- الانتماء علي أيامنا لن يتكرر، فقد تعلمنا من أساتذتنا العباقرة، أن الانتماء أخلاق، ومن لا خلق له لا يصلح أن يكون صحفيا، وأذكر من حبي للعمل في أخبار اليوم أنني كنت أرفض العروض الخارجية التي كانت تأتيني للعمل خارج مصر في السبعينيات.. وعلي سبيل المثال جاءني عرض من المرحوم الشيخ علي الشبكشي شقيق رجل الأعمال السعودي الجنسية الشيخ فهد الشبكشي، ان أعمل في جريدة عكاظ بالسعودية ولما رفضت أرسل لي المرحوم رضا لاري رئيس تحرير الجريدة ومعه عقد علي بياض أكتب الرقم الذي أريده، كنت في ذاك الوقت أتقاضي من أخبار اليوم راتبا شهريا لا يزيد علي ثلاثين جنيها، وآخر رقم عرضه لاري للعمل في السعودية 30 ألف جنيه شهريا بخلاف تذاكر الطائرة، ومرتب شهرين في حالة عدم قيامي بإجازة سنوية، والعلاج مجانا، ومع ذلك رفضت لأن عملاق الصحافة المرحوم علي أمين كتب يوما علي استقالة تقدمت بها يقول » آسف لعدم قبول الاستقالة لأنني أعرف أن أمامك مستقبلا عظيما في أخبار اليوم بالذات » ومع ذلك رفضت.. - وأذكر أن الأستاذ جلال الحمامصي رئيس التحرير عندما انتقل للعمل في الأهرام.. جاءني عرض قيمته مائة جنيه في الشهر، اعتذرت للأستاذ الحمامصي، ثم جاءني عرض ثالث من الأستاذ انيس منصور بعد ان تولي رئاسة مجلة أكتوبر وكان العرض مغريا ان انتقل لمدة عام وأتقاضي 150 جنيها وعند التجديد يزيد الراتب إلي 200 جنيه، وقد فضلت ان أبقي في أخبار اليوم.. - السبب في رفض هذه العروض والدي رحمه الله، فهو الذي رفض أول عرض يأتيني وأنا محرر صغير في بداية حياتي بمجلة آخرساعة في أواخر عام 1956وكان مرتبي ثلاثة جنيهات، تلقيت عرضا من المرحوم أحمد قاسم جودة وكان وقتها رئيسا لتحرير جريدة المساء التي أسسها خالد محيي الدين والذي اقترح اسمي وحدد لي راتبا قيمته 30 جنيها، للحق كنت منبهرا لكن والدي رفض أن اترك دار أخبار اليوم ويومها قال لي »سأعطيك الثلاثين جنيها حتي ولو انحنيت علي عكاز، المهم ان تبقي في دار أخبار اليوم » كانت رؤية والدي أن الفلوس تذهب لكن المستقبل يبقي ومستقبلي مع العمالقة، وكانت أخبار اليوم تعج بمجموعة كبيرة من رؤساء التحرير »حسين فهمي ومحمد زكي عبد القادر وأحمد الصاوي محمد وابراهيم نوار وموسي صبري» هذا بالإضافة إلي وجود الأستاذ محمد حسنين هيكل كرئيس لتحرير آخرساعة، وأنيس منصور رئيسا لتحرير مجلة الجيل.. - في هذه الأثناء وأنا اعمل في آخرساعة قبل انتقالي إلي جريدة الأخبار اليومية، كنت ساعتها أتدرب علي السكرتارية الفنية وكان يقوم بتدريبي سليم زبال سكرتير آخرساعة ويعاونه أوسكار متري، وكانت تربطني علاقة قوية بأسرة سليم زبال، وفي يوم وليلة قرر الاثنان تقديم استقالتهما للعمل في مجلة »العربي » في الكويت وسيتولي رئاسة تحريرها الدكتور أحمد زكي، وبعد سفرهما جاءني عرض قيمته 90 دينارا كويتيا في الشهر عام 1960، وكنت قد حققت نصرا صحفيا لآخرساعة أذاعته وكالات الأنباء ومن فرحتي تجاهلت هذا العرض.. - فعلا الانتماء لمكان يجعلك تضحي بعمرك له، فقد امضيت نصف قرن داخل اخبار اليوم، فأصبحت بيتي الأول ولا استطيع العمل في بيت آخر.. أروي هذه الحكايات في هذا التوقيت بالذات بعد الذي أراه في الأندية الرياضية، فقد آلمني الذي رأيته في النادي الأهلي من لاعبيه وادارييه الذين كبروا به وكبرت اسماؤهم بناديهم، وعز ًعلي ّ أن اري ابناء الأهلي يتكتلون ضده، وهم يرتمون في أحضان الشيطان، تخيلت ابنا يقف لأمه يحمل سكينا، فعلا الفلوس مفسدة، باعت ضمائر، واشترت ضمائر، وأسود تحولوا إلي اقزام.. ومع ذلك ستبقي القلعة الحمراء حتي ولو ظل منافسها يملك فلوس الدنيا..