بين براثن الإهمال والفقر والمرض، سقطت العديد من القري والنجوع من حسابات المسئولين، أماكن خرج من بيوتها الطينية القديمة زعماء ورؤساء كان لهم بصمة واضحة في تاريخ الوطن، ولكن يبدو أن أمجاد الماضي محتها آلام ومعاناة الحاضر، فتلك القري التي ملأت الدنيا ضجيجا في يوم ما ضربها الاهمال وانعدام الخطط، وافتقدت إلي أبسط الخدمات التي لايستغني عنها الإنسان كمياه الشرب والصرف الصحي ورصف الطرق والمستشفيات والمدارس،.. »الأخبار» قامت بعدة جولات ميدانية داخل مجموعة من قري الزعماء والرؤساء، لرصد معاناة الأهالي علي أرض الواقع ونقل مشاكلهم لعلها تصل إلي حلول في أسرع وقت. مسقط رأس أول رئيس لمصر.. تستغيث ! طرق »النحارية» غير صالحة.. فقر في المواصلات.. وغياب للخدمات الحكومية السكان : الوحدة الصحية متهالكة ونضطر للعلاج في مستشفي المركز يبدو أن مشكلة الطرق المتهالكة مشهد متكرر في قري الزعماء.. ففي قرية النحارية التابعة لمركز كفر الزيات بمحافظة الغربية، مسقط رأس محمد نجيب أول رئيس لمصر، تبدو الأمور هادئة للوهلة الأولي بمجرد الدخول للقرية بعد مسافة طويل من الطرق المتهالكة المتداخلة. معظم المنازل تبدو بحالة جيدة، إلا ان هناك البعض الآخر يعاني من التدهور، وكالعادة، الطرق والشوارع الداخلية للقرية ترابية غير ممهدة تسبب المعاناة للمارة، بداخل القرية يقودك طريق ترابي محاط بالأراضي الزراعية إلي المنازل ذات الطابع الريفي، القمامة منتشرة في نطاق محدود بفضل الجهود الذاتية للأهالي في تنظيف قريتهم.. الوضع يبدو أفضل قليلا عن باقي القري المجاورة التي تعاني ويلات القمامة والمياه غير الصالحة للشرب وغيرها من الأمور التي لا تُحتمل. ترميم وتجديد من داخل ورشة نجارة صغيرة، يقف بهاء يوسف شاب في مقتبل العمر، فيقول ان قرية النحارية في حاجة ملحة إلي رصف الشوارع وتنظيفها، بالإضافة إلي تطوير الوحدة الصحية المتهالكة التي لاتنفع الأهالي، فيضطروا للذهاب إلي مستشفي المركز وهناك حالات في بعض الاحيان لا تحتمل الانتظار ويمكن ان تدفع حياتها ثمنا لذلك. ويتابع بأن حالة المدارس غير جيدة من حيث المستوي التعليمي بالإضافة إلي الأبنية المتهالكة نفسها.. يلتقط طرف الحديث محمد عبد الوهاب (موظف)، فيطالب بإعادة ترميم وتجديد مدرسة النحارية الإبتدائية أو إزالتها وإعادة بنائها من جديد، حيث يقدر عمرها بأكثر من سبعين عاما وأصبحت قاب قوسين أو أدني من الانهيار في أي وقت نتيجة التصدعات وتدهور البنية التحتية لها، موضحا أن ذلك يهدد حياة الأطفال. لفت انتباهنا أثناء التجول في شوارع القرية وجود قواعد خرسانية لمبني تحت الإنشاء علي مساحة كبيرة إلا أن العمل متوقف بها وملقي بداخلها قمامة ومخلفات. يقول سعيد محمود (موظف بالمعاش)، أن المبني تحت الإنشاء يرجع إلي مسجد »سيدي أبو يازيد»، وهو المسجد الكبير الوحيد داخل القرية، ونظرا لتهالكه الشديد وسقوط أجزاء كبيرة منه، تقرر إعادة بناءه من جديد، إلا أن المقاول المسئول عن عملية البناء يماطل منذ أكثر من عامين لرغبته في جمع أموال اكثر من الأهالي ويتابع أن القواعد الخرسانية للمسجد تم وضعها