موفد وزارة الخارجية المصرية إلى جامعة »كازنو«.. كازاخستان قازاقستان دولة لها تاريخ عظيم، وهى دولة ذات تجربة حضارية فريدة، حيث تضم من 130 مجموعة عرقية مختلفة و 17 معتقداً، يمثل القازاقيون 65٪ منهم، والنسبة الباقية روس وأوزيك وأوكرانيون وألمان وتتار وأويغور وبيلاروس وأذريون وترك وكوريون ودونجان وبولنديون وأكراد وإيجو وأنغش ويونانيون ومجموعات عرقية أخرى، وهذا التنوع جعل قازاقستان بلداً يتميز بإرث تاريخى وثقافى مميز. وقد استوعب العالم الروحى للقازاق العديد من التأثيرات الثقافية لعدة قرون، وأعاد صقلها، وقد كتب لتقاليده من القوة ما مكنها من البقاء، فرغم التوسع الثقافى للبلدان المجاورة الكبيرة، كالصين وروسيا، والتأثير العربى والمنغولى، فقد حرس البدو القازاق بحماس وقوة هويتهم، فالثقافة القازاقية تتميز فى كل جزء منها بإيجاد الآليات للحفاظ على خصوصيتها وآليات تناقلها من جيل إلى جيل، حيث تسعى قازاقستان حالياً إلى أن تشكل القيم الروحية المتراكمة على مدى التاريخ الطويل للقازاق الأساس المجتمعى التاريخى والثقافى للانطلاق للمستقبل، والأساس الإلزامى لإحياء الهوية الوطنية وتشكيلها والحفاظ عليها، وقد تركت طريقة الحياة البدوية بصمة واضحة ملموسة فى القازاق حديثاً، ومنحت ثقافة الشعب وعقليته وتقاليده وعاداته وقيمه واهتماماته تفردها الذى يكفل التجانس واحترام التنوع العرقى والدينى والثقافى واللغوى، واعتبار هذا التنوع إرثاً ولبنة أساسية ينبغى أن تقوم عليها وحدة المجتمع، يقول رئيس الدولة نور سلطان نازاربييف: «هو أمر مهم للغاية بالنسبة لنا، لتعزيز الإحساس بالوطنية فى الجيل المتصاعد عبر فهم عميق لمصادر التاريخ والثقافة والحضارة الأصيلة والنبيلة، وتعزيز استمرارية المعانى الروحية من التوجيهات الحكيمة من أسلافنا». والحقيقة الثابتة أنه ما من فكرة أو قضية أو نظام أو منهج يتصل بحياة البشر، إلا ولها وجوه متعددة، فالفكر الإنسانى ذو نزعة مزدوجة من خير وشر، وخطأ وصواب، فالواقع يحتم على المجتمعات التى ترغب أن تدافع عن بقائها، أن تتبنى معادلة رشيدة لصناعة القوة، ترتكز على خامات المعرفة والتفوق يسبقها إيمان وروح معنوية عالية مستمدة من الجوانب المشرقة فى تراث الأجداد الذين هم بعض تاريخنا وبعض ذاكرتنا. وينظر اليوم إلى إحياء التقاليد القازاقية فى قازاقستان باعتباره استعادة للاستمرارية التاريخية، وبالنسبة للقازاق فالأمر ليس سهلاً، فالقازاق ليسوا بدواً رُحلاً كما كانوا، فضلاً عن الدمار الواعى والمنظم لثقافة القازاقية خلال الفترة السوفيتية، والذى قاومه القازاق بكل الطرق، وتشبثوا وثابروا، لينقلوها إلى غيرهم كما تسلموها كاملة، أو لينقلوا ما استطاعوا الحفاظ عليه، وهكذا، أصبح إحياء التقاليد فى جميع مجالات الحياة سمة مميزة من سمات قازاقستان الحديثة. إن الانفصال التقليدى بين «التقليدى» و«الحديث» أفسح المجال لفهم أنه «كلما تم تدمير التقاليد والأسس التقليدية للمجتمع، زادت درجة الفوضى» وهناك العديد من الأمثلة علي التحديث الناجح في إطار الثقافى التقليدى.. وقد أوضح الرئيس نور سلطان نازابييف فى أحد كتبه (فى مجرى التاريخ) «دور وأهمية الوعى القبلى فى الحياة الثقافية لقازاقستان الحديثة، وتحدث عن مبدأ «جيتى آطى» أى السبعة جدود، فهو وإن كان بسيطاً جداً، إلا أنه جوهر أساسى قوى، وهو قلب النزاهة الإثنية القائم علي الحب العائلى، وأقوى أداة للتوحيد الروحى للقازاق».