جلست أتذكر وأتأمل مسيرة التأمينات الاجتماعية في مصر من خلال مقالاتي الكثيرة التي كتبتها علي صفحات جريدتي الموقرة لأسترجع قصة كفاح أصحاب المعاشات ضد عدوانية الحكومات المتعاقبة في التعامل مع أموال التأمينات والتي كان آخرها القرار الذي أصدره الرئيس الحكيم عبد الفتاح السيسي برد مديونية الخزانة العامة وبنك الاستثمار القومي للهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية تنفيذا للمطالب الاجتماعية فورا.. وتصورت أن هناك الملايين من أفراد الشعب الصبور وخاصة الشباب الذين لا يعرفون شيئا عن هذه القصة.. فكان من واجبي أن أوضح من خلال سطور قليلة ما فيها.. فالحكاية لأموال التأمينات التي حاصرتها الحكومة منذ عام 1980 ومنعت هيئة التأمينات من أن تضع سياسة إستثمارية تحقق أهداف نظم التأمينات التي تنفذها تحقيقا للحماية الاجتماعية للشعب المصري العامل ضد المخاطر الاجتماعية.. فأصدرت القانون رقم 119 لسنة 1980 بإنشاء بنك الاستثمار القومي الذي نص علي أن فوائض هيئة التأمينات ضمن موارد هذا البنك.. والذي لم يتغير حتي الآن.. وقد استولت المالية علي أموال التأمينات.. وقام بنك الاستثمار القومي بدور الوسيط المالي بين الهيئة ووزارة المالية وتضخمت المديونية التي لم تحصل منها الهيئة علي عائد استثمارها حتي عام 2006 والذي تم توثيقه بقيود دفترية.. ورغم أنني ناديت.. وكثيرون غيري.. بضرورة تصحيح مسار تدفقات هذه الأموال لكي تستثمر في مجالات تعود بالفائدة علي أصحابها.. إستمرت هذه السياسات العدوانية بالقانون حتي تجاوزت مديونية الخزانة العامة وبنك الاستثمار القومي الآن أكثر من 800 مليار جنيه.. فإذا حللنا هذه المديونية نجدها تنقسم إلي أجزاء أهمها مبالغ تم تحويلها إلي بنك الاستثمار منذ عام 1980 وحتي الآن.. اختلف العائد الدفتري عليها ما بين 4% و6% و8% 10% و11% و13% في عهد الوزيرة الشجاعة ميرفت تلاوي.. وأخيرا خفضها الوزير الهارب يوسف بطرس غالي إلي 8%.. ومبالغ تحولت إلي صكوك لا قيمة لها.. وايضا مبالغ قامت التأمينات بسدادها نيابة عن الخزانة العامة كالزيادات السنوية لملاءمة المعاشات مع الارتفاع في نفقات المعيشة.. وفروق الاعتمادات التي كان يجب تخصيصها لتمويل معاشات الكادرات الخاصة.. وغيرها من التزامات الخزانة.. وهي مديونيات بدون فوائد.. وهناك خلاف علي قيمة المديونية حيث تحددها المالية بحوال 613 مليار جنيه فقط.. وبدأت مرحلة جديدة من العدوانية مع تولي وزير المالية الهارب حقيبة وزارة الاقتصاد في بداية الألفية الحالية حيث سعي مع مساعده في هذا الوقت لوضع يده علي هذه الأموال.. ورغم محاولة المناضلين منعه إلا أنه لم يتوقف وظل يخطط هو ومعاونوه.. وسوف نتناول المرحلة الثانية من هذه الحكاية في الأسبوع القادم.. والله المستعان.