أكثر من مرة نظرا للصدأ والتهالك الذي حل بها نتيجة الأمطار والأحوال المناخية ومازالت مماطلة المقاول مستمرة بدون سبب واضح، ويطالب سعيد المسئولين بالتدخل لحل مشكلة المسجد لأن القرية لاتضم في الوقت الحالي سوي زاوية صغيرة، وهي غير كافية خاصة في الجنازات وغيرها من المناسبات الدينية. مكتب بريد ويشير سعيد إلي وجود مشكلة أخري هامة تتمثل في عدم وجود مكتب بريد بالقرية، وهو ما يشكل أزمة لوجود عدد كبير من السكان في حاجة لصرف المعاشات وغيرها من الخدمات البريدية، مما يدفعهم لقطع مسافات كبيرة لقضاء حاجتهم. يسير بدراجته البسيطة علي طريق ترابي، ويبدو عليه علامات الإرهاق والتعب.. عبد العزيز السيد احد الأهالي، يشتكي من عدم وجود وسائل مواصلات تصل لداخل القرية، مما يسبب معاناة كبيرة من أجل الخروج إلي موقف السيارات الرئيسي حتي يذهب الأهالي إلي أعمالهم، فنجد الغالبية تستخدم الدراجات سواء التقليدية أو النارية، ومنهم من يمشي لمسافة كبيرة علي اقدامه حتي يصل، وهي مشكلة كبيرة يعاني منها الجميع.. بالإضافة إلي تهالك الجمعية الزراعية وعدم تقديم أي خدمات للأهالي. لاحظنا خلال جولتنا أن الطريق الفرعي المؤدي إلي القرية في حالة يرثي لها، فهو عبارة عن حارة واحدة ذهابا وإيابا، مليئة بالحفر والمطبات المزعجة، يحيط الطريق الأراضي الزراعية والمنازل من جهة، وترعة المياه التي تغذي القري من جهة أخري دون وجود حواجز أو احتياطات للامن والسلامة، مما يتسبب في وقوع الكثير من الحوادث كما أكد الأهالي. »سنهرة» .. قرية تئن من الإهمال ! المنازل مهددة بالانهيار.. والصرف الصحي غائب الأهالي : نشتري جراكن المياه والمدارس تعاني من تكدس الطلاب طريق ترابي ضيق غير ممهد يقودك إلي قرية سنهرة بطوخ في محافظة القليوبية.. هذه القرية التي خرج منها عاطف صدقي رئيس وزراء مصر في الفترة بين عامي 1986 إلي 1996، تعاني من ويلات الإهمال والمظاهر غير الآدمية. بمجرد السير بالطريق الترابي المتهالك الذي لايخلو من الحفر، بين الأراضي الزراعية واحدي الترع المليئة بالقمامة والمخلفات، تصل إلي تلك القرية التي لا يمكن أن تتخيل وجودها في القرن الواحد والعشرين. منازل مهترئة بلا صرف صحي أو مياه قابلة للشرب، شوارع ضيقة غير مرصوفة، »طرنشات الصرف الصحي» تفيض بما فيها فتتجمع برك صغيرة لمياه الصرف ذات الرائحة الكريهة بجوار حوائط المنازل مما تسبب في تهالك هذه المنازل بسبب المياه المتراكمة باستمرار، بالإضافة إلي الأمراض التي تسببها للأهالي. في طريقه إلي أرضه الزراعية كعادته اليومية في الصباح، التقينا الحاج محمد حسين – احد اهالي القرية - والذي يؤكد وعلامات الضيق والحزن تبدو علي وجهه، أن القرية تعاني من أزمات ومشاكل كثيرة منذ عقود تسببت في معاناة مستمرة للأهالي، ولعل أبرز هذه المشكلات عدم وجود الصرف الصحي والاكتفاء ب»الطرنشات» فقط والتي يقوم الأهالي بنزحها يوميا بمجهودات ذاتية، ومع ذلك فجميع بيوت القرية مهددة بالانهيار بسبب طفح المجاري بشوارع القرية وداخل المنازل أيضًا، موضحًا أن بعض المنازل مليئة بمياه الصرف لدرجة تمنع اصحابها من