الذكرى المتمثلة فى تحرير الأرض طالما ما تكون عين الأجيال الجديدة الناظرة إلى كفاح من سابقوهم، الأبطال الذين ضحوا بحياتهم ليجعلونا الأن ننعم بالنصر، وبالسلام، وبالفخر من ما قدموه لنا، وبالمسؤلية التى ألقوها على كاهلنا- نحن أبناء الجيل الحالى - فى التعمير والتنمية، واستكمال الكفاح. ولاسيما إن كانت تلك الذكرى هى "تحرير سيناء"، هنا تكمن فى الذكرى لمعاناً، وشرفاً لا يضاهيه شرفً، تلك الأرض المباركة، التى امتزجت رمالها بدماء المصريين، حتى صارت من عبق التاريخ، وريحانة من رياحين الجنة، الأرض المقدسة، ومهبط الأديان. إجابة على سؤال قد يشغل الكثيرون منا، ما الفرق بين عيد تحرير طابا وعيد تحرير سيناء، وهنا يتطرق القارئ إلى أن عيد تحرير سيناء كان هو الخطوة الأخيرة لتحرير أرض سيناء كاملة، والحقيقة أن " تحرير سيناء" تحديداً كان قبل تحرير "طابا" ب 7 سنوات تقريباً، فكان عيد تحرير سيناء المتمثل فى يوم 25 أبريل من كل عام عندما تم رفع العلم المصري عام 1982 على حدود مصر الشرقية، مدينة "رفح" بشمال سيناء "وشرم الشيخ" بجنوبسيناء، واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد احتلال دام 15 عاماً، وإعلان هذا اليوم عيداً قومياً مصرياً في ذكرى تحرير كل شبر من سيناء، ولكن تبقى "طابا" البقعة الأخير التى لم تحرر بعد، والتى جاء تحريرها في 19 مارس 1989م ، بعد خلافات كانت بين الجانب المصرى والإسرائيلى بخصوص علامات الحدود، وتكللت جهودنا عندما أعلن التحكيم الدولى بأحقية مصر فى طابا، ليجتاح شعورنا الفرحة ونحن نرى الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك يرفع علم مصر على طابا المصرية معلناً نداء السلام من فوق أرض طابا. جاء انسحاب أخر جندى إسرائيلى من سيناء بمثابة النصر المبين، نصر جاء بعد تضحيات وفداء، بداية من العدوان الثلاثى فى عام 1956 مروراً بنكسة يونيو 1967، ثم حرب الإستنزاف على مدار 6 سنوات انتهت بنصر أكتوبر العظيم، واسترداد الأرض عسكرياً وسياسياً. نعود بكم إلى تلك الحقبة تاريخياُ، وتحديداً فى 17 سبتمبر 1978، وتوقيع معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، وذلك تحت إشراف الرئيس الأمريكى "جيمى كارتر"، ونصت تلك الاتفاقية وفقاً لبنودها على انسحاب إسرائيل الكامل من سيناء. ولما كان قرار إبرام تلك الاتفاقية هو سياسى بحت، بعيداً عن الدخول فى حرب مجددة، واستخدام الحل السلمى بديلاً من النزاع العسكرى، تم تحديد جدول زمني للانسحاب الإسرائيلى على مراحل متتالية من سيناء، المرحلة الأولى كانت برفع العلم المصرى يوم 26 مايو 1979 على مدينة العريش وانسحاب إسرائيل من خط العريش/ رأس محمد، أما المرحلة الثانية كانت فى 26 يوليو 1979 عندما انسحبت إسرائيل من سيناء، وتحديداً من مساحة 6 آلاف كيلومتر مربع، تبدأ من "أبوزنيبة حتى أبو "خربة"، وفي 19 نوفمبر 1979 تم تسليم وثيقة تولي محافظة جنوبسيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية بعد أداء واجبها وتحرير الأرض وتحقيق السلام، بالإضافة إلى الانسحاب الإسرائيلي من منطقة سانت كاترين ووادي الطور، واعتبار ذلك اليوم هو العيد القومي لمحافظة جنوبسيناء. استمرت تلك المراحل حتى يوم 25 إبريل1982، عندما تم رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوبسيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء ما عدا "طابا"، وجاءت سلمية "السادات" سلاحه الفتاك بداية لخطى سار على نهجها "مبارك"، لننال انتصارا كاسحا للسياسة والعسكرية المصرية، وكان ذلك ظاهراً جليا عندما تم رفع العلم المصري فوق شبه جزيرة سيناء بعد استعادتها كاملة - ما عدا طابا - من المحتل الإسرائيلي، فى مثل هذا اليوم من 37 عاما.