الساخرة الهازئة » يادي الخيييييبة» وتتعمد مط كلمة الخيبة بقدر الإمكان حتي تتردد في أذنيك لأطول وقت ممكن لتشعرك بمدي ضآلتك وحقارتك أمام علمها اللا متناهي. كتب أصدقاؤك ما يكفي نجاحهم لثلاثة أعوام قادمة بينما ورقتك ناصعة البياض ليس أنصع منها سوي صفحات حسناتك. يصول المراقبون ويجولون في المكان وعلي وجوههم ابتسامة شامتة وساخرة من البلاهة المتبدية علي وجوه بعض الطلاب وطرق البعض الآخر البلهاء المضحكة في الغش. بعد فترة تملكك اليأس فصرت تكتب أشياء أنت نفسك لا تفهمها في محاولة لسد الفراغات في ورقة إجابتك. بعد أن ملأت أوراق الإجابة بتعاويذك وطلاسمك غير المفهومة جلست تتأمل وجوه الزملاء البائسة. منهمكون في حل تلك الأحجيات وكأن حياتهم تتوقف عليها. بعد فترة كان كل ما يشغلك هن تلك الفاتنات اللاتي تركتهن في البيت أصابع الممبار التي تركتها أمس لتواسيك في هذا الظرف العصيب وزجاجات البيبسي.. خرجت من اللجنة بلهفة عاشق سيلتقي محبوبته بعد طول غياب وبعد دقائق كان كل مايشغل بالك هو عدد الأصابع التي لم تلتهمها من الممبار.