الخروج والدخول، ناهيك عن الأمراض المنتشرة بسبب هذه المياه في ظل ضعف امكانيات الوحدة الصحية التي تقتصر علي حملات تنظيم الأسرة، ويناشد حسين المسئولين بضرورة التدخل ووضع حل قاطع لمشاكل القرية. اثناء جولتنا مررنا بالوحدة الصحية داخل قرية عاطف صدقي ، لنكتشف انها مكونة من طابق واحد، وباب حديدي متهالك، الأمر المثير للسخرية مصادفتنا لحمار يقف أمام باب الوحدة الصحية وكأنه ينتظر دوره مع باقي الموجودين من المرضي ، في مشهد يعكس مدي تدني وصعوبة حياة الأهالي داخل القرية..تركنا الوحدة الصحية وتوغلنا اكثر داخل شوارع القرية الضيقة، الهدوء سيد الموقف يتخلله حديث السيدات الجالسات أمام بيوتهن كعادة المناطق الريفية، القمامة منتشرة وتعمل كل سيدة علي التنظيف أمام منزلها قدر المستطاع..في احد شوارع القرية، يجلس محمود إبراهيم (بقال)، علي كرسي خشبي داخل متجر بسيط للمواد الغذائية، وبمجرد الحديث معه عن أحوال القرية، انفجر الشاب الثلاثيني بالحديث عن المشاكل والأزمات التي يعاني منها الأهالي، فيقول إن القرية تفتقد لأبسط مقومات الحياة مثل الماء، فالأهالي يعتمدون في الشرب علي مياه محطات التحلية أو شراء الجراكن من عربات صغيرة تمر بالقرية، وقد شهدت القرية حالة تسمم لبعض الاهالي العام الماضي بسبب استخدام مياه شرب من الحنفيات المنزلية مما اصابهم بالتسمم نظرا لان مياه الشرب في المنازل غير صالحة للاستخدام الآدمي فهي مختلطة بمياه الصرف في أغلب الأوقات. ملجأ للحيوانات سمعنا كثيرا خلال جولتنا عن مركز شباب سنهرة في منطقة البركة، فتوجهنا سائلين عن طريق هذه المنطقة، سلكنا شارعا ضيقا لا يكفي لمرور سيارة، يضم سوق القرية، الباعة تملأ الطريق حتي وصلنا إلي مركز الشباب، تملكتنا الحيرة حيث لم نجد أي أثر له، وبسؤال احد المارة أكد اننا نقف بداخله.. مجرد أرض ترابية مليئة بالقمامة والروائح الكريهة، لا يمت المكان بصلة كونه مركز لممارسة الرياضة، سوي وجود عارضتين متهالكتين لملعب كرة قدم لم يتبق من معالمه شيء، أصبح المكان ملجأ للحيوانات الضالة التي تقتات علي القمامة والمخلفات، برك مياه الصرف تجدها اينما ذهبت. التقينا بأحد شباب القرية يدعي أحمد زيدان (مهندس)، فيؤكد أن منازل القرية كلها آيلة للسقوط بسبب الأملاح التي ضربت أثاثات المنازل نتيجة للخزانات المنزلية للصرف الصحي »طرنشات»، كما أن ارتفاع المياه الجوفية بالقرية أدي إلي تلوث مياه الشرب أيضا، ويضيف أن المواطن يدفع حوالي 300 جنيه شهريا لنزح مياه الصرف من منزله، كما أن المدارس تعاني من تكدس الطلاب داخل الفصول فيصل عددهم إلي 50 أو 60 طالبا بالفصل الواحد، ويتابع أن من مشاكل القرية الهامة أيضا رصف الطرق، فهي غير ممهدة علي الإطلاق وتتسبب في وقوع الحوادث. ويشدد زيدان علي أن رئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقي اهتم بالقرية بقدر المستطاع وكان له الفضل في إدخال المدارس والوحدة الصحية بالاضافة إلي توفير فرص عمل للأهالي. في نهاية جولتنا بسنهرة توجهنا إلي المنزل الذي خرج منه عاطف صدقي رئيس وزراء مصر الأسبق، وهو مبني قديم الطراز، مكون