(كله سلف ودين… حتي المشي علي الرجلين)… مثل عامي كانت تقوله والدتي فهمنا معناه وحاولنا ألا نقع في الخطأ مما يعرضنا للقصاص من أجيال بعدنا.. ولم اعرف ان هذه الكلمات لها من الاصول الدينية والتاريخية التي تؤكد كلام الوالدة الراحلة والقصة تقول: خرج موسي عليه السلام يوما لمناجاة ربه سبحانه ثم سأل ربه قائلا: يارب كيف يأخذ الضعيف حقه من القوي؟ قال له ربه سبحانه : إذهب بعد العصر إلي مكان كذا... في يوم كذا... لتري وتعلم كيف يأخذ الضعيف حقه من القوي.. ذهب موسي إلي المكان فرأي شلالاً من الماء يخرج من جبل. جلس موسي ينظر متفحصا متأملا فإذا بفارس يأتي راكبا ناقة له يريد الماء، نزل الرجل عن ركوبته وخلع حزامه الذي كان يعيق حركته أثناء وروده للماء ووضعه علي جانب قريب منه، شرب الفارس واغتسل ثم انصرف ناسيا حزامه الذي وضعه في مكانه. جاء غلام صغير راكبا حمارا إلي شلال الماء، واغتسل وشرب أيضا، ثم حمد الله تعالي، وعندما أراد الانصراف وقعت عينه علي حزام الفارس الذي كان قد نسيه بجوار شلال الماء، فتح الغلام الحزام، فإذا هو ممتلئ بالذهب والأموال والمجوهرات النفيسة، أخذه وانصرف.. وبعد ذهابه بقليل، أقبل علي الماء أيضا شيخ عجوز ليشرب ويغتسل، وبينما هو كذلك، جاء إليه الفارس الذي نسي حزامه عند شلال الماء مسرعا، يبحث عن حزامه فلم يجده، سأل الفارس الشيخ العجوز: أين الحزام الذي تركته هنا؟.. أجاب الشيخ لا أعلم ولم أر هنا حزاما.. أشهر الفارس سيفه وقطع رأس الشيخ العجوز.. كان موسي عليه السلام ينظر ويتأمل ويفكر، قال يا رب : إن هذا الفارس ظلم عبدك الشيخ العجوز.. قال له ربه : يا موسي: الشيخ العجوز كان قد قتل أبا الفارس منذ زمن، أما الغلام فكان أبوه قد عمل عند والد الفارس عشرين سنة ولم يعطه حقه. فالفارس أخذ بحق أبيه من الشيخ العجوز، والغلام أخذ بحق أبيه من الفارس، وسبحان من سمّي نفسه الحقّ ولا تضيع عنده المظالم. أليست الدنيا كلها سلف ودين … ولكن الأهم من هو الدائن ومن المدين؟