■ احتجاجات السترات الصفراء التي اجتاحت فرنسا والتف حولها الطبقة المتوسطة والفقراء شهدت الساحة الدولية في 2018 حركات احتجاج عديدة ارتبطت غالبيتها بالعامل الاقتصادي رغم تنوّع الأنظمة السياسية في كل من أوروبا وأفريقيا وآسيا والمنطقة العربية. فبعد موجة الثورات الاولي (ثورات الربيع العربي) التي خرجت علي الأنظمة السياسية، جاءت الموجة الثانية بنكهة اجتماعية اقتصادية دون قيادة سياسية، فقامت مظاهرات قوية التفت حولها الطبقة المتوسطة والفقراء والعمال والعاطلون وقطاعات من الموظفين وأصحاب الدخول المالية الضعيفة. مثل احتجاجات »السترات الصفراء» التي اجتاحت فرنسا - دولة الحرية والليبرالية - قبل ستة أسابيع وانتقلت عدواها إلي بلجيكا وهولندا والمجر وآخرها البرتغال احتجاجا علي ارتفاع أسعار المحروقات وتراجع القدرة الشرائية. ولم تخلُ هذه الاحتجاجات من مشاهد العنف والكر والفر بين المتظاهرين وعناصر الشرطة. وبعد تراجع الرئيس الفرنسي »إيمونيل ماكرون» عن بعض قراراته والغي ضريبة المحروقات لعام 2019 استجابة لمطالب المظاهرات تستمر الدعوات للخروج من أجل تحقيق مكاسب أكبر دون أن ندري متي يمكن أن تتوقف تلك الاحتجاجات أو إلي أين سيأخذها المستقبل؟ وفي المجر اندلعت الاحتجاجات في العاصمة بودابست علي قانون العمل الجديد أو ما يطلق عليه محلياً »قانون العبودية» والعملية التشريعية التي من خلالها تم إقراره في البرلمان وما وصفوه أيضًا بنزعةٍ متسلطةٍ متزايدة لرئيس الوزراء اليمني المتشدد »فيكتور أوربان». ويسمح التعديل الجديد لأصحاب العمل بأن يطالبوا الموظفين بالعمل لما يصل إلي 400 ساعة إضافية في السنة مقارنة مع الحد الحالي البالغ 250. بالإضافة إلي ذلك يسمح للشركات بتأخير دفع الأجور للعاملين عن الساعات الإضافية لمدة تصل إلي ثلاث سنوات. وتختلف عن احتجاجات فرنسا إذ يلوح الناس في الشوارع بأعلام الاتحاد الأوروبي وأحد مطالبهم هو أن تنضم المجر إلي مكتب المدعي العام الأوروبي ويقولون إن الكيل طفح من وسائل الإعلام العامة ونشرها للأخبار المزيفة ومعظمها عن المهاجرين. وعلي خُطي حركة »السترات الصفراء» الفرنسية ولدت حركة احتجاج تونسية جديدة تطلق علي نفسها »السترات الحمراء» في وقت سابق من الشهر الجاري وأعلنت الحركة عبر شبكات التواصل الاجتماعي أنها استلهمت تحركها من حملة أصحاب السترات الصفراء الفرنسية للإعلان عن مطالب شعبية اجتماعية واقتصادية. قال خبراء تونسيون إن الأوضاع الاقتصادية بالبلاد قد تدفع فئات عديدة إلي الاحتجاج تنديدا بغلاء الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية للطبقات الوسطي والفقراء. وفي 22 نوفمبر الماضي نفذ الموظفون الحكوميون إضرابا عاما بدعوة من المركزية العمالية للمطالبة بالزيادة في الأجور. وبعد يومين من الإضراب أصدر الاتحاد قرارا بالدعوة إلي إضراب عام ثان يوم 17 يناير المقبل حال لم تستجب الحكومة لمطالبه. وفي سياق التوترات الاجتماعية ينفذ أساتذة التعليم الثانوي والإعدادي تحركات بلغت أوجها الأسبوع قبل الماضي عندما نزل الآلاف منهم في شوارع العاصمة وبقية المدن التونسية للمطالبة بالزيادة في الأجور. ومن تونس إلي العراق التي تعاني من الطائفية والإرهاب؛ فقد تمت تعبئة الجماهير في الشوارع العراقية احتجاجا علي سوء الأوضاع الاقتصادية وسوء الخدمات التي تقدمها الدولة؛ فضلا عن أزمة مياه الشرب حيث تعاني البصرة من مشكلة قلة المياه بسبب الجفاف وبناء السدود في تركيا وتحويل بعض مجري الأنهار في إيران. في حين بدأت الاحتجاجات في عمان في أواخر مايو من العام الحالي ضد قانون رفع ضريبة الدخل وارتفاع الأسعار في عدد من المدن الأردنية والتي طالبت بإسقاط الحكومة. كما شهدت مناطق متفرقة في السودان احتجاجات شعبية علي الأوضاع الاقتصادية المتردية قابلتها الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع. وفي إيران شهدت عشرات المدن احتجاجات وتظاهرات واعتصامات وإضرابات في نهاية عام 2017 وتجددت منذ خريف 2018 احتجاجًا علي الأوضاع الاقتصادية المتردية التي زادت وطأته العقوبات الأمريكية الجديدة.