من طابق واحد فقط، يضم بابا ونوافذ خشبية قديمة، وكأنه لايزال محتفظا بعبق التاريخ، في مكان تغيب عنه كل سبل الآدمية. قرية »مصطفي كامل» ترفع شعار »لا يأس مع الحياة» الطابع التجاري يحكم »كتامة».. والجهود الذاتية تواجه الأزمات التقينا أحمد عبد الله (بقال) وأحد سكان القرية والذي اكد أن نظافة المياه من المشاكل الكبيرة التي تعاني منها القرية بالإضافة لكثرة انقطاعها، وهي من الأمور التي يجب معالجتها بسبب الأضرار الكبيرة علي صحة الأهالي، فهناك نسبة كبيرة اصابتها الفيروسات الخطيرة بسبب المياه، ولذلك معظم المنازل تعمل علي تركيب »فلاتر» لتنقية مياه الشرب. يلتقط طرف الحديث أحمد الشحات (محامي)، فيؤكد أن جميع السكان يعانون بسبب الوحدة الصحية الخاصة بالقرية، فعلي الرغم من اتساع مكان الوحدة إلا انها خالية من الاجهزة والمعدات الطبية، وقد أكد المسئولون من قبل علي نيتهم في إرسال أجهزة للغسيل الكلوي بعد مطالبة الاهالي، إلا ان ذلك لم يحدث حتي الآن، علي الرغم من وجود هذه الأجهزة في قري أخري مجاورة، ويؤكد أن هناك حالات تفقد حياتها لعدم تحملها الانتظار حتي تصل إلي مستشفي طنطا، لعدم وجود أبسط الأجهزة في الوحدة الصحية.. ويتابع أن القرية كانت تعاني من الطرق في الفترة الماضية، إلا انه تم الاهتمام بها وتطويرها في الآونة الأخيرة. مخلفات طبية انتقلنا بعدها إلي الوحدة الصحية للقرية، باب حديدي مفتوح يقودك إلي المدخل، في ساحة الوحدة تنتشر القمامة والمخلفات الطبية في مشهد ينافي تماما كونها مكانا يختص بمعالجة المرضي، ممر ضيق بين المبني والسور يوصلك إلي داخل الوحدة، مكان يتسم بالإضاءة الخافتة، وسوء التهوية، الغرف خالية من الأجهزة والأطباء، إلا من رحم ربي.. بعد معاناة للوصول إلي الطبيب المسئول لم نجد سوي طبيب الأسنان الخاص بالوحدة، فيقول، إن حال الوحدة بالوقت الحالي أفضل من قبل، ومع ذلك فهي غير مجهزة لاستقبال كافة الحالات نظرا لما تعانيه من نقص في المعدات والأطباء، ويتابع ان المسئولين وعدوا بتوفير الأطباء والمعدات خلال الفترة المقبلة وحاليا يعمل عدة أقسام بكفاءة مثل الأسنان والعلاج الطبيعي والمعمل، وهناك أقسام أخري لا تعمل مثل الجراحة والأشعة والعظام. ويؤكد انه في حالة وجود حالة حرجة لن يتم علاجها بالوحدة تقوم سيارة الإسعاف بنقلها مباشرا إلي أقرب مستشفي، ويشير لا تستطيع ان تخدم عدد سكان المنطقة في ظل الامكانيات المتاحة، فهناك أكثر من 17 عزبة تعتبر كتامة هي القرية الأم بالنسبة لهم وتختص الوحدة بمعالجتهم. أكوام القمامة بعد الخروج من الوحدة الصحية تجولنا اكثر داخل القرية لنجد أكوام القمامة في اكثر من مكان يلتف حولها الحيوانات الضالة، مما يمثل معاناة للأهالي.. من داخل ورشة صغيرة للأثاث، والعرق يتصبب من جبينه من مجهود العمل الشاق، يؤكد هاني عبد الله أحد ساكني القرية، أنه توجه إلي الوحدة المحلية اكثر من مرة للشكوي من انتشار القمامة ولإيجاد أماكن خاصة بعيدة عن المنازل والطرق الرئيسية وبالفعل لم تستجب الوحدة المحلية لطلبات المواطنين الذين يعانون بشدة من الأمر، فيقوم الأهالي بتنظيف