جانب من المنتدي استضافت دار نشر ابن رشد للنشر والتوزيع الأسبوع الماضي، انطلاق منتدي أدب المصريين الأول، علي مدار أربع ليالي متتالية نوقشت فيها أعمال كُتَّاب مصريين، خلال خمس ندوات. يعَّد المنتدي أحد أنشطة مشروع أدب المصريين الذي أسسهُ الكاتب والشاعر أحمد سراج، وكانت بدايته في عام 2015. جاءت الليلة الأولي للمُنتدي من نصيب الشاعر والمترجم المصري رفعت سلام، والتي أدار ندوتها أحمد سراج قائلًا: السائد أن لا أحد يتصدي لترجمة الشعر، وعندما يقوم البعض بذلك فإنه يكتفي إما بمختارات أو بديوان شهير، لكننا نفاجأ برفعت سلام الذي يذهب لترجمةٍ كاملةٍ، أي أنه يتابع الشعر في حياته بشكل كبير. وفي كلمتهِ قال الدكتور أبو اليزيد الشرقاوي: عندما تقرأ ديوان لرفعت سلام ستكون مضطرًا إلي البحث عن جماليات كل ديوان علي حدة، فإذا استخلصت جماليات هذا الديوان وانتقلت إلي ديوان سابق أو لاحق، فلن تنفعك الجماليات التي استخلصتها في هذا الديوان لتطبيقها علي ديوان سابق، وسوف تكون مضطرًا باستمرار إلي أن تجدد من أدواتك لمتابعة تجليات رفعت سلام المتجددة. وأضاف الشرقاوي: في قصيدة عراء؛ عندما تقرأ النص التفعيلي تقرأه علي أنه نص مكتمل وشعر النثر هو هامش عليه، هذا يعطيك إمكانية كبيرة للتعامل مع شعر رفعت سلام، وهذا هو أحد الشروط الثلاثة التي وضعتها سوزان برنار في كتابها الشهير »قصيدة النثر» وهي الكثافة والتوهج والمجانية، والكثافة تنتمي إلي شعر سلام، لأنك في كل مرة تقرأ النص سيبهرك ويعطيك إحساسًا جديدًا، وهذا ما نجحت فيه كثيرًا تجربة رفعت سلام. من جانبهِ قال الدكتور أحمد بلبولة أنه عندما بدأ يقرأ ديوان رفعت سلام »أرعي الشياه علي المياه» شعر بالغيظ كما لم يشعر به في حياته، بسبب ذات سلام النرجسية والواثقة في الديوان، والتي تكتب القصيدة كأنها في فسحة، إنها شاعرية كبيرة تتنقل من الهامش إلي الحاشية إلي المتن عبر مجموعة من الرموز، وتحمل رسالة كبيرة في مضمونها. وأضاف بلبولة: رفعت سلام بهذا الديوان يعطينا درسًا في كيفية كتابة قصيدة المنازلة وكيف يكون لدينا موضوع ونحرره من مناسبته، ونعيد استثمار هذا الموضوع بحيث لا يموت بانقضاء المناسبة. الديوان عندما نتأمله نجد أنه يتكون من حاشية تستمر، وهي شبيهة إلي حد ما بالنقوش الموجودة علي الجداريات الفرعونية أو كتاب الموتي أو حديث الفلاح الفصيح، فهو يستدعيها ويخلط بينها ببعض الإشارات المباشرة عن الثورة. أما المتن الشعري، فهو التيار الذي يبدو رئيسًا، وهو عبارة عن حوار مغازلة برية بين ذكرٍ وأنثي، كلاهما يتحدث وكأنهما يحدثان نفسيهما إلي أن يلتقيا في صفحة من الصفحات. أما الناقد أحمد رجب شلتوت، فقال: إن »أوراق العشب» ليس ديوان واحد أو ومجموعة دواوين منفردة، لكنه مجموع شعر ووتمان الذي كتبه عبر حياتهِ، والذي يراه رفعت سلام ظاهرة شعرية فريدة، تلقي بظلالها الكثيفة علي شعرية القرن العشرين، لذا يصفه سلام بأنه قارة شعرية بكاملها. ومن المعروف أن شعر ووتمان لقي اهتمامًا عربيًا، تجلي في تعدد الترجمات الصادرة لأوراق العشب، وقد كان الشاعر العراقي سعدي يوسف سباقًا بتعريف القارئ العربي بأشعار ووتمان وعوالمه. وأضاف شلتوت: رغم تعدد الترجمات لأشعار ووتمان إلا أننا كنا في حاجة ماسة لترجمة جديدة تكون كاملة ودقيقة، وبالرغم من أن الترجمات هذه أسهمت في تعريف القارئ بووتمان، إلا أن أيا منها لم يحط بمجمل التجربة الشعرية عنده، وهذا ما فعله رفعت سلام في ترجمتهِ. وفي نهاية الندوة عبر الشاعر والمترجم رفعت سلام عن امتنانه العميق علي هذه الحفاوة الدائمة لمناقشة أعماله بصورة مستمرة، وعلي هذه المبادرة التي هي امتداد لسلسة أدب المصريين التي أسسها أحمد سراج.