د. ناهد عشري فريد أحد شباب قريته المتفوقين في دراسته، ومن الحاصلين علي المراكز الأولي سنويا علي مستوي محافظته بالصعيد، وعندما عاد ليبشر والده، بحصوله علي مجموع يؤهله لدخول كلية الطب كما كان يحلم دائماً، فوجئ بوفاة والده بعد أن سقط في مصنعه وانهار فريد باكيا والده الصالح ولم يكف عن البكاء إلا عندما سأله صديق والده وزميله في المصنع عما يفكر فيه لمساعدة والدته وإخواته البنات، وهو الولد الوحيد وعرض عليه مساعدته للإلتحاق بالمصنع الذي شهد تاريخ كفاح والده، ووفاته، واستقبله زملاء والده استقبالا يليق بمكانة والده الذي كان (رئيساً للعمال، ورئيساً لنقاباتهم). ومرت الأيام وفريد يجتهد كمساعد لأحد زملاء والده، ويلقبونه تارة بالدكتور، وتارة باسم والده (البطل) لتشابه أسلوب العمل بينهما، حتي أنهم مع الوقت أصبحوا يلقبونه باسم والده فقط وكان يسعد بذلك. وفي اليوم المحدد للقاء الشهري لمقابلة صاحب العمل، وهو رجل صناعة يشهد له المجتمع الوطني والعالمي بخبرته وذكائه يجلس فيه ليستمع إلي عماله من شكاوي أو اقتراحات تطوير، طلب فريد عرض فكرة إنشاء (جامعة عمالية) يكون الغرض منها تعليم وتثقيف وتدريب عمال المصانع التابعه للشركة، وأبناء العمال علي مستوي المحافظات، وتتلخص فكرته في أن يكون هناك قسم مخصص لتعليم محو الأمية للعمال الذين تخطوا سن التعليم، والتعليم الابتدائي والتعليم الإعدادي، والثانوي ( تجاري، صناعي، فني ) وقسم مخصص لثلاث كليات (الهندسة والحاسب الآلي والتكنولوجيا والتجارة ) أما القسم الأخير فيكون مخصصا كمركز للتدريب المهني والتدريب التحويلي لتعليم العمال وأبنائهم صيانة الماكينات وتطويرها وتدريب العمال الذين يتم تدويرهم بين الأقسام التي يزيد عدد العمال أو أبناؤهم فيها. بالإضافة إلي قاعة كبيرة يتم فيها عقد ندوات تثقيفية للعمال حول قانون العمل ومستجداته، والقوانين التي تصدرها الدولة وتهم العمالة وأسرهم، وعقد ورش عمل بالتنسيق مع الجهات المعنية لتعليم مهارات التفاوض ومهارات كسب المواقف الإيجابية. وأكد فريد أن الغرض من هذه الفكرة هو نشر ثقافة العامل المؤهل ورفع كفاءته ومن ثم زيادة الإنتاج وجودته. وراقت الفكرة لصاحب العمل وطمأن فريد والعمال الذين هللوا فرحا بالفكرة وأكد أن لدي الشركة أرضا سيتم تنفيذ المشروع عليها وتخدم ثلاث محافظات في صعيد مصر، وأنه سوف يتولي التنسيق مع الجهات المعنية لتشرف علي تنفيذه، كما سيتواصل مع أصدقائه في الخارج من خلال الدول التي تعتمد علي إنتاج شركته لتبادل الخبرات عن طريق تدوير الأيدي العاملة فيما بينهم، وسوف تستقبل الجامعة العمالية وفوداً عربية وأجنبية من العمالة الماهرة والخبراء لتستعيد مصر مكانتها وريادتها علي مستوي العالم، وأكد أنه سوف يعمل علي إنشاء فندق مجهز لاستقبال وإقامة العمالة الوافدة من الخارج أو علي مستوي المحافظات وأنه سوف يخصص قسما خاصا للعمال من ذوي الاحتياجات الخاصة لتدريبهم علي المهن التي تتفق وحالة كل منهم كما ستتم إعادة تحديد مواعيد ساعات العمل والورديات حسب مواعيد الدراسة. وطار فريد فرحاً مسروراً وهو يحلم أن يكون أول طالب يسجل في كلية الهندسة بالجامعة العمالية تمهيداً لدراسة الدكتوراه وتحقيق حلمه وحلم والده، حتي لو لم يصبح طبيباً وعلي صوت والدته الحنون استيقظ فريد ليصلي معها صلاة الفجر ثم يتوجه لحضور لقاء صاحب العمل المرتقب، وليجد نفسه وقد أفاق من حلم جميل ولكنه ليس بعيد المنال، وابتسم فريد لوالدته وطلب منها الدعاء له فهو اليوم علي موعد لتحقيق حلم غالٍ سوف يغير مسار حياته وحياة زملائه ودعت له أمه وهي تردد أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً. • وزير القوي العاملة والهجرة الأسبق