الشوارع بمجهودات ذاتية. لم نستطع تفويت فرصة مقابلة فرد من عائلة الزعيم الراحل مصطفي كامل، داخل منزل ريفي بسيط تعيش السيدة عبد الوهاب قطب، صاحبة ال83 عاما، تقول والابتسامة لاتفارق وجهها أنها تعتز كثيرا كونها من عائلة مصطفي كامل، وعن أحوال القرية فتؤكد أنها لم تغادر القرية قط منذ طفولتها، والقرية الآن في حالة جيدة مما كانت عليه في سنوات ماضية، وانها لا تعاني إلا من ظروف المعيشة الصعبة وحالتها الاقتصادية. »ميت أبو الكوم».. تبحث عن ذكريات »السادات» الطرق متهالكة.. والإسعاف »مش موجود» خلال عودته من العمل، التقينا أحمد إبراهيم احد ساكني القرية، والذي يؤكد أن مياه الشرب تمثل أزمة كبيرة حتي الآن، فهي باختصار ملوثة وغير صالحة للشرب لما تحتويه من شوائب وغيره، ويضيف أن تلك المشكلة سببها الرئيسي هو عدم الانتهاء من ربط محطة المياه بالقرية بمحطة المياه البحاري بطوخ دلكه التي لا تفصلها عن القرية سوي كيلو متر، فيضطر الأهالي الآن إلي شراء المياه، أو استخدام فلاتر قبل أن يستخدمها في منزله، كما أن الجميع يقوم بتغيير أجزاء هذه الفلاتر شهريا بسبب كثرة الشوائب العالقة في المياه. طرق متهالكة يلتقط طرف الحديث محمود جمال (موظف)، فيقول إن مشاكل القرية متعددة بالفترة الراهنة، وتبقي المشكلة الأكبر هي الطرق المتهالكة، والتي تشهد حوادث متكررة يذهب ضحيتها الكثير، ولابد ان يعمل المسئولون علي رصف وترميم هذه الطرق في أسرع وقت ممكن، ويضيف جمال أن المواصلات تشكل مشكلة أيضاً بسبب عدم وجود موقف خاص بالقرية حيث يضطر الأهالي إلي انتظار السيارات القادمة من قرية طوخ دلكه، أو السير لمسافة كبيرة، مما يسبب معاناة يومية خاصة للموظفين الذين تقع مقر اعمالهم خارج القرية. توغلنا أكثر داخل القرية وبالرقب من منزل السادات، تحدثنا مع عبد اللطيف حسن (صاحب ورشة)، والذي يشتكي من الوحدة الصحية بالقرية والتي لا يقتصر دورها الضعيف سوي علي تطعيم الأطفال ورعاية الاسرة، بالإضافة إلي عدم وجود إسعاف مما يعرض حياة الجميع للخطر في حالة حدوث أي مكروه، ويطالب عبد اللطيف بضرورة إنشاء مستشفي بالقرية والتي تعد من أهم قري المحافظة، وبها كثافة سكانية عالية كما أنها ستخدم كافة القري المحيطة، ويضيف أن الرئيس الراحل السادات له فضل كبير علي هذه القرية، فقد حولها من مكان بدائي لا تعرف المدارس والخدمات الطبية والتعليمية طريقه، إلي مكان تتوافر به سبل الحياة الكريمة علي الرغم من الإهمال والمعاناة بالوقت الراهن. ويطالب علاء محمد، أحد أهالي القرية بضرورة تفعيل دور منظومة النظافة، فالقمامة المنتشرة في بعض المناطق بشكل مبالغ فيه تسبب أزمات صحية ونفسية للأهالي نتيجة للروائح والأمراض التي يمكن ان تنقلها، ويضيف أن مياه الشرب بعيدة عن مستوي النظافة المطلوب، فهي مليئة بالشوائب ويكون لونها ورائحتها سيئة في بعض الأحيان، ولذلك يلجأ الكثير إلي شراء المياه او الاعتماد علي مصادر أخري لجلب المياه، وهي مشكلة كبيرة أيضا تعاني منها القرية. اتجهنا في نهاية جولتنا إلي منزل أسرة السادات، وهو منزل ريفي بسيط يشبه باقي بيوت القرية، التقينا بإحدي قريبات الرئيس الراحل، فتقول إن السادات كان يحب كثيرا القرية والإقامة بها، وكان دائم الحرص علي زيارتها باستمرار والعمل علي تطويرها، وتضيف ان مياه الشرب هي أبرز المشاكل التي يعانون منها بالوقت الراهن فهي سيئة غير صالحة للاستخدام. الإهمال يضرب قرية »عرابي» تعديات علي منزل الزعيم..