أحد الأعمال المشاركة في المسابقة »أخبار اليوم» كانت أول من أعطي لفن الكاريكاتير مذاقه السياسي المتفرد فقامت بتطوير وظيفته من مجرد الفكاهة إلي بطل حقيقي ينتقد الواقع السياسي الذي نعيشه، وابتكرت شخصيات مستمدة من الواقع المصري، وتجسد بعضها كما حدث بعد ذلك مع شخصيات المبدعين أحمد رجب ومصطفي حسين في أعمال درامية قدمت للمسرح والإذاعة والتليفزيون، وكانت أفكار الكاريكاتير في بداية ظهور مدرسة »أخبار اليوم» يضعها فريق عمل يضم علي ومصطفي أمين، ومأمون الشناوي، ومحمد عفيفي، وجليل البنداري، والرسامين رخا وصاروخان وعبد السميع وبالفعل قدمت أخبار اليوم أجيالا من كبار رسامي الكاريكاتير في مصر والعالم العربي منهم الفنان »ألكسندر هاكوب صاروخان» الشهير ب »صاروخان» الذي مر علي رحيله 42 عامًا، حيث رحل عن عالمنا في نفس الشهر الحالي يناير عام 1977، وهو فنان أرميني الأصل ولد في أكتوبر 1898 في تركيا، انتقل إلي القاهرة عام 1924 واستقر بها بعد مذبحة الأتراك للأرمن وكان من ضحاياها بعض أفراد أسرته، وعمل مدرسًا في إحدي المدارس الأرمنية، وأصدر مجلة ساخرة بعنوان »السينما الأرمنية».. والتقي بالصدفة بالصحفي الكبير محمد التابعي ليبدأ مشواره مع عالم الكاريكاتير، كانت البداية مع التابعي وكان وقتها عام 1927 رئيسا لتحرير مجلة »روزاليوسف» وكان الهدف هو الرسم من أجل الفكاهة فقط، ثم طلب منه التابعي رسومًا سياسية أيضا، ورفض صاروخان قائلًا: أنا لا أفهم في السياسة المصرية، ورد عليه التابعي: وأنا أفهمها جيدًا، وبالفعل انطلق صاروخان مجسدًا بريشته الحياة السياسية المصرية التي تعمق فيها وتعلم اللغة العربية ونجح في أن تتصدر رسوماته أغلفة »روزاليوسف» ثم آخر ساعة بعد أن انتقل لها مع التابعي عام 1934، وتألق صاروخان مع الشخصيات التي أبدعها، وتركت أثرًا كبيرًا في نفوس القراء، وكان قد نجح في عام 1932م في أن يكون أول رسام يبتكر شخصية نمطية كاريكاتيرية في مصر تعبر عن العقل والمزاج العام للشعب المصري وهي شخصية »المصري أفندي»، ونجحت الشخصية في التعبير عن الشخصية المصرية.. وبعد نجاح شخصية المصري أفندي ابتكر صاروخان شخصيات أخري مثل »مخضوض أفندي» الخائف من غارات الحرب والظلام و»إشاعة هانم»، وهي شخصية سيدة فاتنة الجمال وبارعة في صنع الاشاعات والترويج لها واستغلها صاروخان في محاربة الاشاعات التي كانت تظهر بقوة وقت الحرب.. منح الرئيس جمال عبد الناصر صاروخان الجنسية المصرية عام 1960 لحبه وعشقه الشديدان لمصر.. وتم اطلاق عليه لقب »المصري»، وكان يقول دائمًا: »أنا أرميني الأصل.. مصري الهوي».. وقد قال عنه الفنان بيكار: إن صاروخان يذكرنا بملك الكوميديا السينمائية شارلي شابلن والريحاني فيلسوف المسرح المصري، فهو مثلهما يعرض لنا مآسي الحياة في حركات هزلية تثير الضحك المرير الذي ينطوي في ثناياه علي الأسي العميق والحزن البالغ، وشر المصائب مايضحك.. بالفعل نجح صاروخان أن يترك لنا إرثًا كبيرًا من الرسوم السياسية والكاريكاتيرية وجعل فن الكاريكاتير عنصرًا هامًا في الصحافة المصرية ثم العربية ولا يمكن الاستغناء عنه. وكان متحف الكاريكاتير، والجمعية المصرية للكاريكاتير، بالتعاون مع الهيئة العامة لدارالكُتب والوثائق القومية، وجمعية القاهرة الخيرية الأرمنية العامة، قد نظموا بهذه المناسبة مسابقة صاروخان في فن البورتريه الكاريكاتيري، وتقدم لها في خلال أقل من 30 يوما 180 فنانا من 45 دولة وقدموا فيها أكثر من 250 كاريكاتيرا.