والمتحف وكر للمخدرات....ومنطقة »المزلقان» غارقة في الصرف كتب محمد العراقي : زعيم من طراز فريد..رفض العبودية..آمن بالحرية..تحدي الصعاب لأجل أن تظل كرامة المصري فوق كل اعتبار..مقولته ظلت عنوانا لوجدان الملايين وتوارثتها الأجيال كرمز لرفعة الرأس،.كيف لا وهو أول من تحدي الخديو..انه الزعيم المصري أحمد عرابي بن قرية »هرية رزنه » بالشرقية..الذي انتفض لأجل البسطاء متحديا الانجليز والخديو، وبالرغم من ان انتفاضته هو وجنوده كانت لاعادة بناء مصر لتفيق من كبوتها فإنها حاليا تعاني من الاهمال وانعدام الخدمات بل بلغ الحال إلي ان منزله استباحه البعض وتعدي عليه ناهيك عن الأفعال المشينة التي يعاني منها اهل القرية. بداية جولتنا في القرية كانت من الطريق القديم..»المطبات» والنتوءات طغت بطول الطريق اذا كنت تملك سيارة وتود الذهاب إلي هناك يجب ان تعتاد السير كالسلحفاء حفاظا علي سلامة سيارتك..شيئان آخران يجب إن تضعهم في الحسبان.. الأول هو ألا تتفاجأ من الرائحة الكريهة التي ستخترق أنفك بمجرد اقترابك من القرية، فالقمامة تتناثر علي احد جانبي الطريق ولم تجد من يهتم بها سوي »نباش» اختار ان يعبث بها ليحصل علي شيء يصلح له للبيع ويتكسب منه. الامر الثاني هو ان الصورة لن تختلف كثيرا عند الوصول لبوابة القرية الرئيسية حيث يوجد المزلقان الذي يفصل القرية لنصفين.. تحول هذا المزلقان إلي مقلب قمامة هو أيضا، ويعاني منه الأهالي علي الرغم من جهودهم الذاتية المبذولة لتنظيفه أولا بأول نتيجة إهمال شركات النظافة غير المفهوم؛ بل انه يمكنك القول ان القمامة احتلت قضبان المزلقان الذي يفصل بين شطري القرية وتقسمها إلي قسمين..أولهما يعرف ب »هرية البلد» ويحتل السواد الأعظم من القرية، وثانيهما يلقب بمنطقة المزلقان. الصرف الصحي حالة من الذهول ستصيبك بعد ان تفيق من صدمتك الأولي من القمامة، فالأمر تعدي القمامة ووصل إلي مرحلة الإهمال حيث تعاني القرية من ضعف شديد في الخدمات بل انك ستفاجأ ان القسم الأول وهو هرية البلد يتواجد به صرف صحي ولكن لا يتواجد به غاز..الأغرب أن القسم الثاني وهو منطقة المزلقان يوجد به غاز ولكن لا يوجد به صرف صحي، لتصنع كارثة أخري ستفاجأ بها من صرخات الأهالي الذين يستقبلونك مطالبين النجدة،والسبب في ذلك هو أن عدم تواجد الصرف الصحي جعل قاطني المنطقة يقومون بالصرف في »ترعة المسلمية» مما تسبب في جفافها وتحولها هي الأخري لمقلب زبالة بل أنها أصبحت وكرا للامراض يفتك بالأهالي والأطفال. ويقول د. رضا سليمان، أحد سكان القرية»يافندم انسي اننا قرية زعيم احنا بس عايزين نتعامل اي معاملة بس تنقذونا من الإهمال إلي بنعاني منه وبالأخص منطقة المزلقان إلي مفيهاش صرف مهما قدمنا شكاوي مابيحصلش حاجة وحتي معهد الأورام إللي كنا حاطين أمل انه هيحل المشكلة ماشفعلناش والمشكله هي هي » ويضيف أن اهمال مشكلة الصرف في هذه المنطقة جعل الاهالي يلجأون إلي تحويل الصرف الصحي الخاص بهم إلي ترعة المسلمية الامر الذي أدي إلي جفاف الترعة وجعلها مقلبا للزبالة بل انها اصبحت مصدرا للامراض واخطرها فيروس سي والكثير من الأمراض الاخري التي اصبح يعاني منها اهل هذه المنطقة.. ويوضح أن الاهالي لا يريدون سوي تفعيل القرار السابق والذي علي اثره تم تخصيص قطعة ارض لإنشاء منطقة للصرف الصحي الا انه مع قيام ثورة ال 25 من يناير توقف كل شيء ولم يهتم احد منذ ذاك اليوم بتنفيذ هذا القرار والحجة دائما: التكاليف الباهظة. بحر البقر وفي منطقة »هرية البلد» فحدث ولا حرج عن صور الاهمال.. فمظاهر الفوضي لا تنتهي، بداية من متحف الشرقية القومي الذي سيطرت عليه معالم الفوضي وتشققت جدرانه صارخة خوفا من الانهيار وضاعت نباتات الحديقة ليصبح المتحف وكرا لزجاجات الخمر والمخالفات والبلطجة يضاف إلي كل هذا القمامة التي اصبحت تغطي السواد الأعظم منه. ويقول كمال أبو ضيف،أحد سكان القرية : إن متحف الشرقية القومي تحول الي» خرابة» واصبح مرتعا للصوص والخارجين عن القانون وتشققت جدرانه حتي اصبحت ايلة للسقوط. الإهمال لم يتوقف عند هذا الحد بل امتد ليشمل المقدسات الدينية هذه المرة وبالأخص في مسجد الزعيم أحمد عرابي، ساحة المسجد احتلها الأطفال ليلهوا بها ويلعبوا الكرة ناهيك عن ان البعض منهم اصبح يستغل دراجات السلم المؤدية للمسجد ليلعب القمار »بالكوتشينه»، ولكن تبقي كارثة الكوارث وهي ان منعدمي الاخلاق لم يراعوا حرمة الاديان وحولوا حديقة المسجد إلي وكر ايضا لاعمالهم الدنيئه فانتشرت زجاجات الخمر والحقن المخدرة في ارجاء الحديقة ؛ناهيك عن وجود بعض الشعارات التي تتهم ثورة ال 30 من يونيه بأنها انقلاب. وبنبرة غاضبة يقول محمد باهي، أحد سكان القرية، : » إحنا عايزين حل.. حرام ان المسجد كمان محدش يحترم قدسيته واديك شايف ازايز الخمره والحقن إلي متنتوره وكل ما بننضف يجوا منعدمي الاخلاق دول يبهدلوها» ويضيف أن الامر لا يقتصر علي المسجد فقط بل في الوحدة الصحية ايضا والتي تعاني من نقص في الاطباء وتعمل بطاقة ضعيفة والادهي ان مدخلها اصبح مرتعا للمحال العشوائية. مقلب قمامة وفي النهاية تبقي الطامة الكبري وهو منزل الزعيم عرابي الذي شهد نشأته وترعرع به..ولكن قبل ان تفكر الذهاب في إليه ينبغي عليك اولا ان يرافقك خريطه حتي لا تضيع في متاهة الوصول إليه نتيجة كثرة الحواري التي يجب ان تجتازها لتصل إلي تلك الحارة الضيقة والتي بالكاد ستميز انها الطريق المؤدي للمنزل من خلال اللافتة المعلقة في بدايتها، علي بعد خطوات من هذه اللافتة ستقابلك صدمة اخري وهي مقلب القمامة الذي يسبق بيت عرابي..كارثة اخري ستفاجأ بها بمجرد ان تصل هو ان ذاك المنزل مغلق وموصد ناهيك عن حالته المزرية بل ان بعضا من منعدمي الضمير قاموا بالتعدي علي حرمته وقاموا بالبناء خلف الطوب اللبن المادة التي يتكون منها المنزل متسترين بطريقة صعب ان تكشفها الا بعد ان تقترب وتري الابواب التي تغطت خلف هذا السور.